«غزة تحت القصف».. قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم
قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

أنا فداء فلسطين موطني، ولدت في غزة وأعيش فيها، غزة التي أمست عالم مخملي مزين بقلوب شبيهة باللؤلؤ وأرواح يملؤها النقاء، وأصبحت مدينة الشهداء، إنه صبيحة يوم الثلاثاء، المستشفيات تعج بالجرحى وأشلاء الجثث، الثلاجات ملئت بالشهداء، الوجوه ملئت حزنا وشهبا، ترك الجميع منازلهم والتي هدمت أكثرها فوق رؤوسهم، وأسلموا وجوههم ورفعوا أيديهم إلى الله أملاً وتسليما، راجين أن يجدوا مكاناً آمناً من الضربات الجوية التي تلاحقهم، وصواريخ العدو الآثم الغادر التي تمطر عليهم من كل مكان لا تفرق بين أطفال ولا نساء ولا ولدان.

في هذا اليوم توجهنا إلى ساحة مستشفى المعمداني تلك التي تعتبر من أقدم المستشفيات المسيحية في غزة، قالوا لنا أنها مكان آمن، تَجمعنا بالآلاف، جلست على الأرض وأمي تجلس بجواري، وأنا أرفع وجهي للسماء وفي لحظة فارقة إذ بكل شيء يتبعثر من حولي، لا حول ولا قوة إلا بالله تفجرت الساحة بالكامل، الناس صاروا أشلاء في كل مكان.

أين أنا ماذا حدث أين أمي؟ أنادى عليها بصوت عالي أمي، أين أنت لم أجدها ولم ترد، وتلك السيدة تصرخ من بعيد، وهي تنزف من رأسها أولادي، حسن- محمد – ياسين، فين، وأخرى تبحث عن ابنتها وعد، وتسأل أين وعد كنت بالمشفى بالداخل لأحضر لها الأنسولين عندها السكر.

دموع وصراخ في كل مكان، المشهد لا يمكن وصفه، الأرض صارت ساحة من أجساد الشهداء معظمهم من الأطفال، سيارات الإسعاف ملئت بالجرحى، سرطان الإجرام يقصف الأطفال، مرت علينا ليلة مظلمة موجعة، قضيناها وسط جثث الشهداء وآلام الجرحى، أتى الصباح وعندما أتى لم يكتف العدو الغاشم بم حدث ليلا، أصبحنا على ضربة قوية من بعيد، رجل جريح يدخل علينا أولادي، زوجتي، خرجت لأحضر لهم طعام الإفطار، وبمجرد أن فتحت الباب وخرجت نزلت الضربة على بيتي هدمته حتى سوى بالأرض، الضربة أودت بالمنزل المكون من ثلاثة طوابق، وإذا بالرجل يصرخ أولادي، وإذا بسيارات الإسعاف تتحرك، سريعاً والناس تجرى هنا وهناك لتنقذ ما يمكن إنقاذه، الجرحى كثر وأدوات الإسعاف تنفذ، يا الله امنحنا الصبر والثبات والقوة، يا رب أزل الغمة واسحق هؤلاء الأعداء لا ضمير ولا رحمة.

أين أنتم يا من تجتمعون وتفرطون، أغلقوا شاشات التلفزيون، ساعدونا يا أمة الإسلام، أطفال غزة صارت ثيابهم الأكفان.