كارثة طبية هزت ضمائر البريطانيين.. فضيحة الدم الملوث تنتظر العدالة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بعد عقود من الصمت والتغاضي، يبدو أن فضيحة الدم الملوث التي أودت بحياة آلاف المرضى في بريطانيا قد تشهد أخيرًا لحظة حاسمة نحو تحقيق العدالة المنشودة، ففي أحد أكبر الفضائح الطبية التي هزت الرأي العام البريطاني، يُتوقع أن يوصي تقرير لجنة تحقيق رسمية بمحاكمة المسؤولين عن هذه الكارثة الإنسانية المروعة التي طالت أكثر من 30 ألف مريض تعرضوا للإصابة بفيروسات خطيرة كالالتهاب الكبدي الوبائي "سي" وفيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، وذلك جراء حقن بمنتجات دم ملوثة مستوردة من الولايات المتحدة خلال الفترة من سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي.

 

في واحدة من أكبر الفضائح الطبية التي شهدتها بريطانيا على الإطلاق، يُنتظر أن يدعو تقرير لجنة تحقيق رسمية إلى محاكمة المسؤولين عن فضيحة الدم الملوث التي أودت بحياة الآلاف، إذ سيُقدم التقرير النهائي للجنة التحقيق الرسمية المعنية بهذه الفضيحة المروعة يوم الاثنين، والذي من المتوقع أن يكشف عن تفاصيل صادمة حول إصابة أكثر من 30 ألف مريض بفيروسي الالتهاب الكبدي "سي" والإيدز في الفترة من سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي، بسبب منتجات دم ملوثة مُستوردة من الولايات المتحدة.

 

على الرغم من أن لجنة التحقيق لا تملك صلاحية تحديد المسؤولية الجنائية أو المدنية، إلا أنه من المتوقع أن يوصي تقريرها بمحاكمة المسؤولين، بما في ذلك أشخاص حاليين أو سابقين في النظام الصحي الوطني، ففي أعقاب التقرير، ستعلن وزارة الخزانة البريطانية عن حزمة تعويضات ضخمة يُتوقع أن تصل قيمتها إلى 10 مليارات جنيه إسترليني، حيث سيتم تمويلها عن طريق الاقتراض.

 

في هذا السياق، اعترف جيريمي هانت، وزير المالية البريطاني، بأن فضيحة الدم الملوث كانت "أسوأ فضيحة في حياته"، وأن الضحايا وعائلاتهم كان لديهم الحق في الغضب من جيل من السياسيين، بمن فيهم هو، لعدم التصدي لها.

كما قال هانت إن جميع السياسيين يجب أن يشعروا "بالخجل العميق لأنه استغرق الأمر وقتًا طويلًا لهذه الدرجة" حتى تمت معالجة هذه القضية.

 

على الرغم من أن فرص حدوث محاكمات جنائية قد تكون محدودة، إلا أن الخبراء القانونيين يعتقدون أن توصيات لجنة التحقيق بمحاكمة المسؤولين "ممكنة للغاية".

ويرى ديس كولينز، محامٍ متخصص في هذه القضية، أن مستوى المسؤولية الفردية والجماعية والنظامية الذي كشفته اللجنة يمكن أن يؤدي إلى اتهامات بالقتل غير العمد أو الإهمال الجنائي.

 

لكن حتى لو تمت هذه المحاكمات، فقد تكون هناك انتظارات طويلة أخرى لضحايا الفضيحة، نظرًا لتعقيد جرائم مثل القتل غير العمد للشركات. فمنذ تجريمها في عام 2008، لم تتم سوى بضع عشرات من القضايا فقط، مع حفنة قليلة فقط تتعلق بالنظام الصحي الوطني.

ويشير كولينز إلى أن الاختلافات في الثقافة المؤسسية والنظام القانوني قد تجعل المحاكمات أقل احتمالًا في بريطانيا مقارنة بفرنسا، حيث تم توجيه اتهامات بالقتل غير العمد لرئيس الوزراء ووزيرين سابقين في فضيحة دم مماثلة.

في هذه الأثناء، دعا كير ستارمر، زعيم حزب العمال، إلى "انتهاز هذه اللحظة لتحقيق العدالة أخيرًا" للضحايا الذين ماتوا دون الحصول على تعويضات. وقال ستارمر: "لا مزيد من الكلمات الرنانة، لا مزيد من البوادر الكاذبة - لقد حان الوقت للعدالة، آمل أن نرى هذا الأسبوع جداول زمنية وخططًا ملموسة لتحقيق ذلك - دون تأخير".