نحن مصريون

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭..‬عندما‭ ‬تشتد‭ ‬العواصف‭ ‬وترتفع‭ ‬أمواج‭ ‬البحار‭ ‬وتغيم‭ ‬السماء‭ ‬لتحجب‭ ‬الرؤية‭ ‬على‭ ‬قباطنة‭ ‬السفن‭ ‬ويصبح‭ ‬مسار‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬محل‭ ‬شك‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬أمام‭ ‬القباطنة‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬السفينة‭ ‬سوى‭ ‬البوصلة‭ ‬ترشدهم‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان،‭ ‬فالبوصلة‭ ‬لايؤثر‭ ‬فى‭ ‬مؤشرها‭ ‬شدة‭ ‬عواصف‭ ‬أو‭ ‬كثيف‭ ‬الضباب‭ ‬لأن‭ ‬اتجاهها‭ ‬دائمًا‭ ‬ثابت‭ ‬ومحدد‭ ‬إلى‭ ‬النجاة‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬التأويل‭.‬

لايختلف‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬البحار‭ ‬فعالم‭ ‬السياسة‭ ‬يعرف‭ ‬عواصف‭ ‬وأعاصير‭ ‬أشد‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬البحار‭ ‬وعواصف‭ ‬السياسة‭ ‬لا‭ ‬تغرق‭ ‬سفنًا‭ ‬أو‭ ‬تجنح‭ ‬بركابها‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬صخرى‭ ‬خطر،‭ ‬بل‭ ‬تغير‭ ‬موازيين‭ ‬معادلات‭ ‬القوى‭ ‬وترفع‭ ‬أممًا‭ ‬وتخفض‭ ‬أخرى‭ ‬ويصبح‭ ‬ماقبل‭ ‬العاصفة‭ ‬السياسية‭ ‬غير‭ ‬تمامًا‭ ‬مابعدها‭. ‬

الآن‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬شرقنا‭ ‬الأوسط‭ ‬عاصفة‭ ‬سياسية‭ ‬تصل‭ ‬فى‭ ‬حدتها‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الإعصار‭ ‬يطيح‭ ‬فى‭ ‬حركته‭ ‬بالموازيين‭ ‬والتوازنات‭ ‬والحسابات‭ ‬والمصالح‭ ‬ليجرد‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬واقعه‭ ‬القديم‭ ‬وترسم‭ ‬الرياح‭ ‬العاتية‭ ‬لهذا‭ ‬الإعصار‭ ‬واقعًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لهذا‭ ‬الأوسط‭ ‬الملاحق‭ ‬بالعواصف‭ ‬والأعاصير‭ ‬السياسية‭.‬

وسط‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭ ‬الفارقة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬والساعات‭ ‬التى‭ ‬تتقلب‭ ‬فيها‭ ‬الرؤية‭ ‬بين‭ ‬الشك‭ ‬واليقين‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬الاتجاه‭ ‬ودقة‭ ‬المسار‭ ‬تبقى‭ ‬البوصلة‭ ‬كما‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬البحار‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬ودائمًا‭ ‬تشير‭ ‬للاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬وتصل‭ ‬بالأمة‭ ‬كما‭ ‬السفينة‭ ‬إلى‭ ‬برالأمان‭ .‬

فى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬الحاسمة‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬تشتد‭ ‬قبضته‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البوصلة‭ ‬ويراقب‭ ‬فى‭ ‬انتباه‭ ‬ماتشير‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬واختيار‭ ‬صحيح‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬بوصلتنا‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتمسك‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬نحيد‭ ‬عن‭ ‬اتجاهها‭ ‬هى‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬القول‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الشك‭ ‬واليقين‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭. ‬

يحدثنا‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بأمانة‭ ‬وصدق‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭ ‬الأصيلة‭ ‬المتجذرة‭ ‬فى‭ ‬شخصيتنا‭ ‬هى‭ ‬المنارة‭ ‬التى‭ ‬نتطلع‭ ‬إليها‭ ‬والراية‭ ‬التى‭ ‬نسير‭ ‬وراءها‭ ‬كانت‭ ‬الانتصارات‭ ‬وعندما‭ ‬انحرفنا‭ ‬عنها‭ ‬وأنكرناها‭ ‬كانت‭ ‬الانكسارات‭ ‬وضياع‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭.‬

يمكن‭ ‬استدعاء‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬طوال‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬القديم‭ ‬والحديث،‭ ‬فهذا‭ ‬القديم‭ ‬هو‭ ‬مهد‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬الأصيلة‭ ‬والطاقة‭ ‬التى‭ ‬نستمد‭ ‬منها‭ ‬قدرة‭ ‬الحركة‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬فعلى‭ ‬ضفاف‭ ‬النيل‭ ‬ولدت‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬وتجذرت‭ ‬فى‭ ‬شخصيتنا‭ ‬فكانت‭ ‬مصر‭ ‬امبراطورية‭ ‬جبارة‭ ‬تحكم‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭ ‬وتعلم‭ ‬البشرية‭ ‬ألف‭ ‬باء‭ ‬الحضارة‭ ‬والإنسانية‭ ‬وورثنا‭ ‬الأجداد‭ ‬العظام‭ ‬هذه‭ ‬الجينات‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الموجودة‭ ‬فى‭ ‬دماء‭ ‬كل‭ ‬مصرى‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬المصرى‭ ‬الذى‭ ‬لايقبل‭ ‬إلا‭ ‬بمصر‭ ‬متفوقة‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬السيادة‭ ‬ولا‭ ‬يرضى‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬الرائعة‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬التاريخ‭.‬

لقد‭ ‬صنع‭ ‬الأجداد‭ ‬هوية‭ ‬أصيلة‭ ‬حقيقية‭ ‬بلا‭ ‬ادعاء‭ ‬أو‭ ‬شفونية‭ ‬،هوية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬الناقد‭ ‬والعلم‭ ‬والفنون‭ ‬وحسن‭ ‬الإدارة‭ ‬وحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬والتسامح‭ ‬ثم‭ ‬احترام‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التقديس‭ ‬لوجود‭ ‬مصر‭ ‬كفكرة‭ ‬إنسانية‭ ‬ملهمة‭ ‬للمجتمع‭ ‬البشرى‭ ‬تمده‭ ‬بالحضارة‭ ‬والتمدن‭ ‬ولعل‭ ‬أول‭ ‬المدد‭ ‬كان‭ ‬تأسيس‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬كمنظم‭ ‬للعمل‭ ‬الإنسانى‭ ‬لتحقق‭ ‬العدالة‭ ‬والأمان‭ ‬والرفاهية‭ ‬للمجتمعات‭ ‬البشرية‭. ‬

فى‭ ‬تاريخنا‭ ‬الحديث‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬بأن‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭ ‬كانت‭ ‬هى‭ ‬بوصلتنا‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭ ‬تحديد‭ ‬رؤيتنا‭ ‬لأنفسنا‭ ‬وللعالم‭ ‬من‭ ‬حولنا،‭ ‬سيطرت‭ ‬للأسف‭ ‬هويات‭ ‬بديلة‭ ‬على‭ ‬الشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬وعلى‭ ‬المجتمع‭ ‬فأزاغت‭ ‬رؤيتنا‭ ‬فى‭ ‬أنفسنا‭ ‬وموقفنا‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬الزيغ‭ ‬خسرت‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬العريقة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬منجزها‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭.‬

‭ ‬دفعت‭ ‬الهويات‭ ‬البديلة‭ ‬قرارنا‭ ‬السياسى‭ ‬والاقتصادى‭ ‬والاجتماعى‭ ‬إلى‭ ‬مسارات‭ ‬بعيدة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬حقيقتنا‭ ‬وهويتنا‭ ‬وجذرنا‭ ‬الحضارى‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الحال‭ ‬الرديء‭ ‬إلى‭ ‬إنكار‭ ‬هويتنا‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تدميرها‭ ‬بأيدينا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هويات‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬حقيقتنا‭ ‬فذات‭ ‬مرة‭ ‬تكون‭ ‬عروبية‭ ‬سياسية‭ ‬منتحلة‭ ‬تروج‭ ‬لها‭ ‬شعبوية‭ ‬مزعجة‭ ‬تدفعنا‭ ‬وراء‭ ‬أهداف‭ ‬بعيدة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬مشروعنا‭ ‬الوطنى‭ ‬الحضارى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬بناؤه‭ ‬وقتها‭ ‬بالفعل‭ ‬ولايحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬غطاء‭ ‬زائف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬يصل‭ ‬هذا‭ ‬الاندفاع‭ ‬الأحمق‭ ‬الى‭ ‬درجة‭ ‬إخفاء‭ ‬الاسم‭ ‬السابق‭ ‬للتاريخ‭ ‬ذاته‭ ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬مصرالخالد‭ ‬وماذا‭ ‬كانت‭ ‬العواقب‭ ‬؟‭ ‬ارتهن‭ ‬القرار‭ ‬السياسى‭ ‬إلى‭ ‬هوية‭ ‬منتحلة‭ ‬فكان‭ ‬الانكسار‭ ‬والفقد‭.‬

تتسلل‭ ‬هوية‭ ‬أخرى‭ ‬منتحلة‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬والدين‭ ‬من‭ ‬الصفقات‭ ‬التى‭ ‬جلبت‭ ‬علينا‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬المتسللة‭ ‬براء‭ ‬وماذا‭ ‬كانت‭ ‬العواقب‭ ‬؟‭ ‬انطلق‭ ‬الفاشيست‭ ‬الإخوان‭ ‬وأذنابهم‭ ‬من‭ ‬المتسلفة‭ ‬فى‭ ‬عملية‭ ‬تشويه‭ ‬وغسيل‭ ‬مخ‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬ليصبح‭ ‬مجتمعًا‭ ‬متأثرًا‭ ‬بأفكار‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬قيمه‭ ‬الحضارية‭ ‬التى‭ ‬توارثها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬ويشيع‭ ‬التخلف‭ ‬والخرافة‭ ‬فى‭ ‬أرجائه‭ ‬وكانت‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬التشوه‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأسود‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬الأبرياء‭ ‬وخسائر‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬

قد‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬مفهوم‭ ‬جامد‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬دعوة‭ ‬التمسك‭ ‬بالهوية‭ ‬تعنى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الماضى‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬تفاعلت‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬قادم‭ ‬وبالذكاء‭ ‬المصرى‭ ‬اكتسبت‭ ‬أبعادًا‭ ‬أخرى‭ ‬أضافت‭ ‬إلى‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬فامتدت‭ ‬ببعدها‭ ‬الحضارى‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬حضارية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭ ‬كما‭ ‬الإفريقى‭ ‬والمتوسطى‭ ‬ليمتزج‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬بوتقة‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا‭.‬

حكم‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭ ‬أمرين‭ ‬غاية‭ ‬فى‭ ‬الأهمية‭ ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬النواة‭ ‬الصلبة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬هى‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭ ‬الأصيلة‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬مكتسب‭ ‬لا‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬أساسيات‭ ‬هذه‭ ‬الهوية،‭ ‬والأمر‭ ‬الثانى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬والتنوع‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الحضارى‭ ‬العام‭ ‬ولا‭ ‬يتداخل‭ ‬مع‭ ‬صلب‭ ‬القرار‭ ‬السياسى‭ ‬والاقتصادى‭ ‬والاجتماعى‭ ‬فهذا‭ ‬القرار‭ ‬يتم‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬الأصل‭ ‬أو‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬ومشروعها‭ ‬الحضارى‭ ‬الذى‭ ‬يستطيع‭ ‬الاستيعاب‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأفكار‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬أول‭ ‬وهو‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭.‬

بالتأكيد‭ ‬تسببت‭ ‬هذه‭ ‬الهويات‭ ‬البديلة‭ ‬والمنتحلة‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬والخسائر‭ ‬كما‭ ‬أوضحنا‭ ‬لكن‭ ‬جاءت‭ ‬ثورة‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬قبل‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬لتعطى‭ ‬قوة‭ ‬دفع‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لمفهوم‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تخليص‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬التشويه‭ ‬الذى‭ ‬أصابه‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬الانتحال‭ ‬،‭ ‬فى‭ ‬خلال‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬بدأ‭ ‬استعادة‭ ‬الوعى‭ ‬بهويتنا‭ ‬الأصيلة‭ ‬وقد‭ ‬أسهمت‭ ‬الدولة‭ ‬بدور‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الاستعادة‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬الحراك‭ ‬المجتمعى‭ ‬الطبيعى‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬المد‭ ‬الثورى‭ ‬الذى‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬آثار‭ ‬عدوان‭ ‬الهويات‭ ‬البديلة‭ ‬والمنتحلة‭. ‬

أشارت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬خلال‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬فاعلية‭ ‬ونجاح‭ ‬هذا‭ ‬الإسهام‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬والحراك‭ ‬المجتمعى‭ ‬ولعل‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬هجوم‭ ‬عصابات‭ ‬العولمة‭ ‬على‭ ‬حضارتنا‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬محاولين‭ ‬سرقتها‭ ‬ونسبها‭ ‬إلى‭ ‬مجهولين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أغراض‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬يطول‭ ‬شرحها‭ ‬فكان‭ ‬التصدى‭ ‬لهذه‭ ‬الهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬على‭ ‬حضارتنا‭ ‬من‭ ‬أجيال‭ ‬شابة‭ ‬بدأت‭ ‬تستعيد‭ ‬هويتها‭ ‬وأهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الآخر‭ ‬وكان‭ ‬للسنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬إسهام‭ ‬وحراك‭ ‬فضل‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الاستعادة‭.‬

تجوب‭ ‬الآن‭ ‬العواصف‭ ‬والأعاصير‭ ‬السياسية‭ ‬والاستعمارية‭  ‬منطقتنا‭ ‬وتعود‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬حيث‭ ‬تقف‭ ‬الأساطيل‭ ‬والبوارج‭ ‬متحفزة،‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬والأحداث‭ ‬إلى‭ ‬تحولات‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬لتدخل‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬العريقة‭ ‬فى‭ ‬تحديات‭ ‬ليست‭ ‬هينة‭ ‬وللحقيقة‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬اعتادت‭ ‬طوال‭ ‬تاريخها‭ ‬الممتد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬ومواجهتها‭ ‬محققة‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬النيل‭ ‬منها‭. ‬

يتطلب‭ ‬هذا‭ ‬النصرمنا‭ ‬أمرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬بانتباه‭ ‬إلى‭ ‬بوصلتنا‭ ‬التى‭ ‬ترشدنا‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭. ‬بوصلتنا‭ ‬هى‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬ستدلنا‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬مكتسبات‭ ‬لصالح‭ ‬أمتنا‭ ‬المصرية‭ ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬العواصف‭ ‬والأعاصير‭ ‬وتصل‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الهويات‭ ‬البديلة‭ ‬والمنتحلة‭ ‬ستذكرنا‭ ‬هويتنا‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬قرار‭ ‬بعظمة‭ ‬أمتنا‭ ‬المصرية‭ ‬وأننا‭ ‬كنا‭ ‬ومازلنا‭ ‬وسنظل‭ ‬ونؤكد‭ ‬إلى‭ ‬أبد‭ ‬الدهر‭ ‬نحن‭ ‬مصريون‭.‬


 

;