صدى الصوت

إنجاز العرب المذهل

عمرو الديب
عمرو الديب

ليس تحيزاً، أو تحزبا، ً أو تأثراً  عاطفياً بكيانٍ عريقٍ مرموقٍ سخى فى عطائه.. كريمٍ فى وصاله، ولكنه التوصيف العلمى الدقيق، والتحديد المنضبط العميق لمفهوم ذلك اللسان العربى المبين، فحين نقول: إن لغتنا العربية هى أجمل لغات الأرض قاطبة لا يُعد ذلك كلاماً إنشائياً عاطفياً يمليه الانتماء، ولكنه حقيقة علمية موضوعية يعرفها الدرس اللغوى الحديث، وتؤكدها علوم الألسنية العصرية، فالعربية هى أخصب اللغات وأثراها وأقدرها على استيعاب الحادث والناشئ فى المسيرة الإنسانية على مختلف الأصعدة ، وكنت قد أشرت فى مقال الأسبوع الماضى إلى ذلك الحلم العربى الذى أوشكت مصرنا الكبيرة القائدة على تحقيقه عبر مجمع القاهرة اللغوى، وهو مشروع المعجم الكبير فى مقامٍ تأملى للثمرات اليانعة والنتائج الناضجة التى سطعت فى أفق معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى شهدت دورته الأحدث ظهور المجلد السادس عشر من المعجم الكبير..

الحلم الذى خطط له طه حسين، والرواد معه حتى يكون للعربية معجم وافٍ شامل عصرى مٌستوعَب وفق المناهج الحديثة، وهو ما تصدى لإنجازه مجمع القاهرة الذى أنجز للعربية من قبل «المعجم الوسيط»، ثم طوره وحدثه فى طبعة رائعة عصرية.. ولكى يكتمل مشهد توثيق العرب للسانهم أشير عبر السطور المقبلة لمشروع المعجم التاريخى .. ذلك الحلم العصى الذى بدأ فكرة فى القاهرة، وتعثر طويلاً حتى أنجز أغلبه حتى الآن اتحاد المجامع العربية بإشراف الأمين العام لمجمع القاهرة برعاية كريمة من سمو الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة وهو إنجاز ضخم يضم فى طبعته الورقية، والرقمية شهادات ميلاد لجل ألفاظ لغتنا العربية، ويحتضن السيرة الذاتية لكل مفردة معجمية على مدى  17 قرناً متى ظهرت فى العربية لأول مرة وكيف تطورت وتغيرت دلالاتها من عصر ما قبل الإسلام إلى الآن .. وقد مثل العمل فى ذلك المشروع الطموح صورة ناصعة رائعة للتضامن العربى والتعاون المخلص بين الأشقاء لتحقيق حلم ملايين الناطقين باللسان العربى الشريف، إذ أسهمت فى إعداده وتنفيذه عشرة مجامع لغوية عربية، ويقتضينا الإنصاف أن نشير أيضاً إلى مشروعٍ طموحٍ مماثلٍ شاهقٍ حقا،ً وهو معجم الدوحة التاريخى الذى توفر على إنجازه حشد من العلماء واللغويين العرب برعاية قطرية تحت إشراف العالم المغربى الكبير د. عز الدين البوشيخى ، حيث تتبدى صورة أخرى رائعة للتضامن العربى، وتنسيق الجهود من أجل خدمة أمتنا العربية ذات المجد التليد .. وهكذا علمتنا مصر الكبيرة أن نكون دوماً منصفين، وأن نتحلى بالموضوعية فى كل وقتٍ وحين.