خالد حماد: موسيقى « مليحة » عبرت عن مخزون الحزن العربى l حوار

الموسيقار خالد حماد
الموسيقار خالد حماد

ندى‭ ‬محسن

استطاع الموسيقار خالد حماد أن ينقل ويترجم مشاعر الحزن، الألم، والقهر الذي يُعاني منه أبناء الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة بشكل واقعي وصادق، وذلك من خلال الموسيقى التصويرية لمسلسل “مليحة” الذي يتناول القضية الفلسطينية من زوايا عديدة ومختلفة، لكنه ركز على الجانب الانساني، وما يتخلله من مواقف وصراعات نفسية داخلية بالاعتماد على أوركسترا ضخمة إلى جانب صولو الناي الذي عزفه د. رضا بدير، والعود الذي عزفه د. ممدوح الجبالي، وصولو التشيللو الذي عزفه حسن معتز، وعلى النقيض قدم حماد الموسيقى التصويرية للمسلسل العائلي “إمبراطورية ميم” في ثانِ تعاون يجمعه مع المؤلف محمد سليمان عبد الملك، المخرج محمد سلامة، والنجم خالد النبوي.. وعن تلك الأعمال كان هذا الحوار.

نبدأ بالحديث عن الموسيقى التصويرية لمسلسل “مليحة” التي لعبت دورًا أساسيًا في وصف المشاعر الإنسانية التي يعيشها أبطال العمل بشكل دقيق.. ما السر في ذلك؟

السر يكمن في شعورنا وإحساسنا بحجم المعاناة والألم الذي يمر به الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة، لاسيما أن موقع مصر الجغرافي لا يبعد كثيرًا عن منطقة الصراع، وهناك مئات الشهداء من أبطال الجيش المصري الذين ضحوا بحياتهم فداء الوطن، لذا “وجعنا واحد”، ولدينا مخزون كبير من الحزن والألم الذي تجدد مرة أخرى مع العدوان والحصار على غزة، هذا المخزون الذي تُرجم من خلال الموسيقى بشكل واقعي ودقيق سواء فيما يخص الجزء الملحمي أو الإنساني في العمل.

  المسلسل تناول القضية الفلسطينية بكافة جوانبها الملحمية والإنسانية.. لكن لاحظنا أن التوجه الغالب على الموسيقى للجزء الإنساني.. لماذا؟

بالفعل قصدت التركيز على الجزء الإنساني والتعبير عن المشاعر الإنسانية المختلفة التي يمر بها أبطال العمل، وذلك لإننا بطبيعتنا الفطرية لدينا إحساس قوي بأوجاع الغير، ونتعاطف معها بشكل مُباشر، ويتفوق أيضًا الطابع الإنساني على الموسيقى، لإن العمل لا يتعرض للحرب والصراع بشكل مباشر، رغم وجود عدد من المشاهد التي تظهر العمليات الإرهابية، لكن العمل يرتكز في المقام الأول على مناقشة فكرة التهجير وحلم العودة للديار والوطن، لكننا أيضًا لم نغفل عن الجزء الموسيقي الملحمي والقومي للتأكيد على قوة المنطقة، وعدم استسلام شعبها.

  ارتكزت أثناء تأليفك للموسيقى التصويرية على 3 آلات رئيسية “الناي، العود، التشيللو”.. ما دلالتهم؟

كل آلة منهم تُعبر عن إحساس وشعور إنساني مُعين، مثلًا الناي يُعبر عن الحزن والشجن بشكل عميق، أيضًا العود من أقوى الآلات تأثيرًا على المشاعر الإنسانية، وحرصت على الإستعانة به لإنه آلة موسيقية مشتركة بين الثقافتين المصرية والفلسطينية، أما آلة التشيللو تعطي إحساس بـ”الدفا”، وجميع هذه الآلات أضافت للطابع الإنساني الذي ترتكز عليه قصة العمل، إلى جانب الإستعانة بأوركسترا ضخمة، وهذا ما تتطلبه الأعمال ذو الطابع الملحمي والإنساني.  

  كيف جاء اختيارك للفنان المغربي رضوان الأسمر ليُشارك بصوته في موسيقى العمل؟

ظللت لفترة أبحث عن صوت بمواصفات مُعينة، وطريقة أداء مختلفة أيضًا، إلى أن صادفت فيديو للفنان المغربي رضوان الأسمر عبر مواقع “السوشيال ميديا”، ووجدت في صوته وأدائه ما أبحث عنه، لذا قمت بمراسلته، والحقيقة أن صوته بطل رئيسي في العمل، ووجوده أضاف حالة خاصة، وأكد على تعزيز الوحدة العربية، لاسيما أن هناك جزءًا من أحداث المسلسل تم تصويرها في شمال أفريقيا.

  ما أهم مشهد بالنسبة لك في العمل؟

هناك العديد من المشاهد، أبرزها مشاهد المعارك في الحلقتين الثانية والثالثة، وأذكر إنني انتظرت لمرحلة ما بعد تصوير تلك المشاهد لوضع الموسيقى التصويرية حتى تتماشى بشكل دقيق مع الأحداث، لكن عادة لا ينتظر المؤلف الموسيقي لمرحلة ما بعد تصوير جميع المشاهد في الدراما التليفزيونية لضيق الوقت وكثرة المشاهد والحلقات. 

  ننتقل للحديث عن موسيقى مسلسل “إمبراطورية ميم” في ثانِ تعاون يجمعك بالنجم خالد النبوي والمؤلف محمد سليمان عبد الملك والمخرج محمد سلامة بعد مسلسل “راجعين يا هوى” الذي اندرج تحت تصنيف الدراما العائلية أيضًا.. هل تخوفت من المقارنة بين موسيقى العملين؟

لا أنكر إنني تخوفت من المقارنة في البداية، لاسيما أن السمة العامة للعملين واحدة، لكن بفضل الله وُفقنا في الخروج بعمل مختلف تمامًا على جميع المستويات، وساعدنا في ذلك التركيز على بعض التفاصيل الدقيقة التي خلقت حالة مختلفة تمامًا، وهو ما تحقق على سبيل المثال في الشخصية التي جسدها الفنان خالد النبوي، فقد أضاف لها تفاصيل عديدة ودقيقة على مستوى المظهر الخارجي، وعلى الرغم من أنها تفاصيل صغيرة قد لا يلاحظها الجميع، إلا إنها أضافت طابع مختلف للشخصية، وهذا الاختلاف إن دل على شيء فيدل على اهتمام القائمين على المسلسل بأدق التفاصيل التي صنعت دراما عائلية مختلفة.

  لماذا حرصت على المزج بين الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة في “إمبراطورية ميم”؟

تأليف موسيقى هذا العمل شكلت “مُعضلة” بالنسبة لي، وتحدِ كبير نظرًا لإن هناك عدد كبير من المشاهدين المُتعلقين بذكريات الفيلم الذي لعبت بطولته الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، لذا حرصت على إيجاد منطقة وسطى وزاوية جديدة مختلفة تمامًا يتحقق من خلالها عنصر الكلاسيكية والمعاصرة في آن واحد، خاصة أننا تخوفنا من التأثر بالفيلم، لكن بفضل الله وُفقنا في الخروج بعمل منفرد، لاسيما أن قصة المسلسل هي الأقرب للقصة الأساسية التي كتبها الأديب الكبير إحسان عبد القدوس، والتي كان بطلها رجل، لكن هذا لا يعني التقليل من القيمة الفنية الكبيرة للفيلم، وأعتبر أن الموسيقى التي صنعتها لهذا العمل لا تُشبه أي عمل شاركت به من قبل، حتى أن موسيقى الشجن التي تتخلل بعض المشاهد تحمل قدر كبير من الرقي والاختلاف.

اقرأ  أيضا : خالد حماد: الموسيقى ترمم عيوب الأفلام

;