صدى الصوت

إلعبوا غيرها!

عمرو الديب
عمرو الديب

ياويل الضمائر التى فيها بقية من حياة.. يا ويلها من لوّامها.. من تقريع القيم النبيلة، ووعيد القناعات الأصيلة، ياويلها من سياط تقصيرها وازدواجية معاييرها، أما هؤلاء المتغطرسون المنتفخون من وجهاء العالم الزائفين فليس لديهم ذرة من إنسانية أو خلجة من شعور، سقطت أقنعتهم التجميلية، وانكشفت ملامحهم الوحشية عن قبح رهيب ودمامة صارخة، فكم صَدَّع هؤلاء الدنيا بأحاديثهم الرنانة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكم استخدموا هذه المقولات فى محاولات الضغط على الحكومات لأغراضهم ومصالحهم، ولكن بعد الذى حدث فى غزة على مدى الأيام الماضية فضح زيف شعاراتهم، وأسقط مصداقية مقولاتهم، وكشف ازدواجية معاييرهم، فأين حقوق الإنسان من هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين استيقظوا فجأة ليجدوا أنفسهم فى ظلمة مُخيفة، وقد تناثرت جثث آبائهم، وأمهاتهم وأشقائهم من حولهم، أى رعب؟ وأية وحشية يمكن أن تفوق ذلك الحضيض؟، وأين حقوق الإنسان يا حكومات البلاد البراقة الكبرى. الاستعمارية سابقًا.. المتحايلة حاليًا.. من تجويع شعب بأكمله فى عقاب جماعى يذكرنا بمعسكرات «النازية» التى لطالما وصفوا وحشيتها وإجرامها، وأين حقوق الإنسان من قصف المشافي، وترويع المرضى الممددين على الأسرة لا حول لهم ولا قوة، وضربهم بأحدث وأشرس أسلحة العصر، ما هذه النذالة؟، وأى عار هذا؟، وصحيح أن شعوبًا كثيرة من الدول الغربية أظهرت غضبها من تلك الممارسات التى تفوق بشاعتها ماسجله التاريخ من جرائم الجبابرة فى العصور الوسطى، ولكن الاعتداءات الوحشية، والضربات الهمجية لاتزال تتوالى لتطيح بالأبرياء، وتسفك أنهار الدماء، وتكشف معها عورات الوجوه الزائفة التى لطالما صَدَّعت الدنيا بأحاديثها المسلية عن حقوق الإنسان، وعن الحرية، وكأن الإنسان هو فقط من ينتمى إلى أعراقهم وجنسياتهم، أما نحن فمباح دمنا، ومهدرة أرواحنا، هكذا كشفت لنا أحداث غزة، فلا تُصدِّعوا رؤسنا مجددًا يا أيها المستعمرون القدامى، والحاليون بأحاديثكم البراقة المسلية التى يمكن أن تروى قبل النوم، أما قبل الموت فلا يمكن قبولها، فإلعبوا غيرها!.