فى الوقت الذى كان فيه وزير الخارجية الأمريكى «انتونى بلينكن» يزور إسرائيل يوم الجمعة الماضى، فى إطار جولة جديدة له بالمنطقة شملت مصر والسعودية قبل إسرائيل، كانت الولايات المتحدة الأمريكية متقدمة بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولى بخصوص الأوضاع فى غزة فى غمار حرب الإبادة اللاإنسانية التى تشنها إسرائيل على القطاع.
وقد انتهت جولة «بلينكن» للمنطقة ولإسرائيل، دون أن تسفر عن تقدم إيجابى، يؤدى إلى وقف الحرب المشتعلة منذ ما يزيد على الخمسة الشهور الماضية حتى الآن، ودون أن يتوقف حمام الدم المسفوح بالأراضى الفلسطينية، ودون أن تنتهى المجازر والمذابح التى ترتكبها إسرائيل هناك.
كما انتهت فى ذات الوقت الجمعة مسيرة مشروع القرار الأمريكى المقدم لمجلس الأمن بالرفض وعدم القبول وعدم الإصدار، نظراً لعدم الحصول على النصاب اللازم للموافقة عليه وإصداره، حيث استخدمت كل من «روسيا» و «الصين» حق «الڤيتو» الرفض على المشروع وكذلك رفضته الجزائر أيضاً، وهى العضو العربى الوحيد بالمجلس من الأعضاء غير الدائمين فى دورته الحالية.
أسباب الرفض كما أعلنتها الدول المعترضة، هى أن مشروع القرار الأمريكى لم يتضمن طلباً أو دعوة واضحة وقوية لوقف فورى ومستدام لإطلاق النار فى غزة،...، ولكنه تضمن مجرد تعريف بضرورة وقف إطلاق النار، وهو ما يمكن اعتباره استمراراً للخداع الأمريكى المألوف وكسب الوقت.
كما أنه لا يتضمن أيضاً رفضاً واضحاً لقيام إسرائيل باجتياح رفح، كى يمنع هذا الاقتحام، بل على العكس يعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لفعل ذلك.
ويرى المراقبون والمتابعون للنهج والسياسة الأمريكية فى هذه القضية، أن كل ما يهم الإدارة الأمريكية ليس هو الوقف الفورى لإطلاق النار ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين،...، وإلا ما كانت قد اعترضت على حزمة مشروعات القرارات التى قدمت لمجلس الأمن تطالب وتنص على ذلك، ورفضتها أمريكا جميعاً.
ولكن ما يهمها هو إعطاء إسرائيل الفرصة كاملة لتحقيق أهدافها المعلنة وأيضاً غير المعلنة من الحرب،...، وفى مقدمتها القضاء على الشعب الفلسطينى فى غزة، سواء بالقتل بالقنابل والصواريخ الأمريكية، أو القتل جوعاً، أو التهجير القسرى بعد أن حولت القطاع إلى خرابة لا تصلح للحياة.
ويرون أن الولايات المتحدة تحاول الآن تحسين صورتها وصورة الرئيس «بايدن» على وجه الخصوص التى تضررت كثيراً جراء المذابح الجارية فى غزة،...، وهو ما يمكن أن يؤثر بالسلب على الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة بعد بضعة أشهر من الآن.