عاجل جدًا

طلاق كل ١١٧ ثانية

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

لدينا حالة زواج كل 34 ثانية، ومولود كل 14 ثانية، وحالة طلاق كل 117 ثانية

هذه التصريحات الخطيرة جاءت فى بيان للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وأضاف البيان أن حالات الطلاق فى مصر وصلت عام ٢٠٢٢ إلى ٢٧٠ ألف حالة من إجمالى حالات الزواج وعددها ٩٢٩ ألف حالة.

هذه الأرقام الخطيرة التى أعلنها جهاز التعبئة والإحصاء تعنى أن معدل حالات الطلاق فى مصر هو ١ إلى ٣، أى أن هناك زيجة من كل ثلاث زيجات تنتهى بالطلاق ربطت بين هذه الأرقام وبين ما أعلنته أخيراً دار الإفتاء، والتى أكدت فى أحدث تصريحاتها أن ٦٥٪ من إجمالى

الفتاوى التى استقبلتها الدار خلال عام ٢٠٢٣ كانت فتاوى خاصة بالعلاقات الزوجية والأسرية والطلاق والأحوال الشخصية، ولو علمنا أن عدد الفتاوى وصل إلى مليون وستمائة ألف، فمعنى ذلك أن عدد فتاوى الزواج والطلاق وصل إلى ٩٠٠ ألف فتوى.

كل هذه الأرقام والتصريحات، غريبة وخطيرة تستحق التوقف، والتأمل، والحذر، وتستحق قبل كل شىء الدراسة والبحث فى الأسباب.
ماذا حدث للأسرة، ماذا أصاب العلاقات الزوجية، وما ذنب الأبناء فى كل ما يحدث.

يقول بعض المغرضين أن حالات الطلاق زادت بسبب الخلع، والحقيقة أن الخلع ليس سبباً للانفصال، ولكنه مجرد وسيلة للانفصال، عن زوج لم تعد الزوجة تطيق الاستمرار معه، وقد تكون الزوجة على حق واكتشفت فى زوجها عيوباً تستحيل معها العشرة، وقد تكون الزوجة مخطئة، لكنها تكره العيش مع زوجها، كما قالت امرأة ثابت بن قيس حينما أتت النبى صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه فى خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة،
وفى كل الأحوال فالخلع رحمة بزوجة لا تطيق الحياة مع زوجها أيا كانت أسبابها، ولن يكون فى إجبارها على الاستمرار مصلحة الزوج أو الأسرة،
أعرف كثيراً من حالات الخلع لجأت إليها الزوجة لتقاعس الزوج عن تحمل المسئولية، ورفضه النظر للحياة الزوجية على أنها شراكة، وشعورها بأنها تتحمل ما يفوق قدراتها، داخل البيت وخارجه، إلى جانب تحملها مسئولية الزوج نفسه.

عموما العلاقات الأسرية مسألة خاصة جدا، ولا يستطيع أحد الحكم عليها إلا الزوجين، ولكن المؤكد أن قرار الانفصال ليس سهلاً على أى طرف، ولا يوجد زوج طبيعى أو زوجة طبيعية، يلجأ ببساطة لهدم حياته وبيته، إلا إذا أصبح فعلاً لا يطيق هذه الحياة.

أتصور أننا كأباء وأمهات ومؤسسات دينية وتعليمية وثقافية، فى حاجة لتوعية أبنائنا المقدمين على الزواج بطبيعة هذه العلاقة المقدسة، وما ينبغى أن يسودها من حب واحترام، ليس بمنطق الحقوق والواجبات والمسئوليات، ولكن بالمنطق الذى شرعه الله، وهو السكن والمودة والرحمة.