الحد الفاصل

د. محمد محمد زيادة يكتب: اللي جاي خير

د. محمد محمد زيادة
د. محمد محمد زيادة

لنَا أنْ نعلم أنَّ مشاركةَ جميع فئات المجتمع ومؤسساته في العملية الانتخابية مِن أهم مظاهر تطور الثقافة السياسية المصرية في السنوات الأخيرة، وليس هذا من خلال المشاركة بأصواتهم فقط، وإنما من خلال تعبيرهم عن آراءهم، سواء أكان هذا بدعم مرشحهم، أم بالدعاية له.


هكذا كانتِ الحالُ، غير أنَّ مما يلفت الانتباه في الانتخابات الرئاسية الحالية، هو سعي بعض المستثمرين وشركات القطاع الخاص إلى توعية أفراد المجتمع بخطورة المرحلة الحالية، وما لأصواتهم من أهمية حقيقية تساهم في رسم مستقبل مصر القريب، وحثهم علَى استكمال المسيرة، لجني ثمار ما نجحتْ مصرُ في تخطيه مِن عقباتٍ وتحدياتٍ عبر السنوات الماضية؛ لتدشن هذه الشركاتُ -من أجل تحقيق ذلك- حملاتٍ متخصصةً، تستهدف توعيةَ أفراد المجتمع بما تمر به مصرُ الآن مِن ظروف سياسية واقتصادية، تجعل من أمنها واستقرارها طوقَ النجاةِ الوحيد، ووسيلتها الأولى والأخيرة لتحقيق رؤيتها وأهدافها.


ولعل ما يفسر هذا هو ما أبدته القيادةُ السياسيةُ من اهتمام بالغ بقضايا الاستثمار، وما أصدرته من توجيهات صارمة لتحسين البيئة الاستثمارية، وتوجيهاتها المستمرة لتحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأخرى البيئية -تحديدًا- التي تُعدُّ من أكبر معوقات الاستثمار؛ فضلًا عما نفذته القيادة السياسية من مشروعات تنموية كبرى، يأتي علَى رأسها تطويرُها شبكاتِ الطرقِ؛ لتنجح بذلك كله في إيصال رسالة قوية إلى مستثمرِي العالمِ بأنَّ سوقَ الاستثمارِ المصري سوقٌ واعدٌ.


ويأتي تركيزنا في هذا المقال علَى موقف مؤسسات القطاع الخاص -تحديدًا- من الانتخابات الرئاسية؛ لكونه مؤشرًا أكثر شفافيةً، وأصدق وأوضح في قراءة الوضع الراهن؛ إذْ إنَّ طبيعةَ رؤوسِ الأموال والاستثمارات لا تعرف المجاملة أو المداهنة، وإنما تعرف لغةَ الأرقامِ، تلك اللغةُ التي لا تتحدثُ إلا بالمنطق، ولا تَقنع إلا بالدليل.


وذلك السعي الحثيث، والدعم الصادق والمتفاني من بعض شركات القطاع الخاص لتوعية المجتمع -الذي تبلور في تدشين حملات متخصصة- لا يعكس إلا إدراكها الواعي للأوضاع الراهنة وللتحديات المقبلة، ولا يدل إلا علَى ثقتها الكبيرة في قدرة القيادة السياسية في الحفاظ علَى أمن وسلامة البلاد، وإتاحة المناخ الأمثل، لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة؛ فهو -باختصار- يعكس تقدير القطاع الخاص لما مضى من جهودٍ، وثقته فيما هو آتٍ من نتائج، وإيمانه القوي بأنَّ "اللي جاي خير".