العرض التفاعلي لتوت عنخ آمون.. أسرار الملك الصبي وعجائب الحضارة المصرية

الدكتور عيسى زيدان بجوار قناع الملك توت عنخ آمون
الدكتور عيسى زيدان بجوار قناع الملك توت عنخ آمون

شهد المتحف المصري الكبير على مدار الأشهر الماضية استضافة "معرض توت عنخ آمون التفاعلي" بالشراكة مع إحدى المؤسسات الإسبانية حيث تم تنظيم جولات في إطار التشغيل التجريبي للزائرين الذين تمكنوا من زيارة البهو العظيم والدرج العظيم، واللذان يضمان أكثر من 60 قطعة أثرية فريدة ذات أهمية تاريخية كبيرة.

- أهم قناع على كوكب الأرض

ووصف الدكتور عيسى زيدان، المدير العام للترميم ونقل الآثار بالمتحف المصرى الكبير، قناع الملك توت عنخ آمون يُعد أهم وأقيم وأغلى قطعة أثرية في العالم، ولم تُقدَّر بثمن. هذا القناع هو الأكثر شهرة حول مصر القديمة نفسها، حيث يُعتبر رمزًا للثراء والعظمة والفن المصري القديم الذي لا يُضاهى.

- رحلة عبر الزمن

فى رحلة عبر الزمن تستغرق 30 دقيقة، تتوافر باللغتين العربية والإنجليزية، يعود الملك الذهبى للحياة، من خلال عرض تفاعلى لقصة الملك الشاب توت عنخ آمون، عبر عرض بصرى وسمعى مبهر داخل  المتحف المصرى الكبير، بالشراكة مع مؤسسة مدريد آرتيس ديجيتالس الإسبانية.

- عرض تفاعلي 

اقرأ ايضا:مايا مرسي لجيهان زكي بعد تعيينها رئيسًا للمتحف المصري: منصب مستحق

وتابعت «بوابة أخبار اليوم» العرض التفاعلى لرؤية حياة الملك الأسطورى توت عنخ آمون، التى تمتد لأكثر من 3500 عام فى عمق التاريخ، التى تحيط بالشخص من جميع الجهات باستخدام أحدث أجهزة العرض الرقمية، لمعرفة عجائب وأسرار كنوز الملك، ابتداءً من أساطير خلق هليوبوليس، وصولًا إلى كنوز مقبرته.

يظهر الملك الشاب فى العرض التفاعلى متحدثًا إلى الحضور بملابس زاهية الألوان والفخامة المصرية القديمة، تارة يكون أمامك، وأخرى يجىء من الخلف فى عرض تفاعلى بزاوية 360 درجة، وموسيقى تصويرية ساحرة، تعزز روعة التجربة.

وأحد أهم التفاصيل المبهرة التى حرص العرض عليها مرور النهر بجوار الحضور، كما تمر من تحت أرجلهم حشرة الخنفساء أو «الجعران» المصرى القديم وسحالى الصحراء وسط مقابر القدماء، لتشعر الحاضرين بأنهم فى رحلة حقيقية يرافقهم فيها الملك.

تجربة غامرة في المتحف المصري الكبير

ويتضمن العرض رحلة الكشف عن مقبرة الملك الشاب، وهى الأشهر فى العالم بكنوزها الساحرة، مع صور نادرة من موقع الاكتشاف والمكتشف البريطانى هوارد كارتر.

- "كريزة" المتحف المصري الكبير

ووصف الدكتور عيسى زيدان، المدير العام للترميم ونقل الآثار بالمتحف المصرى الكبير، العرض التفاعلى للملك توت عنخ آمون بأنه «كريزة» المتحف المصرى الكبير، قائلًا إن العرض لاقى استحسان الكثير، وهى تجربة رائعة يتمكن بها الزوار من السير جنبًا إلى جنب مع الملك الصبى توت عنخ آمون، الذى أسرت قصته العالم لآلاف السنين، ليروا بأعينهم عجائب وأسرار عالمه، من أسطورة الخلق فى هليوبوليس، حتى كنوز مقبرته الخفية، ليستطيع الزائر من خلال العرض التفاعلى معرفة حياة الملك، وإرثه، وروائع الحضارة المصرية.

- 6 فصول في العرض التفاعلي لتوت عنخ آمون

- نشأة مصر واكتشاف أسرار هليوبوليس: الفصل الأول في العرض التفاعلي لتوت عنخ آمون

وأضاف زيدان أن العرض التفاعلى للملك توت عنخ آمون يتضمن 6 فصول، الأول نشأة مصر واكتشاف الأسرار القديمة لأسطورة هليوبوليس، حيث انبثق المعبود آتوم على التل الأزلى، من المياه الأزلية «نون»، ومنح الحياة للمعبودات والبشر، والولادة الأسطورية لتوت عنخ آمون بأيدى المعبود خنوم.

- عظمة مصر تحت سماء الليل

والفصل الثانى يحكى عظمة مصر تحت سماء الليل المتلألئ بالنجوم، التى تمثل جسد المعبودة نوت، حتى يشرق رع ويضىء الكون بنوره، ويستمتع الزائر بالإبحار على ضفاف النيل، والطبيعة الخلابة فى مصر القديمة.

- تفاصيل مصر بالألوان

ونحكي الفصل الثالث تفاصيل مصر بالألوان، التى تزين معابد مصر، والمناظر المفعمة بالحياة للملك توت عنخ آمون على عجلته الحربية، بالإضافة إلى المعبد التذكارى «أبو سمبل» للملك رمسيس الثانى.

- اكتشاف المقبرة

والفصل الرابع يتناول قصة اكتشاف المقبرة، واسترجاع أحداث الاكتشاف العظيم، والاستماع إلى كلمات هوارد كارتر وهو يصف هذا الكشف الأثرى المهم.

- العالم الآخر

وأشار «زيدان» إلى أن الفصل الخامس يكون فى العالم الآخر، داخل مقبرة توت عنخ آمون، ومشاهدة المناظر المصورة بعد أن عادت إليها الحياة، ويروى رحلة عبور الملك للعالم الآخر، ورحلته إلى الحياة الأبدية والخلود، ويستمتع الزائر بتجربة طقس «فتح الفم»، والتعرف على المعبودات مثل: أوزير، وحتحور، وأنوبيس،

- استكشاف العالم الأسطوري

 أما الفصل السادس والأخير فهو استكشاف العالم الأسطورى بمقبرة توت عنخ آمون، وما يدخر به من مقتنيات سحرية ورمزية، والنقوش الذهبية التى ترمز إلى الخلود، والعلاقة المقدسة بين الملك والمعبودات فى الحياة الأبدية.

وقال عمرو عبدالناصر، مدير المعارض المؤقتة والتشغيل الاستراتيجى، إن نموذج التشغيل فى المتحف المصرى الكبير نسعى من خلاله لأن نكون وجهة ثقافية عالمية تخدم الجمهور، هذه الوجهة بطلها الأول الآثار، ويخدم عليها أنشطة وفعاليات، منها سلسلة عروض تفاعلية مؤقتة، ومنها عرض توت عنخ آمون التفاعلى، إذ تتميز هذه العروض برواج كبير فى العالم وتم تنفيذها فى كثير من دول العالم، موضحًا أن تنفيذها قابل الكثير من المعوقات فى البداية أهمها التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ هذه العروض، لكننا نجحنا فى تنفيذ العرض على أكمل وجه.

- نجاح العرض التفاعلي

وأضاف عبدالناصر أن «العرض التفاعلى للملك توت عنخ آمون هو الأول من نوعه فى مصر، واستغرق تنفيذ القاعة أسبوعين، لكن التحضير لتنفيذ العرض استمر أكثر من عام، وفوجئنا بإقبال كبير على العرض التفاعلى للملك توت عنخ آمون، وصل الإقبال عليه فى أول 3 شهور فى فبراير الماضى إلى 100 ألف زائر، ولذا قررنا مد فترة العرض ثلاثة شهور أخرى». 

ولفت عبدالناصر إلى أن فكرة العروض المؤقتة قائمة على مبدأ التجديد وتنفيذ العروض بأحدث تكنولوجيا، مؤكدًا أن عرض الملك توت عنخ آمون يتنهى بنهاية الشهر الجارى.

- عرض كامل لمقتنيات الملك توت عنخ آمون

لأول مرة يرى الجمهور جميع مقتنيات الملك توت عنخ آمون وتعرض بشكل كامل منذ اكتشاف المقبرة على يد عالم المصريات هوارد كارتر بعد أن دله على مكانها الطفل حسين عبد الرسول، وسوف يرى زوار المتحف 5398 قطعة أثرية منها المقاصير والتوابيت الذهبية التى مثلت التحدى الأكبر فى مراحل النقل والترميم بالنظر لتفاصيلها المعقدة فى التركيب، وتعرض لأول مرة داخل المتحف على مساحة 7500 متر مربع، بعد تجميعها من عموم الجمهورية.

- صورة حية للإله آمون وملك مصر في سن صغيرة

الملك «توت عنخ آمون» يُعنى اسمه: الصورة الحية للإله «آمون»، الذى حكم مصر حين كان عمره 9 سنوات، حكم صغيرًا ومات صغيرًا.

ويعد أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، والده الملك «أخناتون» موحد الآلهة فى مصر القديمة، ووالدته «السيدة الصغيرة» التى لم يستدل على اسمها حتى الآن.

وتولى حكم مصر فى بداية العقد الثانى من عمره، بعد موت الأب الملك أخناتون، وحل الاضطراب فى مصر والقصر الملكى، وعمت الفوضى البلاد، وصار توت عنخ آتون، ابن السنوات التسع، ملكًا على عرش مصر.

- حياة ونهاية توت عنخ آمون

تزوج توت عنخ آتون من أخته الأميرة عنخ إس إن با آتون، ابنة أخناتون ونفرتيتى، كى تضمن ألا يخرج العرش من بين يديها، وثار الجميع على تراث أبيه أخناتون، وأجبروا توت عنخ آتون على تغيير اسمه إلى توت عنخ آمون واسم زوجته إلى عنخ إس إن آمون، وترك توت عنخ آمون تل العمارنة، وعاد إلى العاصمة التقليدية طيبة، وأدار البلاد من العاصمة الإدارية العريقة منف، ولم يكتب للفرعون الذهبى أن يولد له وريث ذكر يرث عرش آبائه وأجداده العظام. وذات يوم كان توت عنخ آمون يتريض فى صحراء منف وكان يركب الخيل، ويقود عربته الحربية، وسقط من فوقها، وأُصيبت ساقه، ومات بعدها بفترة قصيرة متأثرًا بتلوث جراحه ومرض ساقيه وقدميه، بعد حكم لمدة تسع سنوات.

- إنجازات وإصلاحات توت عنخ آمون

رغم فترة حكمه التى لم تتجاوز 10 سنوات فإنه أجرى إصلاحات فى تماثيل وأعمدة معبد الكرنك، وأنشأ المراكب المقدسة وشيد قصر «ملايين السنين» على الضفة الغربية، كما يرجع الفضل إليه فى تهدئة ثورة «تل العمارنة» التى قامت بسبب رغبة أبيه الملك «أخناتون» فى توحيد الآلهة وعبادة إله واحد هو «آتون» ونقل العاصمة من طيبة إلى المنيا، ونقل العاصمة مرة أخرى إلى طيبة، وأقنعه وزيره خبر خبرو رع آى بضرورة تعدد الآلهة ما ساعد على عودة الحياة لمسارها الطبيعى.

- اكتشاف مقبرة الملك الذهبي

خلال عام 1922 فى وادى الملوك، فى الرابع من شهر نوفمبر، تم اكتشاف مقبرته بشكل كامل، على يد عالم المصريات البريطانى كارتر بعد أن دله عليها الطفل حسين عبد الرسول.

كان الطفل ينقل بحماره المياه من نهر النيل إلى أهله من أبناء عبدالرسول، الذين يعملون فى الحفائر بوادى الملوك بالأقصر أوائل القرن الماضى، بعد أن اكتشف أن المياه تتساقط من الجرار التى يحملها، فقرر إعادة ربطها، ولدى وضعه إحدى الجرات على الأرض، ارتطمت بشىء صلب، فكشف عنه بفأسه الصغيرة، واتضح أنها درجة سلم. أبلغ الصبى الرجل البريطانى الذى قارب على اليأس من البحث عن مقبرة توت عنخ آمون طوال خمس سنوات «هوارد كارتر» الذى هدد اللورد جورج كارنارفون بوقف تمويل بعثته.

توجه كارتر إلى درجة السلم وتم الكشف عن 16 درجة تنزل إلى مقبرة، وحينما وضع كارتر رأسه، فى الرابع من نوفمبر 1922، داخل كوة تطل على المقبرة من الداخل قال «إنه يوم الأيام كلها».

دخل كارتر وفريقه التاريخ بأكبر الاكتشافات على الإطلاق، فقد شق طريقه داخل المقبرة عبر كميات من الكنوز الذهبية التى لم تمس ولم يسبق لها مثيل لملك فى العالم.

على باب غرفة الدفن وقف تمثالان خشبيان بالحجم الطبيعى للملك توت عنخ آمون يحرسان الغرفة، وفى الداخل برزت المقبرة الملكية للملك الشاب توت عنخ آمون، قدس أقداس الاكتشافات على مر العصور.

- أيقونة لمصر واكتشاف أثري هام

تعد مقبرة الملك توت عنخ آمون (1336-1327 ق.م) من الأسرة الثامنة عشرة ذات شهرة عالمية لأنها المقبرة الملكية الوحيدة بوادى الملوك التى تم اكتشاف محتوياتها سليمة وكاملة نسبيًا.

واحتل اكتشاف المقبرة العناوين الرئيسية فى صحف العالم، وصاحب ذلك ظهور التحف الذهبية والقطع الفاخرة التى اكتشفت بالمقبرة، وتعتبر المقبرة وكنوزها أيقونة لمصر ولا يزال اكتشافها أحد أهم الاكتشافات الأثرية. وعلى الرغم من ثرواتها المهولة، فإن مقبرة توت عنخ آمون رقم 62 فى وادى الملوك متواضعة للغاية من ناحية الحجم والتصميم المعمارى مقارنة بالمقابر الأخرى، فإن الحجم الصغير للمقبرة قد ضم 5398 قطعة أثرية، تعكس نمط الحياة فى القصر الملكى، وتشمل الأشياء التى كان توت عنخ آمون يستخدمها فى حياته اليومية مثل الملابس والمجوهرات ومستحضرات التجميل والبخور والأثاث والكراسى والألعاب والأوانى المصنوعة من مجموعة متنوعة من المواد والمركبات والأسلحة.

- قناع الموت الذهبي للملك توت عنخ آمون

كان الملك توت يقبع داخل أربعة توابيت جنائزية مذهبة، وكان يرتدى قناع الموت الذهبى على وجهه، ويصور الملك كإله يحمل العصا والمذبة وتم صقله من الذهب واللازورد والأحجار الكريمة بشكل مذهل من حيث دقة التصميم وبهائه، حتى ليظن أن من قام بصقله استخدم آلات حديثة وليست أيادى المصريين قبل ثلاثة آلاف عام.

ويمثل القناع جزءًا من الطقس الدينى الجنائزى المادى والرمزى المرتبط بالموت والبعث وحماية الملك جسمانيًّا فى آن واحد، وهو مصنوع من الذهب الخالص ويصل ارتفاعه إلى ٥٤ سم ويحتوى على تسعة كيلو جرامات من الذهب الخالص.

ويتكون قناع الملك توت من مرحلتين أو طبقتين من الذهب تم الربط بينهما عن طريق الدق وهو منقوش ومصقول ومُرصع بعدد من الأحجار الكريمة.

- أغرب مقتنيات توت عنخ آمون

«درع الصدر»، وهى عبارة عن صقر الإله حورس، أحد أعظم حماة الملوك المصريين، يحيط به 2 من الكوبرا، صُنعت من «اللازورد» وهو الجعران الأصفر، عبارة عن ندبة من الزجاج الصحراوى الليبى الذى يتوسط القلادة، ويمثل الإله المصرى «خبرى» المسؤول عن إعادة الميلاد، يمسكها من جانب زهرة اللوتس، وعلى الجانب الآخر زهرة ورق البردى.

وصنعت قلادة «درع الصدر» من أجل تتويج الشكل المركزى للملك توت عنخ آمون، وصممت على شكل قارب شمسى نحيف يقف على القدمين الأماميين ويحمل عين الإله حورس، وتم تجهيزها من هلال القمر من الذهب وقرص فضى مع صورة الآلهة، ويحيطها 2 من الكوبرا، ويدعمها ملصقات زهور اللوتس والبرديات ورؤوس بذور الخشخاش.

ويزين مركز قلادة «درع الصدر» بندبة كالسيدونى خضراء موجودة فى جسم الصقر، فهو يرمز إلى الشمس، ودعم الكفوف الأمامية ونصائح الأجنحة للإله حورس قارب سماوى يحتوى على العين اليسرى لهورس شعار القمر، الذى يتوج به قرص القمر الفضى مع هلال فى الذهب. ويصور الفرعون فى القرص الذى يحيط به إله القمر، والبريد من قبل الإله رع هورختى فى وضع واقعى، وتعبر أزهار وبراعم ورق البردى ونباتات اللوتس، التى تزين «القاعدة الصدرية»، عن شعارات مصر العليا والسفلى.