«ميتا» تفرض رقابة على الآراء المؤيدة للفلسطينيين عالميا

عمالقة «السوشيال ميديا» يحاصرون غزة!

الكيان الصهيونى يواصل العمليات العسكرية الوحشية دون توقف
الكيان الصهيونى يواصل العمليات العسكرية الوحشية دون توقف

■ كتبت: دينا توفيق

◄ 1050 عملية إزالة للمحتوى بإنستجرام وفيسبوك

اليوم، تقدم الصور ومقاطع الفيديو المتداولة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، تمثيلًا واضحًا لحقيقة ما يحدث فى غزة وأكاذيب الكيان الصهيونى وجرائمه الوحشية ضد الفلسطينيين.

لقطات كثيرة مؤلمة لأطفال في غزة يتضورون جوعًا، وآخرون يبكون ألمًا وغيرهم أزهقت أرواحهم، ومعاناة من ظلوا على قيد الحياة دون منزل يؤويهم. ومع فضح جيش الاحتلال، وتضامن شعوب العالم مع الفلسطينيين دعمًا لقضيتهم، فرض عمالقة التكنولوجيا حصارا آخر على أهل غزة، بمراقبة «إنستجرام» و«فيسبوك»، بل يسعون لإخفاء الحقائق وما يدين الكيان الصهيوني، والآن يسعى الكونجرس لفرض الرقابة على «تيك توك».

منذ بدء العلميات بقصف غزة، لعبت وسائل التواصل الاجتماعى دورًا مؤثرًا فى تشكيل وجهات النظر الأمريكية والعالمية حول الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، لم تعر أى اهتمام للتأثير غير المسبوق لحملة الحصار والقصف الإسرائيلية على الأطفال والصحفيين فى قطاع غزة.

تترك استخدم لغة تعاطف لوصف عمليات قتل الإسرائيليين، وتحذف أى محتوى لدعم الفلسطينيين. وتعمل سياسات وممارسات «ميتا»، الشركة الأم لفيسبوك وإنستجرام، على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني على منصاتها فى موجة من الرقابة المشددة على وسائل التواصل الاجتماعى وسط الحرب الدائرة بين القوات الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية والتى بدأت فى 7 أكتوبر 2023. وقد تصاعدت الرقابة على خلفية أعمال عنف غير مسبوقة، مع مقتل أكثر من 30 ألف فلسطينى نتيجة للقصف الإسرائيلى المكثف والعمليات العسكرية الواسعة.

ترفض شركة ميتا تقديم أدلة تدحض التقارير التي تفيد بأنها تفرض رقابة على المحتوى المتعلق بغزة على منصاتها. فيما يحاول كل من السيناتور الديمقراطية «إليزابيث وارين» ونظيرها «بيرنى ساندرز»، للضغط على ميتا للرد على تقارير الرقابة حول الحرب الإسرائيلية على غزة.

◄ اقرأ أيضًا | الحرب الإسرائيلية تُفقد قطاع غزة آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية

ووفقًا لموقع «ذى انترسبت» الأمريكى، تصر ميتا على عدم وجود تمييز ضد المحتوى المتعلق بالفلسطينيين على منصاتها، لكنها فى الوقت نفسه ترفض تزويد وسائل الإعلام بأى دليل أو بيانات للرد على هذا الادعاء.

وفى رسالة أرسلها «مارك زوكربيرج»، الرئيس التنفيذى لشركة ميتا، فى ديسمبر الماضى، والتى نشرها الموقع الأمريكى لأول مرة، قدمت السيناتور وارين للشركة عشرات من الأسئلة المحددة حول جهود ميتا فى الإشراف على المحتوى المتعلق بغزة؛ وسألت عن العدد الدقيق للمنشورات حول الحرب، خاصة المنشورات المتعاطفة مع الفلسطينيين والداعمة لهم، أو التى تصور الدمار فى غزة ويتم إخفاؤها دون تفسير. 

وانخرطت شركة ميتا فى رقابة «منهجية وعالمية» على المحتوى المؤيد للفلسطينيين منذ اندلاع الحرب فى غزة أكتوبر الماضى.

وقد تم إثبات الاتهامات بالتحيز الممنهج ضد الفلسطينيين من خلال الأبحاث التى أجرتها جماعات حقوق الإنسان. حيث تم خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر 2023 توثيق  أكثر من 1050 عملية إزالة وعمليات قمع أخرى لمحتوى إنستجرام وفيسبوك الذى نشره الفلسطينيون ومؤيدوهم، بما فى ذلك ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.

«إن الرقابة على المحتوى المتعلق بفلسطين على منصات التواصل هى رقابة منهجية وعالمية، وهى نتاج لفشل الشركة فى الوفاء بمسئولياتها المتعلقة بالعناية الواجبة فى مجال حقوق الإنسان، وفقًا لما ذكره الموقع الأمريكى. وقامت ميتا بتطبيق ستة أنماط رئيسية من الرقابة غير المبررة على المحتوى الداعم للفلسطينيين وقضيتهم، بما فى ذلك إزالة المنشورات والقصص والتعليقات، وتعطيل الحسابات، وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع منشورات الآخرين، كما يتم تقليل رؤية المحتوى الخاص بالشخص ومدى انتشاره بشكل كبير.

وبعد مراجعة 1050 حالة، كان من بينها 1049 حالة تتعلق بمحتوى سلمى لدعم فلسطين تم حظره أو قمعه بشكل غير مبرر، فى حين تضمنت حالة واحدة إزالة المحتوى الداعم لإسرائيل. تتضمن الحالات الموثقة محتوى جاء من أكثر من 60 دولة حول العالم، باللغة الإنجليزية بشكل أساسى، وكلها تعبر عن الدعم السلمى لفلسطين، ويتم التعبير عنها بطرق متنوعة. وتبدو هذه أكبر موجة من قمع المحتوى المتعلق بفلسطين حتى الآن، فإن شركة ميتا التى لديها سجل حافل من حملات القمع واسعة النطاق على المحتوى المتعلق بفلسطين. ولسنوات عديدة، اعتذرت ميتا عن هذا التجاوز ووعدت بمعالجته، ولكن لم يحدث ولم يف سلوك ميتا بمسئولياتها المتعلقة بالعناية الواجبة فى مجال حقوق الإنسان، كما يتعارض مع الحقوق العالمية فى حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.

وكما جاء فى تقرير صدر فى فبراير الماضى عن منظمة AccessNow يفيد بأن شركة ميتا «قامت بتعليق وتقييد حسابات الصحفيين والناشطين الفلسطينيين داخل غزة وخارجها، حيث حذفت بشكل تعسفى قدرًا كبيرًا من المحتوى، بما فى ذلك توثيق جرائم جيش الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان». وتنبع أدلة الرقابة الموثقة التى استندت عليها المنظمة الحقوقية من نفس المخاوف التى أثارتها منظمات حقوق الإنسان والحقوق الرقمية فى مناسبات سابقة، كما حدث عام 2021، عندما أثارت خطط استيلاء السلطات الإسرائيلية على منازل الفلسطينيين فى حى الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة احتجاجات وعنف إلى جانب الرقابة على المحتوى المؤيد لفلسطين على فيسبوك وإنستجرام.

وفى تقرير صدر عام 2021، وثقت هيومن رايتس ووتش الرقابة التى فرضها فيسبوك على مناقشة قضايا الحقوق المتعلقة بإسرائيل وفلسطين، وحذرت من أن ميتا «تقوم بإسكات العديد من الأشخاص بشكل تعسفى ودون تفسير، مما يكرر على منصات التواصل اختلال توازن القوى وانتهاكات الحقوق التى نراها على الأرض.»

ويصف الباحث الأمريكى «مايكل كويت» بمشروع مجتمع المعلومات فى كلية الحقوق بجامعة «ييل» الأمريكية شركات التكنولوجيا الكبرى بأنها العمود الفقرى لدولة المراقبة القائمة على التكنولوجيا والتى تعمل على عزل وإخضاع الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية. وفى أعقاب الحرب الأكثر دموية فى غزة، تعرضت منصات مثل إنستجرام ويوتيوب وX للتدقيق مرة أخرى لدورها باعتبارها «ساحات مدن» حديثة. وكان هذا واضحًا من رد الفعل العنيف الأخير ضد إنستجرام المملوك لشركة ميتا بزعم حظر المستخدمين المؤيدين للفلسطينيين.

حيث أبلغ العديد من المستخدمين عن انخفاض مفاجئ فى عدد المتابعين والمشاهدات على «قصص» إنستجرام الخاصة بهم. لكن ميتا أرجعت ضعف الرؤية إلى خلل فنى ونفت أن يكون له أى علاقة بمحتوى المنشورات. ولكن تم تصنيف أكثر من 795 ألف محتوى عبر المنصات المملوكة لشركة ميتا على أنها «مزعجة» بينما تمت إزالة سبعة أضعاف عدد من المحتوى مقارنة بالشهرين بما قبل بدء العلميات العسكرية فى غزة، حسب موقع «ذا كوينت» الإخبارى الهندى. فيما كان هناك أكثر من 1009 انتهاكًا للحقوق الرقمية الفلسطينية التى وثقها المرصد الفلسطينى لانتهاكات الحقوق الرقمية بين حالات إزالة أو تقييد، وخطابات كراهية، وتحريض على العنف.

تدعم الولايات المتحدة الكيان الصهيونى وتسانده فى كل ما هو باطل، والآن تشهد واشنطن صدمة تواطؤ البيت الأبيض مع شركات التكنولوجيا الكبرى فى إهدار حق الفلسطينيين وكل من يدعمهم بفرض الرقابة عليهم. ومن الواضح أن القضية المطروحة والسؤال الأعمق حول من يمكنه تحديد المحتوى، لشعب حر ذى سيادة أم فئة حاكمة منعزلة ؟