فى العيد الـ90 للإذاعة المصرية .. الإذاعى الكبير حازم طه: «الراديو» صديق العمر l حوار

الإذاعي‭ ‬الكبير‭ ‬حازم‭ ‬طه
الإذاعي‭ ‬الكبير‭ ‬حازم‭ ‬طه

رضوى‭ ‬خليل‭ ‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬من‭ ‬عشاق الإذاعة‭ ‬ألا‭ ‬يعرفه،‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالإذاعة‭ ‬المصرية،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬شغل‭ ‬عدة‭ ‬مناصب‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬تظل‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬الأساس،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬حيث‭ ‬مازال‭ ‬يقدم‭ ‬برنامجًا‭ ‬إذاعيًا‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬“البرنامج‭ ‬العام”‭ ‬باسم‭ ‬“اضبط‭ ‬لغتك”،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الكلمات‭ ‬والتعبيرات‭ ‬الخاطئة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬البعض‭.. ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإذاعي‭ ‬الكبير‭ ‬حازم‭ ‬طه الذي‭ ‬حاورته‭ ‬“أخبار‭ ‬النجوم”‭ ‬بمناسبة مرور‭ ‬90‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬ينقل‭ ‬خبراته‭ ‬لأجيال‭ ‬من‭ ‬المذيعين بحكم‭ ‬وظيفته‭ ‬كمستشار‭ ‬التدريب‭ ‬والإنضباط‭ ‬اللغوي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬أخبار‭ ‬“الشركة‭ ‬المتحدة‭ ‬للخدمات‭ ‬الإعلامية”‭. ‬

90 عاما إذاعة مصرية.. ماذا تقول للإذاعة؟ 

“الإذاعة صديق العمر”.. عشقتها قبل حتى العمل بها.. 90 عاما في إزدهار وتألق، وستظل هكذا، ولكل من يقول إن الإذاعة تراجعت اقول له كلامك خاطئ  بل إنها مستمرة فى عطائها مع التكنولوجيا الحديثة ، والإذاعة فى العالم كله بالفعل موجودة فى كل مكان، ومازالت محتفظة بمكانتها على الرغم من ابتعاد الأجيال الحديثة قليلًا عنها.

  ما سبب حبك للإذاعة منذ الصغر؟

أحببت الإذاعة منذ طفولتي، وكان الراديو من أساسيات الحياة في بيتنا، وكان الاستماع لمسلسل الساعة الخامسة والربع من الثوابت، بالإضافة أن ابن خال والدتي - المأمون أبو شوشة - كان يعمل في الإعلام، وهو اسم لامع ونموذج في الإذاعة المصرية، فهو من النماذج التي جعلتني أحب الإلتحاق بالإذاعة، ومنذ طفولتي كان لدي كتب، ومازالت أملك مكتبة صغيرة، وكتاب “أنا” للعقاد قرأته وأنا في الصف الثالث الإعدادي، فكنت متدربا على القراءة، وكان الراديو ينتقل معي في كل مكان اذهب إليه، وفي مرحلة الإعدادية والثانوية، كنت أذاكر على الراديو في الريف، وحتى وقت السير بين الحقول كنت أصطحبه معي.   

  لماذا ألتحقت بكلية دار العلوم رغم حبك الكبير للإذاعة منذ الصغر؟

في البداية كنت أرغب في الإلتحاق بكلية الألسن وتعلم لغة أجنبية، لكن كلية دار العلوم ستعلمني العربية التي ستؤهلني للعمل الإذاعي، لأنني ركزت على الإلتحاق بالإذاعة، وأثناء دراستي بكلية دار العلوم كان الأساتذة يختاروني لقراءة النصوص والشعر بالمحاضرات، مما ساعدني على إجادة الإلقاء، وهو من أهم المقومات عمل الإذاعي.  

  ما المواقف التي لا يمكن نسيانها بالإذاعة؟ 

يبتسم ويقول: “يااااه”، مواقف كثيرة لا حصر لها، ألتحقت بالإذاعة عام 1974، وقضيت فيها كل مراحل عمري، ومن المواقف التي أتذكرها حاليا وقت تقديمي برنامج اسمه “يقدم هذا المساء”، وكان عبارة عن عرض للمواد التي تذاع في ذلك المساء، ومن المعروف أن بنهاية البرنامج يقول المذيع اسمه لكي يتعرف المستمع عليه، وما حدث أنني في أحد المرات ذكرت اسمي وخرجت بأغنية “عاشت الأسامي” لعادل مأمون، وبما أن وقتها الإذاعة تعرف بالإنضباط الزائد، ومراعاة القيم، أعتبروا أنه تصرف خطأ، وإنني أمدح في نفسي، وتم إيقافي عن العمل، ولم أنسى وقتها مقال الأديب الكبير خيري شلبي الذي نصفني فيها وكان عنوان المقال “عاشت الأسامي التي تحترم نفسها”، ودافع عني بما أنني كنت في بداية مشواري الفني، وهناك الكثير من المواقف التي لم ولن تنسى أيضا. 

  ولو سألتك عن الأوقات العصيبة؟ 

تحتاج لصفحات كثيرة لكي نتحدث عنها، منها موقف حدث عام 1977 في أثناء أعمال الشغب التي حدثت بسبب تحريك أسعار بعض السلع الإستراتيجية، وكنت أرافق وقتها الرئيس محمد أنور السادات في رحلة استقبال أحد رؤوساء الدول، وقام الرئيس بإلغاء زيارة الاستقبال، وعدنا بطائرة الرئاسة، وكان يوم صعب جدا، خاصة أنني كنت في بداية مشواري المهني. 

  صرحت بأن حوارك مع الفنان عمر الشريف الأصعب في مسيرتك المهنية.. لماذا؟

لأنه كان في آخر عمره، وكان عصبي جدا، مما جعلني طوال الوقت في حالة قلق من رد فعله، وقضيت معه حوالي 5 أيام في قطر، وكنت أراقب  تصرفاته التي كانت حدة مع أي رد فعل لا يعجبه، وهذا ما حدث عندما كنت أقوم بإدارة الندوة الخاصة به، وسأله أحد الصحفيين عن الفنانة فاتن حمامة، الأمر الذى رآه الشريف تجاوز واقتحام لحياته الشخصية، خاصة أن “سيدة الشاشة” وقتها كانت متزوجة من شخص آخر، وهذا ما جعل رد فعله عنيف، لكن حاولت تهدئة الأجواء وطلبت من صاحب السؤال الإعتذار له، لكن يبقى الحوار مع عمر ممتع وشيق، ولم أشبع من حكاياته، لكن للسن أحكام أخرى.  

  من الضيف الذي تأثرت به؟  

الشاعر السوري نزار قباني، لأنني كنت متأثر به في مرحلة الإعدادية، وكنت معجب بأشعاره، وحالفني الحظ في مقابلته وأنا طالب بكلية دار العلوم، عندما حضرت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والتي كانت تقريبا عام 1969، ولم أنسى هذا اليوم الذي رأيت فيه كبار العمالقة أمثال “نجيب محفوظ، أنيس منصور، يوسف السباعي”، وغيرهم، وكان نزار يشارك بكتاب جمع فيه مجموعة من قصائده، وثاني مرة قابلته كانت بتكليف من إدارة كلية دار العلوم لدعوته للمشاركة بمهرجان الشعر السنوي الذي كانت تقيمه الجامعة، وكانت وقتها احتفاءً بذكرى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وبالفعل تقبل الدعوة، وشرفنا في الكلية، وبعد ذلك طلبت اللجنة الثقافية إهدائه رسالة شكر وإمتنان على حضوره، وذهبت لإعطائه الرسالة، لكن للأسف كان قد سافر، وبعد ذلك بـ20 عاما، قابلته في قطر، وسجلت معه لقاء، وأعطيته الرسالة، وأندهش أنني مازلت محتفظ به بعد مرور كل هذه السنوات.  

  هل كنت تتمنى إستضافة شخصية بعينها ولم يحالفك الحظ؟ 

الكاتب والأديب الكبير نجيب محفوظ، لأنني قابلته من بعيد لبعيد، وكنت أتمنى محاورته. 

  ما شبكتك الإذاعية المفضلة؟ 

“البرنامج العام”، بيتي وعمري كله فيه، كنت أذهب من 6 صباحا وحتى الفجر، وهي شبكة متنوعة تلبي كل الاحتياجات الثقافية والفنية والسياسية، وكل الأخبار.. وأسمع أيضا إذاعة “القرآن الكريم” وجمال صوت المرتل محمود خليل الحصري وصديق المنشاوى، وهما أفضل من قرأ القرآن الكريم بالنسبة لي.. أيضا إذاعة “الأغاني”، خاصة الساعة 11 مساءً للاستمتاع بصوت “كوكب الشرق”، أم كلثوم. 

  بمناسبة الكلام عن “البرنامج العام” من رشحك للعمل بها؟

“بابا شارو”، وكان قد سمع مخارج الحروف لدي، ورواد الإذاعة كان لديهم نظرة لمخارج الحروف، والدفعة عندما تلتحق بالإذاعة تأخذ شبكة “البرنامج العام” “وش القفص”، خاصة المتألقون منهم في اللغة العربية والأداء الصوتي، حيث يعملون مباشرة في قراءة نشرات الأخبار، ويبدأ توزيعهم بـ”البرنامج العام”، يليها “صوت العرب” ثم “الشرق الأوسط”، ومن هنا بدأت في قراءة النشرات. 

  ماذا عن التليفزيون من كل هذه النجاحات الإذاعية؟ 

قدمت للتليفزيون في مسابقة عام 1975، مع زينب سويدان ومصطفى عرفة ومحمود سلطان، ودخلنا الامتحان، ونجحوا بينما تم رفضي، وحينها بررت الإعلامية تماضر توفيق رفضها بأن شكلي كان “طفوليا”، لكنني عملت لاحقا مراسلا تليفزيونيا لقناة “أوربت” ولقطاع الأخبار، ومازلت محتفظا بتسجيلات لرسائلي التلفزيونية.

  لو تحدثنا عن عملك الصحفي.. ماذا ستقول عنه؟ 

عملت في الصحافة لسنوات طويلة بمجلة “كل الناس” و”العالم اليوم” و”الأهرام العربي” و”الشرق” القطرية، وكلها موجودة في أرشيفي الشخصي، بالإضافة إلى كل ما كتب عني في الصحافة من أخبار وحوارات، كلها في الأرشيف، مع تسجيلات معظم برامجي الإذاعية، فأنا أملك مكتبة شاملة تضم كل هذه الأعمال المطبوعة والمرئية.

  بما أنك مشرف الإنضباط اللغوي بالقنوات التابعة لـ”الشركة المتحدة”.. ما تقييمك للجيل الجديد من المذيعين؟ 

عندما أقوم بتدريب مذيعين نشرة الأخبار، أبدأ معهم بقراءة أبيات الشعر والقصائد الرصينة، بهدف التمكن من القراءة بالتشكيل، وأنصحهم دائما بقراءة المقالات والجرائد والقرآن الكريم وأبيات الشعر، لكي يساعدهم على التناغم مع اللغة العربية، لأن الخطأ اللغوي يحسب على المذيع، لذا قدمت العديد من البرامج لتعليم اللغة العربية والقراءة الصحيحة، مثل برنامج “قطوف الأدب من كلام العرب”. 

  ما تقييمك لابنتك الإعلامية سارة حازم؟  

سارة رفعت رأسي، وهذا ليس كلام مدح، لكن بشهادة كل الأساتذة وزملائها بالمجال الإعلامي، وألتحقت بهذا المجال بعدما تأكدت أنها تحب العمل الإعلامي، ومنذ طفولتها وهي تحاور وتسجل ما تقوله، وتأثرت بقراءة النشرات، ولغتها العربية سليمة، وما يعجبني أيضا أنها تهتم بكل تفصيلة في البرنامج الذي تقدمه، وكثيرا ما تحدثني قبل تقديم برنامج “كل الزوايا” لكي تحصل على رأي في النطق أو التناول، وهذا ما أكد لي إنها وصلت لمرحلة من النضج الإعلامي، وأتذكر المذيع الرائع عماد الدين أديب كان قبل الهواء يقول “أنا بعمل الواجب دلوقتي”، فأهم مقومات المذيع الناجح المذاكرة الجيدة. 

  لو عاد بك الزمن للوراء.. ماذا كنت لتفعل؟ 

لكنت ركزت أكثر على اللغة الإنجليزية، لكنني اختارت “دار العلوم” لكي اجيد اللغة العربية، واخترت أن تكون الإنجليزية الاختيار الثاني، وأكتفيت بالحصول على دورات تدريبية لتعلمها، وبالتالي دفعت الثمن أنني جعلت العربية الأولوية، فأنا لم أستطع محاورة أي شخصية أجنبية.

  لو لم تكن إذاعيا لكنت؟ 

لكنت دبلوماسيا، لأن وقت امتحان الإذاعة قدمت في امتحان وزارة الخارجية للدبلوماسيين، لكن نجاحي بامتحان الإذاعة جعلني أصرف النظر عن العمل الدبلوماسي. 

  أخيرا.. من الشخصيات الملهمة في حياتك؟ 

الإذاعي والكاتب صبري سلامة والكاتب والأديب فاروق شوشة، أثروا جدا بحياتي المهنية والشخصية، فهم ليس فقط أساتذتي الذين تعلمت منهم، لأن العلاقة بيننا تخطت علاقة تلميذ بأساتذته، بل كانا السند والأصدقاء المقربين، وكانا – ومازالا - قدوتي في الحياة، وتأثرت جدا برحيلهما، لكن صداقتي ممتدة مع عائلتهما حتى الآن.

اقرأ أيضا : «هنا القاهرة» ..90 عاماً من الريادة عبر الأثير

;