حرب أبدية .. لا «حل دائم» للقضية الفلسطينية

مواجهة شبه يومية بين الفلسطينيين والمستوطنين
مواجهة شبه يومية بين الفلسطينيين والمستوطنين

نوال سيد عبدالله

يعتبر يوم السابع من أكتوبر الأسوأ فى تاريخ دولة الاحتلال القصير، لدرجة سمحت للإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتشبيه عملية طوفان الأقصى بالنازية. ويواصل نتنياهو، منذ ذلك التاريخ، وعد جنوده بتحقيق ما يسميه «النصر الكامل»، على الرغم من تأكيد الصحف العبرية أنه حتى يصعب على جيش الاحتلال تعريف معنى «النصر الكامل».|

بالنسبة للفلسطينيين، يعتبر هذا العدوان الأسوأ منذ 75 عامًا. ولم يسبق أن استشهد وأصيب هذا العدد الكبير منهم منذ النكبة 1948. 

اقرأ أيضًا| رفح الفلسطينية تحت الحصار| نزوح 80 ألفًا من المدينة إلى المجهول.. و«الأونروا» تدق

والعدوان الإسرائيلى الحالى، ما هو إلا جزء صغير من خطة أكبر لاحتلال كامل ولدمج جميع الأراضى الفلسطينية فى دولة الاحتلال وإجبار الفلسطينيين على التخلى عن غزة بالكامل- وهى الفكرة التى أثارها بعض أعضاء حكومة نتنياهو، وفق تقرير مطول قوامه أكثر من 5000 كلمة نشرته مجلة فورين أفيرز.. فى أواخر القرن التاسع عشر، بدأ الصهاينة الأوائل تصور وطن لليهود فى فلسطين. ومع الوقت، أدرك الزعماء اليهود ونظراؤهم العرب أن التوصل إلى تسوية شاملة بينهم كان فى الأرجح مستحيلاً. 

وفى وقت مبكر من عام 1919، تنبأ الصهيونى ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام فى فلسطين. وأعلن مراراً وتكراراً أنه «لا يوجد حل». وخلص إلى أن تلك القضية يمكن تسويتها ربما بشكل محدود، ولكن لن يتم حلها أبدًا. 

ومع الوقت، زاد إيمان بن جوريون بأن فلسطين لا تسع اليهود والعرب جنبًا إلى جنب وأن خلافاتهم لا يمكن حلها؛ ولا مفر من الحرب.  وذات مرة، لم يخف بن جوريون عما بداخله تجاه غزة، قائلًا فى اجتماع لمجلس الوزراء إنه إذا كان يؤمن بالمعجزات، فإنه يتمنى أن يبتلع البحر غزة.

وعلى مدار 75 عامًا، فشلت معظم محاولات السلام، بدءًا من اتفاقات أوسلو فى أوائل التسعينيات إلى اتفاقيات إبراهيم عام 2020. وأرجع تقرير فورين أفيرز سبب الفشل غالبًا إلى عدم الالتزام بالحلول المستدامة.

فى عام 1947، اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دول يهودية وأخرى عربية، لكن العرب رفضوا الخطة حينها. 

وعلى استحياء حاولت بريطانيا تصحيح الكارثة التى صنعها وزير خارجيتها آرثر بلفور عام 1917 عندما وعد بوطن لليهود فى فلسطين. وقامت لندن بتعيين ما يسمى بلجنة بيل، التى أوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية - وهو الإعلان الأول لحل «الدولتين».

وحاليًا، يميز النهج الإسرائيلى بقيادة نتنياهو بالمراوغة بدلاً من الحل. وفى نهاية المطاف، أرجع تقرير المجلة الأمريكية أنه لا حل جذرى للقضية الفلسطينية، بل محاولات احتواء.

ويعتقد البعض أن حرب غزة المستمرة يمكن أن تؤدى إلى إعادة التفكير فى المعتقدات المتأصلة، إلا آن قرنًا إلا ربع من الفشل يظهر أن الحلول الكبرى قد لا تكون فعّالة. والبديل، رغم أن ذلك يعتبره البعض تشاؤمًا، هو إدارة الأوضاع القائمة بطرق فعالة لضمان وجود مكان أكثر أمانًا للفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين فى منطقة قد لا ترى السلام المستدام فى المستقبل القريب.