خلف خطوط الإخوان «٢-٣»

أحمد الخطيب
أحمد الخطيب

كان حادث تفجير معهد الأورام عام 2019 فارقا.. حادث له ما قبله وما بعده فى موجة الإرهاب الكبرى التى قادتها جماعة الإخوان عقب إزاحتها عن السلطة فى ثورة 30 يونيو.

مأساوية الحادث أجبرت تنظيم الإخوان على صدور تكليف من مكتب الارشاد الدولى بضرورة البدء الفورى فى تنفيذ سيناريو الخداع التكتيكى تحت عنوان «استعادة الحاضنة الشعبية»، وهو تكتيك يتماهى تماما مع حقيقة «النفسية الاخوانية» التى جُبلت على التقية، فالإخوان جماعة باطنية بامتياز تراهن على الزمن وتجيد التسلل إلى مناطق النسيان فى مساحة الذاكرة المصرية.

مخطط استعادة الحاضنة الشعبية هو إعادة تدوير لمخلفات إخوانية تُعد من ثوابت المبادئ التنظيمية التى تستكين فى استضعاف مصطنع، بعد أن كشف حادث التفجير المرير عن وجه التنظيم الحقيقي.

ما يحدث الآن هو محاولة من «الكيان الاخواني» لتطبيع العلاقة مع المجتمع المصري، وليس مطلوبا من أى إخوانى سوى التظاهر بحالة من الحميمية فى محيط مجتمعه، وأن يخفض له اضطرارا جناح الذل من الخداع.

لن يكون مطلوبا من أى إخوانى خلال مرحلة «استعادة الحاضنة» سوى ممارسة الخداع على مدار الساعة دون أى نشاط تنظيمى أو دعوي، ودون حتى الانخراط فى أى حراك سياسى حتى لو كان تعبيرا عن التضامن مع القضية الفلسطينية!، فالمطلوب فقط هو إعادة التمركز والانتشار الاجتماعى بين صفوف المصريين.

لن تنتهى تلك المرحلة إلا بعد تمكّن التنظيم من تثبيت موطئ قدم ومرتكز اجتماعى جديد ليكون نقطة انطلاقة تنظيمية أخرى كثيفة.

ستستمر تلك المرحلة لكنها لن تطول، وحينها ينتقل التنظيم بكامل كوادره إلى مرحلة أكثر تطورا وخطورة وهى «تفعيل الحاضنة الشعبية». 

عند هذه النقطة المفصلية ينتقل التنظيم ببطء من حالة «الاستاتيكية التنظيمية» إلى حالة ديناميكية منظمة ومحسوبة، تعتمد على إعادة التواصل مع المحيط المجتمعى لممارسة حالة دعوية إخوانية مستترة لا تهدف أبدا للتجنيد والاستقطاب، بقدر ما تهدف إلى «خلخلة السلام الاجتماعى» وبناء قاعدة من التشكيك القابلة لأن تتطور لحالة نفور مجتمعى شامل.

عندئذ يعتمد التنظيم على ما يمكن تسميته بمنهج التجنيد السلبي، الذى سيرتكز على تصنيع بؤر اجتماعية محتقنة بعد تعرضها لجرعات إعلامية مكثفة ليس لها هدف إلا نزع أى قدر من الثقة بين الدولة والمواطن، من خلال حملات إعلامية تبنى على «التأثير التراكمى» لما يتم ترويجه عبر الخطوات التاليه:

1- الإصرار على وصم الدولة ومؤسساتها بالفساد دون أى دلائل موضوعية.

2- التشكيك فى جدوى أى مشروعات تعلن عنها الدولة.

3- فرض صورة قاتمة لمستقبل الأجيال فى مصر والتبشير بانهيار الدولة.

4- الاستهداف الشخصى والاغتيال المعنوى لكل من يتبنى خطابا موضوعيا يتوافق مع أى رؤية للدولة أو جزءا منها.

5- الاستهداف المكثّف لمؤسسات الدولة العميقة التى حالت دون إتمام المشروع الإخوانى الذى مثّل خطرا داهما على الأمن القومى للدولة.

6- نشر حالة من الاتهامات بالتخوين والتفريط دون أى سياق منطقى أو حتى تخيلى لذلك.

7- نزع أى غطاء أخلاقى عن الدولة وصولا إلى حد التشكيك فى كونها قد فرطت فى مسئولية التصدى لحفظ الدين من أى محاولة لهدم ثوابته.

عقب هذه الخطوات والارتكازات الشريرة التى سيرسيها التنظيم يبدأ فى «عمليات نوعية» لتفتيت أى تكتلات اجتماعية متآلفة كانت قد اتحدت من قبل فى مقاومة الجماعة ونجحت فى إجلائه عن الوجدان العام.

هدف هذه العمليات هو التواجد الاجتماعى - وليس التنظيمى - فى مساحات الفراغ التى أحدثها ذلك التفتيت ليظهر بأنه الكيان الوحيد الذى لا زال متماسكا.
عندئذٍ تبدأ مرحلة تفعيل «الحاضنة الإخوانية» بعد انتهاء عملياتها النوعية التمهيدية التى تمت بالتشكيك والتفتيت، ليعيد التنظيم تشغيل أسلوبه القديم المعروف باسم «توسيع دوائر الربط العام»، ولكن بأدوات جديدة تُخاطب اجيالا لم تكن قد نضجت وقت أن رفع مجرمو التنظيم السلاح فى وجه المصريين بلا تمييز.
هذا ليس سردا من قبيل الترهيب، بل بقصد التذكير والكشف واستعادة الوعى فإن الذكرى تنفع المصريين.

نحن أمام تنظيم سرطانى لا ينبغى أن نغفل عنه فيعاود هجومه على الجسد الوطنى المُتعافى.

لا ينبغى أبدا الاستكانة لأوهام القضاء النهائى على هذا التنظيم ولا ينبغى التوقف عن مقاومته، بل يجب تسليم مقاليد مقاومته للمصريين جيلا بعد جيل.
- تنظيم الإخوان الإرهابى لن ينسى لحظة 30 يونيو الممهورة بختم الوطنية الصلب بعد أن صدرت وثيقة الإزاحة يوم الثالث من يوليو عام 2013، لكن نيران الثأر لم تهدأ داخل النفس الإخوانية البغيضة.

مقاومة الإخوان فرض عين حال على كل مصرى.. وإن عدتم عدنا!