«السعدنى» يطلق سهام سخرياته من منصة «أمريكا يا ويكا»

غلاف كتاب «أمريكا يا ويكا»
غلاف كتاب «أمريكا يا ويكا»

يواصل الإحتلال الصهيونى المذابح التى لم نرِ لها مثيلا فى التاريخ الحديث بسلاح ودعم مالى وسياسى من الولايات المتحدة والصهيونية العالمية، وعندما نراجع كتابات ساخرنا الأعظم محمود السعدنى يتبين لنا أنه كان على عداء استراتيجى مع أمريكا التى صوب نحوها سهام سخرياته فى كتابه الممتع «أمريكا يا ويكا»، وله مقالات نشرها فى «البيان» الإماراتية يشيد فيها بصديقه ياسر عرفات، ومقالات أخرى صوب فيها صواريخ سخرياته لصدر العصابات الصهيونية التى اغتصبت فلسطين بوعد بريطانى ودعم لا محدود من الصهيونية العالمية !


يقول محمود السعدنى عن أمريكا: «إذا كان الإناء ينضح بما فيه، فالمجرم الأمريكى نتاج للمجتمع الأمريكى، ونموذج للأمريكى الذى انحدر من سلالة المهاجرين الأوائل، الذين ذبحوا قبائل ولم يخفق لهم قلب، وأبادوا شعباً ولم يرمش لهم جفن، ارتكبوا مذابح فيتنام وقتلوا الملايين فى كوريا وشيلى وجواتيمالا وبوليفيا والكونغو وأفغانستان والعراق، والأمريكى الحقيقى يقول لك فى خيلاء: لولا إبادة الهنود الحمر ما كانت أمريكا، ولولا أمريكا ما كانت حضارة القرن العشرين، لقد خضنا فى بحر الدماء لكى نصل إلى القمر، وما قيمة الهنود الحمر أمام تفتيت الذرة وإنتاج مركبات الفضاء؟ 


هذه هى خلاصة النموذج الأمريكى الذى يقدمه «السعدنى» بلا تزويق ولا ديكور مؤكداً أن المزاج الأمريكى، والتاريخ الأمريكى سلسلة متصلة من الجرائم التى أدت إلى الخير من وجهة النظر الأمريكية، وعبثاً أن تحاول استدرار عطف أمريكا على شعب فلسطين، لأن أمريكا ترى فى إسرائيل شبابها الأول، وإسرائيل تسير على نهجها فى ذبح أهل الأرض التى اغتصبوها، مثلما ذبحت أمريكا الهنود الحمر عن بكرة أبيهم، ولم يكن المهاجرون البيض ينشدون السلام، لكنهم كانوا يريدون الأرض»، والجملة الأخيرة بها إشارة إلى أن إسرائيل لا تنشد السلام، إنما تريد الأرض !


وفى مقال نشره بجريدة «البيان» بتاريخ 4 نوفمبر 1998 يتحدث عن حبه وارتباطه بالزعيم ياسر عرفات فيقول: «العبد لله من دراويش أبو عمار، فالرجل لم يقصر خلال رحلة كفاحه الطويلة، لم يتردد فى خوض الحرب عندما كانت الريح مواتية والجو طيباً، ولم يعش حياته كغيره من الناس، عاش زاهداً ومنطوياً وقضى أغلب وقته فى الغرف المغلقة والخنادق ولم يكن له سوى هدف واحد، أن يحصل على أى مساحة من أرض فلسطين يضع أقدامه عليها ويرفع أعلامه فى جوها ويحتفظ من خلالها باسم فلسطين حياً ونابضاً، وكان تحقيق الهدف يتوقف على الموقف العربى خصوصاً والموقف الدولى عموماً، فعندما اعتذر أبو عمار عن عدم الاشتراك فى كامب ديفيد، قامت الجبهة الشرقية لتكون عوضاً عن الجبهة الغربية، فُتحت الحدود بين سوريا والعراق بعد قطيعة، وكان أول قرار للثورة الإيرانية طرد السفير الإسرائيلى وتسليم مقر السفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية ولكن، وآه من لكن هذه، حدث ما لم يكن فى الحسبان، سقطت الجبهة الشرقية وانقطع الاتصال بين بغداد ودمشق، ثم نشبت الحرب المجنونة بين العراق وإيران، ونزف العرب دماءهم وفلوسهم خلال 8 سنوات رهيبة ولم تكد الحرب تتوقف حتى وقع غزو العراق للكويت، وعادت الأمة العربية الى سابق عهدها أيام الجاهلية، قبائل وعشائر.. ومن سوء حظ ياسر عرفات أنه انضم الى القبيلة الخاسرة، ثم توالت الأحداث المؤسفة بالخروج من لبنان وبعثرة القوة الفلسطينية من تونس إلى اليمن، وخروج الفلسطينيين من الكويت، وتناقص العون المالى، وغافل أبو عمار الجميع وذهب سراً الى أوسلو وانتزع من براثن إسرائيل اتفاقاً دفع رابين حياته ثمناً له، ولم تكن أوسلو الحلم والأمل، لكنها كانت الممكن فى ظروف العالم العربى والظروف الدولية، وبالطبع لم يسلم أبو عمار من الاتهام بالتفريط والخيانة من أشاوسٍ منهم من اكتفى بدعم فلسطين بمنحها حلاوة من طرف اللسان، ولم يقدم لها دولاراً ولم يمنحها بندقية ومنهم أصحاب النوايا الطيبة الذين يتصورون أن تحرير الأرض وعودة القدس يمكن تحقيقه بنسف مقهى فى تل أبيب أو خطف عسكرى إسرائيلى، وتناسوا أن أبو عمار رد على أصحاب شعار «من النهر الى البحر» قائلا: «غاية ما أصبو اليه هو تحرير الأرض من النهر الى أريحا، وسأكون جندياً صغيراً مطيعاً فى جيش البطل الذى يحرر من أريحا الى البحر!».


ويستطرد قائلاً: «نحن اليوم فى عالم لا يعلم بشاعته إلا رب العباد والولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الأمر والنهى التى لا تهزل ولا تمزح، ويسعدنى لو نهضت أمة تستطيع أن تضرب الولايات المتحدة على قفاها، هل يغيب عنا التحالف بين إسرائيل وأمريكا التى تعهدت بحماية إسرائيل إذا تعرضت لأى خطر يجعلها تشمر عن ساعدها وتشترك فى القتال !
ويكتب «السعدنى» مقالاً آخر بتاريخ 8 يوليو 1998 بعنوان «الرجل الذى فقد حذاءه» وكأنه ما زال حياً بيننا، كتبه عن واقعة قام بها الاحتلال تتشابه مع المجازر التى يرتكبها الآن فى غزة فيقول : « يذكرنى موقف الولايات المتحدة بموقف فتوة الجيزة الشرير الذى كان له مساعد نكرة اسمه «الجناينى» لا يقوم بأى خطوة إلا بمساندة الفتوة وموافقته، وكان الفتوة الشرير يستنكر ممارسات صبيه إذا ذهب إليه أحد يشكو له ممارسات صبيه، فينصحه بالهدوء وضبط النفس لأن الولد فى حالة هياج وجنون، ثم يعد بأنه سينتهز فرصة لتأديبه عندما يحين الوقت المناسب الذى لا يأتى على الإطلاق، فكان يسلط صبيه على من يريد منهم إتاوة، فإذا أدوها منع صبيه من التعرض لهم، والعرب لم يقصروا مع أمريكا حتى تطلق يد صبيها الإسرائيلى ليفعل بنا ما يفعل، وقال لى صحفى انجليزى مهتم بمباريات كأس العالم: «الدنيا كلها تدرك عدالة قضيتكم ولكنها لا تعطف عليكم لأنكم لا تقاومون»!.
«كنوز»