الشيخ عمر البسطويسى: تحويل القبلة بيان لمكانة النبى وتسليم لأوامر الله

الشيخ عمر البسطويسى
الشيخ عمر البسطويسى

كان تحويل القبلة حادثة فارقة فى تاريخ الدعوة الإسلامية، فعن عائشة رضى الله عنها قالت: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن اليهود قوم حُسد وإنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين».. فما هى الحكمة من تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة وموقف الصحابة فيها؟ عن هذا يقول الشيخ عمر البسطويسى من علماء الأزهر الشريف: عندما قدم النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كان يستقبل بيت المقدس فى صلاته وبقى على ذلك ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، كما ثبت فى الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبلة البيت الحرام، ثم أمره الله سبحانه وتعالى باستقبال الكعبة بالبيت الحرام قال تعالى: «فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره»، والحكمة من تحويل القبلة أنها محنة ابتلاء ليتميز الصف فيعرف من يعبد هواه ومن هو سريع الاستجابة لأوامر الله والشرع حتى لو تعارضت مع أهواء النفس وتصادمت مع أذواق الناس، قال الإمام ابن القيم: تحويل القبلة حكمة عظيمة ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين، فالمسلمون قالوا: سمعنا وأطعنا قال تعالى: «قالوا آمنا كل من عند ربنا» وأما المشركون قالوا : كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع لديننا، واليهود قالوا: خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبيا لكان يصلى إلى قبلة الأنبياء، والمنافقون قالوا: ما يدرى محمد أين يتجه؛ إن كانت الأولى حقا فقد تركها وإن كانت الثانية هى الحق فقد كان على الباطل، فعن سعيد بن جبير قال: لقينى راهب فقال يا سعيد فى الفتنة يتبين من يعبد الله ومن يعبد الطاغوت.



ويضيف لتحويل القبلة أبعاد سياسية إنها جعلت الجزيرة محور الأحداث وأبعاد تاريخية أنها ربطت العالم بالإرث العربى لإبراهيم عليه السلام أما بعدها العسكرى فقد مهدت لفتح مكة والبعد الدينى أنها ربطت القلوب بالحنيفية وميزت الأمة الإسلامية عن غيرها ومن ثم تحويل القبلة نعمة من نعم الله علينا وإشارة إلى انتقال القيادة والإمامة فى الدين من بنى إسرائيل إلى العرب وبيان مكانة النبى صلى الله عليه وسلم واستجابة الله لدعائه قال تعالى: «قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها»، وأيضا إثباتا لنبوته صلى الله عليه وسلم فقد أخبره رب العزة بما سيقوله اليهود عن تحويل القبلة، أما موقف الصحابة من الحدث فكان كمال التسليم والانقياد لأوامر الله، فقد سارعوا بالتوجه جهة المسجد الحرام بل إن بعضهم علم التحويل فى صلاته فتوجه إلى القبلة الجديدة.

اقرأ أيضاً | محطات عالم أزهرى تكشف مسيرة كبار العلماء

ونتعلم منهم معنى الأخوة فحين نزلت الآيات التى تأمر المسلمين بتحويل القبلة تساءل المؤمنون عن مصير إخوانهم الذين ماتوا وهم يصلون جهة الأقصى، فأخبر الله عز وجل أن صلاتهم مقبولة لقوله تعالى: «وما كان الله ليضيع إيمانكم»، وإن أمتنا هى الأمة الوسط فى التفكير والارتباطات حتى فى المكان فهى فى سرة الأرض وأخيرًا قبلتنا تذكرنا بتوحدنا وتوحيدنا على اختلاف البقاع والجنسيات.