نجيب محفوظ يقتحم الكوميكس بـ«اللص والكلاب»

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

بهدف استهداف شرائح جديدة من القراء، بدأت عدة دور مصرية في العمل على تحويل روايات كبار الكتاب المصريين إلى أعمال مصورة «كوميكس»، وكانت باكورة هذه الأعمال هى رواية (اللص والكلاب) لنجيب محفوظ، الحاصل على نوبل للآداب 1988، كأول عمل يطرح بهذه الصيغة التى تستهدف الشباب، إذ يتوقع أن تصدر روايات محفوظ فى شكل الكوميكس خلال الفترة المقبلة، ضمن أعمال أخرى تواكب الطفرة العالمية فى استهلاك الأعمال المصورة وهو مجال لا يزال النشاط الثقافى فى مصر متأخرا فيه، إلا أن التجربة الجديدة لم تعدم أصواتاً معارضة ترفض المساس بأعمال عميد الرواية العربية.

(ديوان للنشر) و(المحروسة للنشر) دشنتا أول عمل لنجيب محفوظ حول إلى شكل العمل المصور، وهو رواية (اللص والكلاب)، إذ وضع سيناريو القصة المصورة محمد إسماعيل أمين، وقدم الرسومات كل من الرساميْن ميجو وجمال قبطان، وهى باكورة تحويل جميع أعمال محفوظ إلى صيغة الأعمال المصورة، جنبا إلى جنب مع طرحها فى صورتها التقليدية كأعمال مكتوبة، ضمن مشروع أوسع يتضمن تحويل عدد كبير من النصوص الإبداعية المصرية والعالمية إلى صيغة الكوميكس كدفعة قوية لهذا الفن الذى بدأت النظرة إليه تتغير فى السنوات الأخيرة من كونه فن يقتصر على موضوعات الكرتون المقدمة للأطفال، إلى فن له مظلة واسعة تستهدف جميع الشرائح العمرية ويتناول طيفا واسعا من القضايا حتى أكثرها سوداوية وجدية. 

وقالت (ديوان) و(المحروسة) فى بيان لهما عن التجربة: «مثلما أوحت أعمال نجيب محفوظ لصناع السينما وفنانيها تقديم أفلام رائعة، فإن نفس هذه الأعمال قد أوحت لنا (مشروع نجيب محفوظ المصوَّر)، والذى يهدف لتحويل أعمال نجيب محفوظ إلى الوسيط البصرى المتمثل فى الروايات المصورة. ومثلما دشن محفوظ مرحلة جديدة فى تاريخ الرواية العربية، فإن تحول أعماله إلى روايات مصورة يدشن مرحلة جديدة فى تاريخ فن الكوميكس العربي»، وجاء اختيار رواية (اللص والكلاب) لتكون نقطة بداية المشروع تحديا كبيرا، كونها تحولت إلى عمل سينمائى من إخراج كمال الشيخ 1962، ما يستدعى مقارنة ما بين النسخة السينمائية والنسخة المصورة.

◄ اقرأ أيضًا | بعد أن تولى الطاهر مهمة الإشراف.. مثقفون يضعون رؤية جديدة لمتحف نجيب محفوظ

بدوره قال أحمد القرملاوي، مدير النشر بديوان، لـ «آخر ساعة»، إن مشروع نجيب محفوظ منذ أسسته ديوان وهو يستهدف مد أثر نجيب محفوظ إلى الأجيال التالية، ومن هنا تأتى خطوة طباعة أعمال محفوظ بشكل الكوميكس، بعد انتهاء طبع الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ، إذ تقوم فلسفة المشروع على تقديم الروائى الكبير بشكل معاصر ويخاطب لغة العصر والأجيال الأصغر، وتم العمل على روايتين سيتم إصدارهما فى شكل الكوميكس بعد رواية (اللص والكلاب)، ومن المتوقع خلال العامين المقبلين أن نكون قد قطعنا الشوط الأكبر فى مشروع تقديم نجيب محفوظ عبر بوابة الكوميكس، وهو مشروع يتضمن بنودا ومحطات أخرى لا تتوقف عند روايات الكوميكس وسيتم الإعلان عنها كل فى مرحلته».

تحويل روايات عميد الرواية العربية إلى كوميكس، لم يمر مرور الكرام إذ تعالت بعض الأصوات الرافضة للتجربة من حيث المبدأ، وهو ما عبر عنه الروائى يوسف القعيد، أحد أشهر تلاميذ محفوظ، للتجربة الجديدة، التى لم يتحمس لها، قائلا لـ «آخر ساعة»، إن الأفضل إبقاء أعمال محفوظ فى الشكل الذى ارتضاه لها، وهو شكل الرواية المكتوبة، لأن الصورة قد تعطى معنى واحدا لتفسير نص محفوظ الروائي وهو على العكس نص عطى الكثير من المعانى ويحث القارئ على التفكير والبحث عن معانٍ مختلفة وهو ما لا يتوفر فى الصورة التى تعطى تصورا واحدا للنص، كما هو حال السينما فرغم تحويل العديد من نصوص محفوظ إلى أعمال سينمائية إلا أنها لا تغنى عن قراءة أعماله الروائية المكتوبة، فما يعبر عن نجيب محفوظ هو أعماله الروائية المكتوبة فى المقام الأول والأخير.

وأشار القعيد، إلى أنه الأفضل الإبقاء على أعمال نجيب محفوظ كما هى فى شكلها المكتوب والحرص على إعادة طبعها وتوفيرها للقراء بصورة مستمرة تحترم مكانة محفوظ كأحد أهم الروائيين على مستوى العالم، لافتا إلى أن مسار روايات الكوميكس يمكن أن يستمر ولكن من خلال نصوص جديدة لمؤلفين جدد يقدمون إبداعا جديدا يتماشى مع الأعمال المصورة، ليصبح لدينا إنتاج أصيل فى هذا المجال دون المساس بروايات المبدعين السابقين الذين أبدعوا نصوصهم فى أشكال أدبية معينة تناسب ما أرادوه من توصيل رسالة إبداعية إلى القارئ. 

ورغم الاعتراضات فالواضح أن تجربة إنتاج أعمال كوميكس ستستمر فى الفترة المقبلة، إذ تعتزم (ديوان) إنتاج أعمال نجيب محفوظ الـ 55 فى شكل كومكيس، بالتعاون مع (المحروسة) التى تمتلك باعا كبيرا فى إنتاج أعمال الكوميكس للكبار، والتى أصدرت مؤخرا (البيان الشيوعي) لكارل ماركس وفريدريك إنجلز فى شكل كوميكس، كما أصدرت رواية (الجنية) لغازى القصيبى بالشكل ذاته، كما ترجمت رواية (الزميل) للكاتب اليابانى جارون تسوتشيا، وهو كاتب متخصص فى «المانجا» وهى التسمية اليابانية لفن الكوميكس، كما صدر كتاب (ترامب سيرة مصورة) للكاتب السياسى ورسام الكاريكاتير السياسى الأمريكى تيد رال.