كلمة السر

أحمد الجمال يكتب: الهجرة والحاوية

أحمد الجمال
أحمد الجمال

■ بقلم: أحمد الجمال

رغم أن هناك العديد من الأفلام التى تناولت قضية الهجرة غير الشرعية ومخاطرها، فإن فيلمًا واحدًا - برأيى - كان الأكثر قدرة على تحقيق هذه الغاية، وهو الفيلم الإسبانى «Nowhere» (الاسم التجاري: حاوية فى عرض البحر)، الذى يلخّص كل أشكال المآسى ومعانى الألم النفسى التى يمكن أن يمر بها المهاجرون غير الشرعيين مِمَنْ يستقلون مراكب الموت.

تدور أحداث هذا الشريط السينمائى الذى أُنتِج العام الماضي، وحقّق نسب مشاهدة عالية على إحدى منصات الأفلام العالمية، فى زمن افتراضى بالمستقبل، حول شاب وزوجته الحامل، يقرران الهروب من إسبانيا بعد أن قرّرت السلطات قتل الأطفال والنساء الحُبليات بسبب نقص الموارد الأساسية، فيدفعان آخر نقود بحوزتهما ويغامران فى رحلة محفوفة بالمخاطر للهجرة إلى أيرلندا، عبر الاختباء مع عشرات الأسر المماثلة داخل حاويات بضائع تحملها شاحنات لتنقلها إلى سفينة ستُبحِر لاحقًا إلى أيرلندا، لكن الأحداث تتصاعد على نحو صادم ومرعب.

ينكشف أمر المجموعة الموجودة فى الشاحنة التى تستقلها الزوجة، ويتم قتل الجميع، وتنجو هى بأعجوبة وتصبح وحيدة داخل الحاوية التى تسقط فى عرض البحر بسبب عاصفة جوية قوية، وتبدأ البطلة رحلة مأساوية للبقاء على قيد الحياة، مع رضيعتها التى أنجبتها داخل تلك العلبة الموصدة العائمة التى يتسرّب إليها الماء تدريجيًا، أملًا فى التئام شملها مع زوجها، لكن الأخير يقضى أثناء محاولة بائسة للوصول إليها وإنقاذها.

بغض النظر عن أن الفيلم لم يقدّم حلولًا لقضية الهجرة غير الشرعية ولم يتتبع جذورها، فإنه يبقى أفضل عمل فنى لامس الواقع المرير لمنْ يحاولون الفرار إلى المجهول، وهؤلاء كُثر، فوفق أحدث تقرير للمنظمة الدولية للهجرة، شهد العام الماضى وحده وفاة 8565 شخصًا على طرق الهجرة غير الشرعية.