الجامع الأزهر يواصل ترسيخ القِيم الأخلاقية لدى النشء 

 ملتقى الطفل  بالجامع الأزهر الشريف
ملتقى الطفل بالجامع الأزهر الشريف

عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور أحمد عبد الله، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.

اقرأ أيضا: جناح الأزهر بمعرض الكتاب يناقش كتاب «لصوص الأرض.. قضية حية وشعب أبيّ»

في البداية أشار الباحث إلي الآيات التي تحث علي الصبر، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، وقال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾.

 

 وعرَّف فضيلته الصبر بأنه الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسياً وتحملها بروح عالية ونفس طيبة دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الاخرين وهو واجب عند المصائب، والصبر نصف الإيمان، وركنٌ من أركان الرضوان، وطريق الوصول إلى الرحمن، فلا عجبَ إذ أكَّد المولى سبحانه وتعالى في طلبِه، وجعله من عزم الأمور، ورتَّب عليه مزيد حبِّه وقربه، ووعد مَن اتصف به عظيم الأجور، وجعله في هذا الوصف الجليل شريكَ الأنبياء والمرسلين، فإنهم صلوات الله وسلامه عليهم أشدُّ الناس بلاءً وأعظمهم محنة، ما مِن رسول إلا أوذي بأنواع الأذى، وأُصيبَ بأنواع الشدائد، فما كلَّت له عزيمة، ولا ضعُفت له قوة، ومثلهم عبادُ الله المقربون، ولقد لقي نبيُّنا صلى الله عليه وسلم مِن قومه ما يُفتِّت الأكباد ويُذيب القلوب، فما جزع ولا قلق، وما كان جوابه إلا أن يقول: (اللهم اهدِ قومي؛ فإنهم لا يعلمون).

 

 وأوضح د. أحمد أن مَن أراد الله به خيرًا ابتلاه، فإن أعد للبلاء قلبًا صبورًا ونفسًا راضية مطمئنة، كان له الحظُّ العظيم، والأجر الكريم، ونال مِن مولاه ما يتمنَّاه، وأما إن جزع وسخِط، فما جزاؤه إلا الحرمان من الأجر، فضلًا عما ارتكبه من الوِزْر، ولا رادَّ لِما قضاه الله. ونحن مكلَّفون بالواجبات، وممنوعون من المحرَّمات، وهذان قسمان من أقسام الامتحان، إن صبرنا على أداء الواجب، وصبرنا عن فعل المحرَّم، كان جزاؤنا كبيرًا، وأجرنا عظيمًا.

 

 وبيّن الباحث أن الله يبتلي عبادَه بالنعمة كما يبتليهم بالمصيبة؛ فالصحة نعمة، والعافية نعمة، والقوة نعمة، وسلامة الجوارح نعمة، والمال نعمة، والأولاد نعمة، والجاه نعمة، ونِعَم الله لا تُعَد، ومِنَنه لا تحصر، وربما كان الصبر على النعمة أشدَّ مِن الصبر على المصيبة، والصبر على النعمة بشكر المنعِم، والقيام بما أمَر، والانتهاء عما عنه زجَر. فهنيئًا لمن كتبهم الله من الصابرين، فنالوا مقامات الصدِّيقين المقرَّبين، أولئك الذين ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾.

 

 قال ﷺ (ما يصيب المؤمنَ مِن نَصَب ولا وَصَب، ولا همٍّ ولا حَزَن، ولا غَم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه)، وروى مسلم: (ما من مسلم يُشاك الشوكة فما فوقها، إلا كتب الله له بها درجة، ومُحيت عنه بها خطيئة).

 

وأشار فضيلته إلي أنه من رحمة الله بعبادِه أنْ أخبرهم بالبلايا قبل حلولِها، وبالمصائب قبل نزولها؛ ليُوطِّنوا أنفسهم على الصبر والتسليم، والرضا بتقدير العزيز العليم، وجعل في هذه المصائب تطهيرًا لأمراض القلوب، ورجوعًا إلى علَّام الغيوب، وتذكرةً بحقارة الدنيا وهوانها، واستصغارًا لأمرها وشؤونها، والصابرون هم الراضون بقضائه على بلائه، الذين يقولون عند صدمة المصيبة: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، ثم بشَّرهم ببشارتين: صلوات من ربهم ورحمة، وزادهم الهداية علاوةً، فنعمتِ البشارتان ونعمتِ العلاوة. 

 

ومن جانبه تناول الدكتور أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح كان وأخواتها، حيث قام بتعريفها وبين حالات إعرابها ومواضعها، فهي أفعال ناقصة ناسخة تدخل على الجملة الأسمية (المبتدأ والخبر)، فترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها، وأوضح كونها ناسخة، لأنها تحول المبتدأ والخبر إلى اسم لها وخبر لها، بدلا من الابتداء والخبر الدال على المبتدأ، وسميت ناقصة لأنها لا تكتفي بالمرفوع، بل لابد لها من منصوب. 

 

كما أوضح الباحث الفرق بين الفعل الناقص والتام، موضحا ذلك بالأمثلة، كما ذكر أخوات كان وهي (أصبح، أمسى، أضحى، بات، صار، ظل)، وبيَُن عمل كل فعل منهم ودلل على ذلك بالأمثلة التوضيحية.

 

وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة. 

 

يذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.