بينى وبينك

ثقافة السؤال

زينب عفيفى
زينب عفيفى

فى إحدى طرقات معرض القاهرة الدولى للكتاب، استرق سمعى لحوار طريف دار بين ابن وأبيه، وهو يحاوره: من أين أتيت بكل هذه المعلومات؟، فكلما سألتك سؤالا أجبت عليه؟ رد عليه الأب الخمسينى: لأنى سألت أبى مثلك!

يبدو أن إجابة الأب أثارت دهشة الابن فسأله: ماذا لو اختفى السؤال من حياتنا؟ أو من يرون فى السؤال قلة معرفة؟

ابتسم الأب قائلا:«السؤال مصدر المعرفة، والعقل الذى لا تزوره الأسئلة يظل مغلقا على ذاته، يبقى باردا، متجمدا، ومن يتكبر على السؤال يظل جاهلا طول عمره، لأن السؤال والجواب، ولدت منهما الدهشة التى تضئ ظلام الجهل. ».. أثارنى كلام الأب الذى اعتقد أن الإبن لم يفهم منه شيئا لحداثة عمره. فالتفت نحوهما كى ألمح رد فعل الإبن، لم أجدهما لقد اختفيا.

وظل السؤال عالقا فى ذهنى كلنا مولدون بالسؤال: من أين جئنا؟ وإلى أين نذهب؟، هذه الأسئلة الوجودية التى نتج عنها ملايين الأسئلة واختلاف الإجابات، ومازالت تتناسل بتناسل البشر، كان أول درس تعلمناه فى كلية الإعلام «الفايف دبليو» أو ما تسمى بالشقيقات الخمس؟ ماذا؟، ما؟، أين ؟، متي؟ والسؤال الخامس هو كيف؟ هذه الأسئلة الخمس قادرة على منح مساحة كبيرة للمعرفة إن لم تكن هى بديهيات المعرفة، فهى تعكس الحياة بكل ما فيها وتفسر أحيانا كثيرًا من طلاسمها.

المثل القديم يقول «لقد أفتى من قال لا أعلم» ولكننا نجد الكثيرين فى حياتنا يخوضون ويحللون فيما لا يعرفون لمجرد جذب انتباه أو نيل شهرة كاذبة، وهم لا يدرون أنهم يضللون أبرياء لا يعرفون الكثير عما يدور حولهم، وهذا أذى كبير لو يعلمون، فالسؤال لا يعيب أحدًا، والاعتراف بعدم المعرفة معرفة. وقد أمرنا الله فى قوله الكريم «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون». والمقصود بأهل الذكر رجال الدين والعلم» وهو إعلاء للمعرفة.