الخلاف بين «نتنياهو» و»جانتس» لم يكن على شن الحرب ولا استمرارها، وإنما كان على طريقة إدارتها!! «جانتس» دخل حكومة نتنياهو بعد أحداث 7 أكتوبر (ربما بنصيحة أمريكية) لكى يجد بايدن وإدارته مaن يتحدثون معه فى حكومة متطرفة كانت أمريكا تتخوف منها منذ تشكيلها. لكنه - دخل الحكومة أيضاً - لكى يكون شريكاً أساسياً فى إدارة الحرب لأن حكومة نتنياهو لم يكن فيها من القيادات العسكرية السابقة إلا وزير الدفاع «جالانت» الذى لم يكن نتنياهو يريد أن يتركه ينفرد بالقرار فى القضايا العسكرية.
دخل «جانتس» ومعه «ايزنكوت» لمجلس الحرب، والاثنان كانا قائدين للجيش الإسرائيلى قبل العمل السياسى. لكن مناورات «نتنياهو» ابقت القرار فى يده وحده لتكون استقالة جانتس وزميله حتمية، وليخرج وهو يؤكد أنه مع الحرب، ومع توسيعها للشمال فى جبهة لبنان.. لكن الخلاف هو تصميم نتنياهو على غياب أى رؤية سياسية لإدارة الحرب وما بعدها لأن ما يهمه فقط هو استمرار الحرب ليبقى فى الحكم. بينما جانتس (ومعه قيادات الجيش) ترى أن إدارة نتنياهو تورطها فى عملية استنزاف طويلة أو احتلال سيكون باهظ التكلفة، وستضيع أى فرصة لاستعادة الرهائن أو لإحلال السلام!
حكومة نتنياهو تستعيد الآن وجهها الحقيقى كاملا كأشد الحكومات تطرفا فى تاريخ الكيان الصهيونى. سيحتفظ نتنياهو بالأغلبية البرلمانية التى تبقيه فى الحكم ولكنه سيفقد الكثير من القدرة على المناورة السياسية، وسيعيش فى صدام داخلى مع المعارضة، وخارجى مع الحلفاء فى مقدمتهم أمريكا، وسيظل نتنياهو على موقفه من رفض أى التزام بإنهاء الحرب أو الانسحاب الكامل من غزة بتأييد كامل من حكومته بمن فيهم «جالانت»، وزير الدفاع الذى سيكون محور الأحداث لسبب آخر غير دعوة «جانتس»، له للانضمام إليه، وهو رفضه لمشروع قرار إعفاء المتدينين من التجنيد وتصويته ضد هذا القانون الذى تبناه نتنياهو. وهو ما ينذر بنهاية قريبة للعلاقات بين الرجلين، ويعزز ما نشر فى الاسبوع الماضى عن مفاوضات نتنياهو مع شخصيات عديدة منها «ليبرمان»، المعارض لكى يخلفوا «جالانت»، فى وزارة الدفاع.. والخطر الذى يخشاه نتنياهو هنا هو الانشقاق داخل حزبه «الليكود»، ما يحرمه من بضعة أصوات تكفى لحرمانه من الأغلبية البرلمانية التى تبقيه فى الحكم!
الكرة فى ملعب «جالانت»، إذا استقال أو أقيل.. لكن الحسابات صعبة فى ظل هوس الحرب الذى يسيطر على الجميع!!
