عاطف الطيب .. مخرج الشارع

محمد كمال
محمد كمال

هو‭ ‬أحد‭ ‬فرسان‭ ‬جيل‭ ‬الثمانينيات‭ ‬الذين‭ ‬لقبوه‭ ‬بمخرج‭ ‬الواقعية‭ ‬الجديدة،‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬هو‭ ‬همه‭ ‬الأول‭ ‬ومصدر‭ ‬إلهامه،‭ ‬حملوا‭ ‬في‭ ‬عاتقهم‭ ‬إبراز‭ ‬مشكلات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومنغصاته‭ ‬وأفكاره،‭ ‬وعلاقة‭ ‬الشعب‭ ‬بالحكومات،‭ ‬التعبير‭ ‬بصدق‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬التغيرات‭ ‬السياسية‭ ‬منذ‭ ‬حركة‭ ‬يوليو‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬الركود‭ ‬السياسي‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬والتحولات‭ ‬الجذرية‭ ‬التى‭ ‬شهدتها‭ ‬الشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أعوام،‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المخلصين‭ ‬لهذه‭ ‬الحقبة‭ ‬ولتلك‭ ‬التجربة،‭ ‬بل‭ ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬المخرجين‭ ‬قربا‭ ‬من‭ ‬الجماهير،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬البسطاء‭ ‬كانوا‭ ‬أبطال‭ ‬أفلامه،‭ ‬أو‭ ‬لأسلوبه‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬جيله‭ ‬الذين‭ ‬جنحوا‭ ‬غالبا‭ ‬للرمزية،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬أعماله‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬المصري،‭ ‬لهذا‭ ‬أُطلق‭ ‬عليه‭ ‬لقب‭ ‬“مخرج‭ ‬الشارع”،‭ ‬هو‭ ‬المخرج‭ ‬الراحل‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬الذي‭ ‬نقدم‭ ‬له‭ ‬تحية‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلاده‭ ‬الـ‭ ‬76‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬مولود‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1947‭.‬

كان‭ ‬الشارع‭ ‬المصري‭ ‬بطلا‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب،‭ ‬وحاضرا‭ ‬بقوة‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬ومؤثراته‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬حرص‭ ‬الطيب‭ ‬احتواء‭ ‬شريط‭ ‬الصوت‭ ‬على‭ ‬الأغنيات‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬شهرة‭ ‬واسعة‭ ‬خلال‭ ‬فترتي‭ ‬الثمانينيات‭ ‬والتسعينيات‭ ‬مثل‭ ‬“لولاكي”‭ ‬لعلي‭ ‬حميدة،‭ ‬أغنية‭ ‬“الأساتوك”‭ ‬لحمدي‭ ‬بتشان،‭ ‬وأغنية‭ ‬“قوللي”‭ ‬لمحمد‭ ‬فؤاد،‭ ‬وغيرهم،‭ ‬تلك‭ ‬التفصيلة‭ ‬تبدو‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬تحمل‭ ‬عمق‭ ‬وفهم‭ ‬من‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬لطبيعة‭ ‬المشاهد‭ ‬المصري‭.‬

تخرج‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬السينما‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬وعمل‭ ‬كمساعدا‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬مثل‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬وشادي‭ ‬عبدالسلام‭ ‬ومحمد‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬ثم‭ ‬قدم‭ ‬الطيب‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬التسجيلية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬مسيرته‭ ‬مع‭ ‬الأفلام‭ ‬الروائية‭ ‬الطويلة،‭ ‬وهو‭ ‬مشوار‭ ‬يبدو‭ ‬قصيرا‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ (‬15‭ ‬عاما‭) ‬لكنه‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تركه‭ ‬هذا‭ ‬المبدع‭ ‬المخلص‭ ‬أيضا‭ ‬للسينما،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬أي‭ ‬أعمال‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬السينما‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬التليفزيون‭ ‬أو‭ ‬المسرح،‭ ‬سوى‭ ‬تجربة‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬الفيديو‭ ‬كليب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وقتها‭ ‬نوعا‭ ‬جديدا‭ ‬ظهر‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬وقدمه‭ ‬الطيب‭ ‬بأسلوب‭ ‬سينمائي‭ ‬بحت،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الظاهر‭ ‬أخرج‭ ‬أغنيتين،‭ ‬كل‭ ‬أغنية‭ ‬منهما‭ ‬تعتبر‭ ‬فيلما‭ ‬قصيرا‭ ‬حيث‭ ‬تحتويا‭ ‬على‭ ‬حكاية‭ ‬سينمائية‭ ‬شيقة،‭ ‬الكليب‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬“كتبتلك”‭ ‬للطيفة،‭ ‬والثاني‭ ‬وهو‭ ‬الأشهر‭ ‬“شنطة‭ ‬سفر”‭ ‬لأنغام‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬فيه‭ ‬الممثل‭ ‬طارق‭ ‬لطفي‭.‬

قدم‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬خلال‭ ‬مشواره‭ ‬السينمائي‭ ‬21‭ ‬فيلما،‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬بفيلمين،‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الطرح‭ ‬السينمائي‭ ‬كان‭ ‬“الغيرة‭ ‬القاتلة”‭ ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬مسرحية‭ ‬وليام‭ ‬شكسبير‭ ‬“عطيل”،‭ ‬وكان‭ ‬الطيب‭ ‬لديه‭ ‬نفس‭ ‬لهفة‭ ‬واهتمام‭ ‬بطل‭ ‬الفيلم‭ ‬ومنتجه‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬تجاه‭ ‬الأدب‭ ‬العالمي‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بطولة‭ ‬الفيلم‭ ‬أيضا‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني‭ ‬ونورا‭ ‬وسعاد‭ ‬نصر،‭ ‬وكتب‭ ‬له‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬وصفي‭ ‬درويش،‭ ‬أما‭ ‬الفيلم‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬الطيب‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬أيضا‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬أفلام‭ ‬الثنائي‭ ‬معا‭ ‬وهو‭ ‬“سواق‭ ‬الأتوبيس”‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بتأليفه‭ ‬المخرج‭ ‬محمد‭ ‬خان‭ ‬وكتب‭ ‬له‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬بشير‭ ‬الديك،‭ ‬وحصل‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬أولى‭ ‬الجوائز‭ ‬في‭ ‬مسيرته،‭ ‬وكانت‭ ‬أفضل‭ ‬عمل‭ ‬أول‭ ‬أو‭ ‬ثان‭ ‬من‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬سيطر‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬جمعية‭ ‬الفيلم‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جائزة‭ ‬الجمهور،‭ ‬ويحتل‭ ‬“سواق‭ ‬الأوتوبيس”‭ ‬المركز‭ ‬الثامن‭ ‬فى‭ ‬قائمة‭ ‬أفضل‭ ‬100‭ ‬فيلم‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬حسب‭ ‬إستفتاء‭ ‬النقاد‭.‬

شهد‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬التعاون‭ ‬الأول‭ ‬بين‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬والسيناريست‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فيلم‭ ‬“التخشيبة”‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬وأحمد‭ ‬زكي،‭ ‬وبعده‭ ‬بعام‭ ‬يعود‭ ‬الطيب‭ ‬لاقتباس‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتمصيرها‭ ‬مع‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فيلم‭ ‬“الزمار”‭ ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬مسرحية‭ ‬“هبوط‭ ‬أورفيوس”‭ ‬للكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تسيني‭ ‬ويليامز،‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬بوسي‭ ‬وصلاح‭ ‬السعدني،‭ ‬واشترك‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬رفيق‭ ‬الصبان‭ ‬وعبد‭ ‬الرحيم‭ ‬منصور‭.‬

قدم‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬ثلاثة‭ ‬أفلام‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة،‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬“الحب‭ ‬فوق‭ ‬هضبة‭ ‬الهرم”‭ ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬وكتب‭ ‬له‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬البطولة‭ ‬أحمد‭ ‬زكي‭ ‬وآثار‭ ‬الحكيم،‭ ‬والفيلمين‭ ‬الآخرين‭ ‬مع‭ ‬المؤلف‭ ‬وحيد‭ ‬حامد،‭ ‬هما‭ ‬“ملف‭ ‬في‭ ‬الآداب”‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬فريد‭ ‬شوقي‭ ‬ومديحة‭ ‬كامل‭ ‬وصلاح‭ ‬السعدني،‭ ‬ذلك‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬أفلام‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬والتنبؤ‭ ‬بأنهم‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬للسحق‭ ‬حيث‭ ‬أنهم‭ ‬يعملون‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬دوام‭ ‬واثنين‭ ‬وأكثر‭.‬

الفيلم‭ ‬الثاني‭ ‬كان‭ ‬“البرئ”‭ ‬والشخصية‭ ‬الخالدة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬أحمد‭ ‬زكي‭ ‬“أحمد‭ ‬سبع‭ ‬الليل”‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أكثر‭ ‬الأفلام‭ ‬المصرية‭ ‬تعرضا‭ ‬للرقابة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬منع‭ ‬تصوير‭ ‬المشهد‭ ‬الختامي‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬مدته‭ ‬6‭ ‬دقائق،‭ ‬وحذفت‭ ‬النهاية‭ ‬الأصلية‭ ‬بعد‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬رقابية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬أبو‭ ‬غزالة‭ ‬ووزير‭ ‬الداخلية‭ ‬أحمد‭ ‬رشدي‭ ‬ووزير‭ ‬الثقافة‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالمقصود‭ ‬هيكل،‭ ‬وظلت‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬من‭ ‬الفيلم‭ ‬ممنوعة‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬لمدة‭ ‬19‭ ‬عامًا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬على‭ ‬عرضه‭ ‬كاملًا‭ ‬مع‭ ‬النهاية‭ ‬المحذوفة‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬القومي‭ ‬للسينما‭ ‬كتكريم‭ ‬للراحل‭ ‬أحمد‭ ‬زكي‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬قدم‭ ‬الطيب‭ ‬ثلاثة‭ ‬أفلام‭ ‬أيضا،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬“البدرون”‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬ليلى‭ ‬علوي‭ ‬وسهير‭ ‬رمزي‭ ‬وممدوح‭ ‬عبد‭ ‬العليم‭ ‬ومن‭ ‬تأليف‭ ‬عبد‭ ‬الحي‭ ‬أديب،‭ ‬وفيلم‭ ‬“ضربة‭ ‬معلم”‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬بشير‭ ‬الديك‭ ‬وبطولة‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬وليلى‭ ‬علوي‭ ‬وكمال‭ ‬الشناوي،‭ ‬وفيلم‭ ‬“أبناء‭ ‬وقتلة”‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬إسماعيل‭ ‬ولي‭ ‬الدين‭ ‬وسيناريو‭ ‬وحوار‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم‭ ‬وبطولة‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬ومحمود‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬قدم‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أمتع‭ ‬أفلامه‭ ‬وأكثرها‭ ‬خفة‭ ‬ظل‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يحتويه‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬وضع‭ ‬قاتم‭ ‬ومزري‭ ‬للطبقة‭ ‬المهمشة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬بطله‭ ‬“رضا”‭ ‬سائق‭ ‬التاكسي‭ ‬الذي‭ ‬يطوف‭ ‬بسيارته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصطدم‭ ‬بإيمان‭ ‬وهي‭ ‬“زبونة”‭ ‬يكتشف‭ ‬أنها‭ ‬مليونيرة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬ويبدأ‭ ‬الثنائي‭ ‬معا‭ ‬رحلتهما‭ ‬في‭  ‬شوارع‭ ‬القاهرة‭ ‬ليكشف‭ ‬الطيب‭ ‬ومؤلف‭ ‬الفيلم‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬عن‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬العاصمة‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭.‬

لم‭ ‬يحقق‭ ‬فيلم‭ ‬“كتيبة‭ ‬الإعدام”‭ ‬النجاح‭ ‬الجماهيري‭ ‬وقت‭ ‬عرضه،‭ ‬لكن‭ ‬الشهرة‭ ‬طالته‭ ‬بعد‭ ‬أعوام‭ ‬وتحديدا‭ ‬خلال‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬لتماشي‭ ‬المشهد‭ ‬الختامي‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬وقتها،‭ ‬وهو‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬التعاون‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬السيناريست‭ ‬أسامة‭ ‬أنور‭ ‬عكاشة‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬ومعالي‭ ‬زايد‭ ‬وممدوح‭ ‬عبدالعليم‭ ‬وشوقي‭ ‬شامخ‭ ‬وطرح‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬اتجه‭ ‬الطيب‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬أدب‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فيلم‭ ‬“قلب‭ ‬الليل”‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬له‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬محسن‭ ‬وايد‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬أيضا‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬ومعه‭ ‬فريد‭ ‬شوقي‭ ‬وهالة‭ ‬صدقي‭.‬

ثم‭ ‬يأتي‭ ‬فيلم‭ ‬“الهروب”‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬أفلام‭ ‬الطيب‭ ‬تحقيقا‭ ‬للنجاح‭ ‬الجماهيري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصية‭ ‬“منتصر”‭ ‬المتهم‭ ‬الهارب‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأدوار‭ ‬التي‭ ‬تعشقها‭ ‬الجماهير‭ ‬لأحمد‭ ‬زكي،‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬هالة‭ ‬صدقي‭ ‬وعبدالعزيز‭ ‬مخيون‭ ‬ومحمد‭ ‬وفيق‭ ‬وعرض‭ ‬عام‭ ‬1992‭.‬

اخترق‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬قضيتين‭ ‬هامتين،‭ ‬الأولى‭ ‬متعلقة‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فيلم‭ ‬“ناجي‭ ‬العلي”‭ ‬الذي‭ ‬يسرد‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياة‭ ‬واغتيال‭ ‬الشاعر‭ ‬والمناضل‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬له‭ ‬السيناريو‭ ‬والحوار‭ ‬بشير‭ ‬الديك‭ ‬وقام‭ ‬ببطولته‭ ‬رفيق‭ ‬درب‭ ‬الطيب‭ ‬الممثل‭ ‬نور‭ ‬الشريف،‭ ‬والقضية‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬اخترقها‭ ‬الطيب‭ ‬مع‭ ‬المؤلف‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬كانت‭ ‬مافيا‭ ‬التعويضات‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“ضد‭ ‬الحكومة”‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬محامي‭ ‬التعويضات‭ ‬وممارساتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصية‭ ‬المحامي‭ ‬“مصطفى‭ ‬خلف”‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬مشهد‭ ‬المحكمة‭ ‬الشهير‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بها‭ ‬الجماهير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬خاصة‭ ‬الجملة‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬صاغها‭ ‬المؤلف‭ ‬بشير‭ ‬الديك‭ ‬“كلنا‭ ‬فاسدون‭ .. ‬لا‭ ‬أستثني‭ ‬أحد”‭.‬

تعاون‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬مع‭ ‬أسامة‭ ‬أنور‭ ‬عكاشة‭ ‬في‭ ‬“دماء‭ ‬على‭ ‬الأسفلت”‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بطولته‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬وإيمان‭ ‬الطوخي،‭ ‬ثم‭ ‬فيلم‭ ‬“إنذار‭ ‬بالطاعة”‭ ‬الذي‭ ‬تعاون‭ ‬فيه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬مع‭ ‬المؤلف‭ ‬خالد‭ ‬البنا،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بطولة‭ ‬الفيلم‭ ‬ليلى‭ ‬علوي‭ ‬ومحمود‭ ‬حميدة‭.‬

وفي‭ ‬عامي‭ ‬1994‭ ‬ثم‭ ‬1995‭ ‬قدم‭ ‬الطيب‭ ‬فيلمين‭ ‬يندرجا‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬دراما‭ ‬الطريق،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رحلتين‭ ‬داخل‭ ‬شوارع‭ ‬القاهرة،‭ ‬برغم‭ ‬التناقض‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬المسارين،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬ترتبط‭ ‬بعلاقة‭ ‬المواطن‭ ‬بالسلطة،‭ ‬أما‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬تنحصر‭ ‬بين‭ ‬طبقة‭ ‬المهمشين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كلتا‭ ‬الرحلتين‭ ‬اشتركتا‭ ‬في‭ ‬إزاحة‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬أزمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬وتحولاته،‭ ‬الأولى‭ ‬رحلة‭ ‬سلوى‭ ‬شاهين‭ ‬“نبيلة‭ ‬عبيد”‭ ‬في‭ ‬“كشف‭ ‬المستور”‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬أمني‭ ‬كبير‭ ‬لإيجاد‭ ‬الضابط‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬تدريبها‭ ‬وتوكيل‭ ‬المهام‭ ‬لها‭ ‬وهي‭ ‬الشخصية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬يوسف‭ ‬شعبان‭ ‬“طلعت‭ ‬الحلواني”،‭ ‬والرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬كانت‭ ‬كان‭ ‬بطليها‭ ‬سيد‭ ‬سائق‭ ‬التاكسي‭ ‬“نور‭ ‬الشريف”‭ ‬وفتاة‭ ‬الليل‭ ‬حورية‭ ‬“لبلبة”‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“ليلة‭ ‬ساخنة”‭ ‬الذي‭ ‬تدور‭ ‬أحداث‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬قدم‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬آخر‭ ‬أفلامه‭ ‬“جبر‭ ‬الخواطر”‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أكمل‭ ‬عمليات‭ ‬المونتاج‭ ‬بمفرده‭ ‬المونتير‭ ‬أحمد‭ ‬متولي‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب،‭ ‬والفيلم‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬شيريهان‭ ‬وأشرف‭ ‬عبد‭ ‬الباقي‭ ‬وعلاء‭ ‬ولي‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬تأليف‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬رزق‭ ‬وسيناريو‭ ‬وحوار‭ ‬بشير‭ ‬الديك،‭ ‬وعرض‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬مهرجان‭ ‬الأسكندرية‭ ‬السينمائي‭ ‬لدول‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭.‬


 

;