فقط في غزة| الموت يسبق شهادة الميلاد!

أطفال فلسطين - صورة أرشيفية
أطفال فلسطين - صورة أرشيفية

أيام وليالٍ عصيبة يعيشها أطفال فلسطين تحت القصف والإبادة الجماعية التى تنفذها دولة الاحتلال الإسرائيلى ضد غزة منذ نحو 50 يومًا.. ووسط رائحة الموت والدمار والتفجيرات المستمرة تضيع حقوق هؤلاء الأبرياء.. والمأساة ذاتها بدت كأنها قدر مكتوب على جبين أمهات حوامل يعشن ظروفًا قاسية فى عمليات وضعٍ بعضها قيصرى بلا تخدير أو مسكنات نتيجة نقص المستلزمات الطبية، وقد يفقد المولود حياته قبل أن تبدأ صرخته الأولى جراء قصف عشوائي على المستشفيات.. ليصبح الموت أسرع من شهادة الميلاد! رغم أن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تنص على الحق فى الحياة والحق فى أن يحمل الطفل اسمًا، لكن العدوان الإسرائيلي يسلب حق أطفال فلسطين فى الحياة ويحرمهم من أبسط حقوقهم فى الحصول على اسم حين يقتنص أرواحهم فيصبحون فى عداد الموتى!

طبقاً لتقارير اليونيسيف، فإن الحقوق التي يحصل عليها الأطفال في فلسطين قليلة جداً في مقابل الحقوق التي من المفترض أن يحصلوا عليها كأطفال لهم كامل الرعاية، بخلاف العنف الذي يتعرضون له سواء بالمنازل أو المدارس ليموت منهم المئات سنوياً مما يؤثر فيهم سلبياً ويجعلهم عرضة للعديد من المخاطر، بينما نظرائهم الإسرائيليين ينعمون بحياة مترفة بعيدًا عن رائحة الموت والبارود التي تغطي أرجاء غزة.

◄ حقوق مهدورة
هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع، تقول إن الطفل له الحق دائما في الرعاية وتوفير احتياجاته الأساسية، وعلى رأسها التعليم والمسكن، كما أن له كامل الحق في الاهتمام بصحته على أكمل وجه منذ اليوم الأول من الولادة، وهو ما تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها جميع الدول بما فيهما فلسطين وإسرائيل، ولكن في الحقيقة نجد أن الطفل الفسطيني يفتقد معظم حقوقه في أن يحيا حياة سوية تخلق منه فيما بعد شخصا سويا قادرا على التعايش والعمل والإنتاج.

وتضيف: ما نشاهده خلال الحرب على غزة وقبلها في السنوات الماضية يوثق مدى ضياع حقوق هؤلاء الأطفال وانتهاك براءتهم التي يغتالها العدوان الإسرائيلي يوميًا، وبخلاف الأطفال الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب، هناك آخرون فقدوا آباءهم وأمهاتهم، وشاهدو ذلك أمام أعينهم، مثلما حدث مع الطفل أحمد شبت الذي فقد جميع أفراد أسرته خلال القصف الإسرائيلي على أسرته، ما تسبب أيضًا في بتر ساقيه، فما مصير هؤلاء الأطفال وكيف يمكن أن يصبحون أسوياء في المستقبل يعملون على تنمية ذواتهم والمجتمع بل ستكون رغبتهم في الانتقام هي ما يسعون إليه.

◄ اقرأ أيضًا | بعد كارثة الحضـّانات في غزة| بأي ذنب خنقوا «الخدج»؟!

◄ معاناة النساء
فيما تقول داليا صلاح، مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، إن الأطفال الذين يولدون من رحم أمهاتهم الشهداء يكونون فاقدين لحقوقهم وظلموا مع أمهاتهم، فالنساء الفلسطينيات أيضاً تكبدن خسائر كبيرة خلال الحرب القائمة واستشهد عدد كبير منهن، وفقدت أخريات أبنائهن، كما أن السيدات الحوامل يعانين خلال الحرب بشكل خاص، حيث تجرى لهن العمليات القيصرية بدون تخدير أو مسكنات ما عرضهن لآلام مبرحة وللوفاة، فهناك أكثر من 150 ألف حامل ومرضعة يعانين بسبب الحرب في غزة.

وتضيف: أطفال فلسطين فاقدون لجميع الحقوق التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية ولكن اللافت للنظر أنهم نموذج يحتذى به في الإصرار والمثابرة والإيمان بقضيتهم ورغبتهم في إتمام دورهم ودفع الثمن مهما كان لتحرير أرضهم ونصر القضية الفلسطينية، حيث يُضرب بهم المثل في الصمود والشجاعة وحب الوطن.

وتؤكد أن الطفل الفلسطيني لا يحصل على أهم حقوقه كالرعاية الصحية الكاملة، وأن يكون التعليم إلزاميًا ومجانيًا، لكن هذا لا يحدث في الحقيقة، فهناك من يتسربون من التعليم ويتعرضون للعنف ولأخطار عمالة الأطفال، والزواج المبكر ومنهم من يُزج به في سجون إسرائيل. وعلى النقيض نجد أن الطفل الإسرائيلي يحصل على حقوقه كاملة وتُقدّم له جميع الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم.

◄ الحماية وقت الحرب
أما الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، فيقول: إن القانون الدولي الإنساني يلزم جميع الأطراف بحماية الأطفال في وقت الحرب، لكن ما يحدث مع أطفال فلسطين لم يحترم أي قوانين وما نصت عليه اتفاقيات جينيف 1949 فيما يخص حماية الأطفال والمدنيين، لافتًا إلى الأطفال الذين تتخذهم إسرائيل كأسرى ويحيون حياة تخالف ما نص عليه القانون الدولي وحقوق الطفل بالمعتقلات، فضلا عن تسبب ذلك في تسربهم من التعليم وإصاباتهم بالأمراض الجسدية والنفسية التي يظل الطفل يعاني منها طوال حياته.

ويبرز دور مصر في الاهتمام بالأطفال الفلسطينيين، وعن هذا الدور يوضح سلامة، أن مصر على مدار سنوات طويلة لها دور فاعل ومهم في الحفاظ على الأطفال من العدوان وتوفير الرعاية اللازمة لهم، فهم رموز للقوة بداية من الشهيد محمد الدرة الذي قتل بالرصاص الإسرائيلي قبل 23 عامًا، إلى الطفل عبدالله كحيل الذي استجاب الرئيس السيسي لطلبه العلاج في مصر.