نجوم بالزى العسكرى يشهدون النصر

ذكرى أكتوبر المجيد
ذكرى أكتوبر المجيد

أمل‭ ‬صبحى

أيام الحرب تحمل الكثير من الذكريات، وفرحة النصر ترتبط دائما بالشعور بالعزة واسترداد الكرامة.. هناك العديد من الفنانين الذين شاركوا فى نصر أكتوبر المجيد، وقد كشفوا ما حملته لهم الأيام العصيبة قبل تحقيق النصر العظيم وشعورهم بالفخر والأخذ بالثأر، ويأتى فى مقدمة هؤلاء الفنانون الراحل أحمد مظهر الذى خرج بتصريحات صحفية عقب إندلاع الحرب بأيام قليلة كونه قائدا سابقا بالجيش المصرى، ليصف الأحداث وشعوره وقتها بالنصر العظيم.

سامى عبد الحليم.. هازم «البعبع» 

من أبناء محافظة المنوفية، ولد في 15 نوفمبر 1951، شارك في حرب أكتوبر، ضمن قوات المشاة فرقة  الميكانيكا ، وعن ذكرياته عن حرب أكتوبر قال: “ألتحقت وقتها بسلاح اللواء 11 مشاة ميكانيكا، وكنا نقوم بالتدريب ليلاً ونهاراً إستعداداً للحرب، التي لم نكن نعرف موعدها، لكن كل مانعرفه أنها ستحدث في أي لحظة، وعلينا الإستعداد والتأهب التام لها، حتى جاءت اللحظة الحاسمة وهزمنا العدو هزيمة ساحقة ونحن نردد الله أكبر التي خرجت منا جميعاً بطريقة عفوية وكانت تهز الأرض”.

وأضح سامي أن العبور يمثل له لحظة إعتزاز وفخر، مضيفا: “إحنا كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة.. وشعوري حين انتصارنا كان فرحة عارمة، فأخيراً أستطعنا أن نهزم (البعبع)، هذا العدو الذي طالما عشنا في شعور سخيف ومخيف بسببه، ولم ننتصر عليه إنتصاراً عادياً، بل كان إنتصارا مبهرا وأبهر كل العالم، وأثبتنا أننا نستطيع بذكائنا وقوتنا أن ننتصر”.

وعبر عبد الحليم: “وقت الحرب كان هناك العديد من الأغاني والبرامج التي تعزز بداخلنا إحساس الإنتماء بالوطن، حتي أننا كنا على إستعداد تام للشهادة من أجل الوطن، وكنا نبكي بمجرد سماعنا لتلك الأغاني، ومن أكثر الأغاني التي كنت أعشقها (مصر التي في خاطري)”.

وأضاف عبد الحليم: “كان ضباطنا وقادتنا قد وضع خطط للحرب في منتهى الذكاء، وكانت قائمة على الحيل والخداع الذي كان يصدقها العدو وتسهل علينا الكثير، وأتذكر من ضمن الخداع الذي قمنا به عندما كنا على دبابتنا متجهيين لأرض الجفرة، وهي منطقة عسكرية، وفجأة قبل وصولنا أمرونا بفتح الذخيرة، وهنا توقعت أننا سنحارب، وأن هذه هي اللحظة التي ننتظرها جميعاً، وفي النهاية وجدناها خدعة من ضمن الخداع حتي يظن العدو أننا سنحارب فيرتبك”.

وأكد سامي عبدالحليم قائلاً: “بعد أن أنتهينا من الحرب كان كل ما يشغلنا هو تعيننا، وبالفعل بعدها قاموا بتعيني أنا وزملائي، والحقيقة بعد مرور 50 عاماً على حرب أكتوبر، مازلت أشعر بالفخر والحماسة، ومازلت أتذكر كل لحظة مرت علينا في الحرب، وأتذكر زملائي الذين أستشهدوا من أجلنا ومن أجل أن تعود مصر حرة من قبضة العدو الذي لطالما عشنا أوقات صعبة بسببه، واليوم مر 50 عاماً، ومازلت أتذكر لحظة الحرب والانتصار، وتلك الفرحة التي لا مثيل لها، ولم أعش مثلها في حياتي، فدائماً أجلس أنا وصديقي حسن العدل ونتذكر سوياً كل ما حدث ونسترجع ذكرياتنا سويا في الحرب”.

حسن العدل .. رجل العبور

    من أبناء محافظة المنصورة، ولد في 21 مارس 1951، وحصل على بكالوريوس معهد الكفاية الإنتاجية عام 1972 , وعن ذكرياته مع حرب أكتوبر قال الفنان حسن العدل: “في صباح يوم 6 أكتوبر أحضر الضباط كرة وطلبوا منا اللعب، وبدأوا يوزعون علينا القصب، كل ذلك حتى يصل للعدو إحساس أنه يوم عادي، وفي الساعة الثانية عشر ظهرا بدأوا في تجميع الكتائب، والساعة الواحدة والنصف كان هناك صمت رهيب في كل الكتائب”.

وأوضح: “وعندما حلت الساعة الثانية والنصف ظهرا بدأت الطائرات تحلق فوقنا، وقالوا سنعبر الآن، وطول خط القناة كانت هناك أصوات المدفعية بدأنا نستعد ونركب سيارتنا وبدأنا نتجه نحو المعبر وعندما وصلت المعبر وجدت جنودنا وكأنهم نمل وكلما اقتربنا أسمع صيحات (الله أكبر.. الله أكبر)، وكان هناك مجموعة من الصاعقة مروا وأغلقوا أنابيب (النابلم) التي وضعها العدو أسفل القناة ليمنعنا من العبور، وعبرنا، وكانت خراطيم المياه على وشك الفتح، وخرجت قوات الصاعقة وتسلقت السواتر الترابية، وأخذنا مواقعنا على بعد كيلومتر واحد داخل البر الشرقي، وبدأنا في ضرب الهدف، كانت لحظة بها تكاتف، وكان الكل يعرف ما يفعل جيداً، وظللنا في الاشتباكات حتى يوم16  أكتوبر”.

وأضاف العدل: “القادة والجنود كانوا وقتها يدا واحدة وعلى قلب رجل واحد، وكانت قيم الحب والتعاون موجودة بين الجميع، ومازالت أتذكر حرب أكتوبر المجيدة وكل ما حدث بها، وكأنها وقعت منذ ساعات قليلة، لذلك في كل ذكرى لنصر أكتوبر المجيد أعيش حالة خاصة استرجع فيها كل ما حدث، وروح المحبة التي كانت بين المصريين، والتي يجب أن تبقى للأبد، فنحن في حرب أكتوبر كنا نتقاسم قطعة الخبز (الناشف)، وكنا نتقاسم مع بعض القليل المتوفر من المياه”.

تصريحات أحمد مظهر بعد إندلاع الحرب بأيام قليلة

عقب إندلاع حرب أكتوبر المجيدة بأيام قليلة، خرج الفنان الراحل أحمد مظهر بتصريحات على صفحات مجلة “آخر ساعة” ضمن تحقيق أجراه الصحفى ثروت فهمى فى 17 أكتوبر 1973، حيث شبه الفنان الراحل مواجهة الرئيس أنور السادات للقوات الإسرائيلية بمواجهة الناصر صلاح الدين للقوات الصليبية.

وخلال تصريحاته قال مظهر: “أثبت المقاتل المصرى منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا أن مصر مقبرة لكل من تسول له نفسه أن يغزو أرضها نصرا إلا بالغش والخديعة، والحروب هى سلسلة من المعارك التى قد تمتد ويطول بها الوقت.. وفى التاريخ حروب استمرت سبعين سنة ومائة سنة، وليس من الضرورى أن تحقق الجيوش نجاحا فى جميع المعارك لكن العبرة بمن تكون له الكلمة فى النهاية.

وأضاف: “الجندى المصرى صحح الفكرة التى شاعت عنه بعد معركة 5 يونيو سنة 1967 بما حققه فى انتصارات فى معركة 6 أكتوبر سنج 1967، فشهد له الجميع بكفاءة قتالية مثالية سجلتها الصحف الأجنبية فى جميع أنحاء العالم”.

وتطرق فى حديثه عن الفارق بين المقاتل المصرى ونظيره الإسرائيلى، قائلا:  “ ظروف المقاتل الإسرائيلى تختلف عن ظروف المقاتل المصرى الذى لديه شعور بعمق المأساة بعد نكسة يونيو  1967، لذا فهو يحارب مستميتا لإنهاء المأساة، ثم أن فى طبيعة المصرى ضرورة الأخذ بالثأر، وهذا أمل لا يمكن تجاهله، خصوصا أن المدة قصيرة بين معركة 1967 ومعركة 1973، وجراح المعركة السابقة ما تزال دامية.. أما الجيش الإسرائيلى فهو خليط عجيب من جنسيات مختلفة، لا تربط بينها أواصر الدم أم اللغة أو بالقرابة إذا أسقطنا دعواهم الدينية المتهاوية”.

وعن أمنياته وقتها بالعودة لصفوف الجيش مرة أخرى، قال: “هذا شرف أتمناه لو كانت لدى اللياقة ووصلت فى أواخر أيامى إلى قائد مدرعات وخلال المدة التى تركت فيها الجيش تقدم سلاح المدرعات كثيرا، وعملى مع الجيش بعد كل هذا التخلف لن يكون مجديا، بل قد يكون معطلا ضارا”.

أحمد فؤاد سليم.. صائد الطائرات 

ألتحق بسلاح الدفاع الجوي، وهو من أبناء محافظة الشرقية، جاء إنضامامه للجيش بعد حصوله على بكالوريوس التجارة، وكان أحد الأبطال الذين شاركوا في حرب التحرير والعزة، حيث شارك ضمن قوات الدفاع الجوي، وكان من قوات الفرقة الثامنة على جبهة القتال، وكان برتبة شاويش آنذاك، وقال عن ذكرياته عن حرب أكتوبر: “قبل حرب 73 أصيبت لنا طائرة وهبطت إضطراري في الإسماعيلية، وكان الرئيس السادات دائما يقول العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم، ولابد من إسقاط طائرة إسرائيلية مثلما حدث معانا”.

مضيفا: “محمد درويش كان من أكفأ ضاربي الصواريخ في ذلك الوقت، وكانت هناك طائرة إسرائيلية بها 8 خبراء، وكنا نسمع إن منها 3 طائرات فقط في العالم، والطائرة تهبط لإرتفاع منخفض كل ثلاثاء لتصوير الجبهة وترحل، وقررنا إسقاطها، وصنعنا خطة من فكرة قصة الذئب والغنم، حيث كنا نضرب إطلاق إلكتروني ولا يجد الطيار شيء، حتى وصل إلى مدينة فايد، وحينما تحرك في خط مستقيم تم إسقاطها بصاروخين وأخذنا 2 من الأسرى”.

وتابع: “كانوا متفوقين في الاستطلاع والدبابات، وكنا نضرب خط بارليف وما وراءه، وجنود الصاعقة كانوا يذهبوا للقيام بعمليات طول الوقت في النهار والليل، لأن منطقة الجناين كانت منطقة عبور”.

أحمد عبد الوارث استرداد الكرامة

 من أبناء محافظة القاهرة، ولد في 18 أكتوبر 1947، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية، وبدأ حياته الفنية في التليفزيون من خلال مسلسل «هروب»، شارك الفنان الراحل كجنديًا في سلاح المشاة خلال حرب أكتوبر المجيدة. 

وكان قد وصف الفنان الراحل عبد الوارث شعوره وقتما شارك فى الحرب، قائلا: “كان لدينا الحماس في الاصرار على استرداد الأرض وتحقيق النصر”، خاصة بعد انتشار الكثير من قصص الأبطال الشهداء في الدفاع عن تراب الوطن، وأضاف أنه لم يقدم حتى الآن عمل فنى يرصد حقيقة أسطورية الحرب وما دار فيها، والتى أصبحت تدرس في الأكاديميات العسكرية العالمية، مطالبا بضرورة تقديم أعمال ملحمية ضخمة لتكون قدوة لشبابنا الحالى و الذى لم يعرف تفاصيل هذه الحرب.

  كما تناول فى تصريحات سابقة له بعض الذكريات عن هذه الفترة، قائلا : “كنا نشعر فى فترات التدريب بقيمة وهيبة الموقف، لأننا جميعا كان لدينا شعور بالحرقة منذ وقت نكسة 67 وماحدث بها من هزيمة، فكانت لدينا الرغبة القوية في استرداد الحق ورد تلك الضربة بتحقيق النصر واسترداد أراضينا، فهذا الشعور لم يغيب عنا لحظة واحدة، فكان من المؤلم وقتها عندما نسمع عن استشهاد عدد من زملائنا ممن سبقونا للحرب من الدفعة الأولى، فكانت تلك الأحداث تزيدنا إصرارا ورغبة ملحة فى القتال ونيل الشهادة مثلهم، فهذا أقل ما يمكن أن تقدمه من أجل تراب الوطن”.

مضيفا : “ لأكثر من 15 عام حاربت  من أجل تقديم عمل سينمائى يعبر بشكل حقيقى عن هذا الحدث، لأننى لازلت أرى أنه لم يقدم أي عمل فنى يعبر بواقعية عما حدث خلال الحرب، لأن الشباب يحتاج حاليا إلى قدوة”.

محمود الجندى.. أجمل لحظات حياته مع صقور الجو 

من أبناء محافظة البحيرة، تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، قدم العديد من الأعمال الفنية من خلال شاشات السينما والتليفزيون، كما يعتبر من أبرز الفنانين  المشاركين في حرب أكتوبر 1973، ألتحق الجندي بالحرب خلال فترة تأديته للخدمة العسكرية في الجيش المصري، حيث قضى في الجيش 7 سنوات منذ عام 1967 وحتى 1973، وكان يقول عنها “تلك الفترة كانت من أفضل سنوات حياتي، رغم أنني وقتها حرمت من تحقيق حلم حياتي في العمل كممثل، لأصبح ضابط إحتياط في الجيش”، ومن الطريف أن الجندي كان معه في نفس وحدته العسكرية المخرج عاطف الطيب.

كان الجندي والفنان الراحل ضمن سلاح الطيران، والتي كان يقودها آنذاك الفريق محمد حسني مبارك، وكشف الجندي أنه قبل الحرب كان في مرحلة يأس، تعلم كيف يتكتم على عواطفها من أجل تحقيق هدف وحلم أكبر وأعظم، لكن جاء النصر ليخرجه من تلك الحالة.

لطفى لبيب.. الصمود أمام الحصار 

من أبناء محافظة بني سويف، بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية التحق بالتجنيد بالقوات المسلحة عام 1970 بالجيش الثالث الميداني بإدارة الشؤون المعنوية، كان فى سلاح المشاة، وكانت مهمته تجميع الجنود الشاردين بعد النكسة، وكانت كتيبته من أولى الكتائب التي عبرت قناة السويس يوم السادس من أكتوبر، وقام بتأليف كتاب يحمل عنوان “الكتيبة 26” يحكي فيه عن تجربته الشخصية عن حرب أكتوبر، يدور فى الفترة من سبتمبر 1973م وحتى فبراير 1974م، وقد كتبه بعد انتهاء حرب أكتوبر بعامين أي في عام 1975.

وعن ذكرياته مع احتفالات حرب أكتوبر المجيدة التى تحل من كل عام، يعتبر لطفى لبيب ذكرى انتصار حرب أكتوبر عيدا يحرص على الاحتفال به كل عام، خاصة أنه عيد سيظل محفور بداخلنا جميعا إلى الابد، ويضيف “ التحقت بالجيش سنة 1970، وحوصرت خلال حرب أكتوبر، وكنا نقوم بعملية تقطير للمياه باستخدام “التانكات” الخاصة بالعربات التي تم تدميرها، ثم نملؤها بالمياه من القناة ونغليها لكي نحصل على مياه للشرب، لأننا كنا نحصل على «زمزمية» مياه واحدة فقط فى اليوم، كما كانوا يعطوننا علبة اسمها “التعيين” بها طعام لكي تكفينا لمدة 3 أيام، رغم أنها تكفي يوم واحد فقط، كنا نشعر نجوع، لكننا كنا نصمد.

وأضاف: تم محاصرتنا لمدة 3 شهور وكنا صامدين، والحرب بالنسبة للجيش الثالث بدأت يوم 6 أكتوبر ولم تنتهي إلا بعد اتفاقية الفصل بين قوات الكيلو 101.

وعن  حلمه بتخليد ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، قال:”أنا ممن تبقوا من جيل أكتوبر، ويا رب الوسط الفني والفنانين يعملوا حاجة عن أكتوبر، بقالنا 50 سنة بنقول عاوزين نعمل حاجة عن الحرب”.

كما ناشد لبيب بضرورة إنتاج فيلم يتضمن حرب أكتوبر كاملة، لأن هذه الحرب المجيدة ملحمة بكل ما تحمله الكلمة من أبعاد، كلها انتصارات وإنسانية، حيث انه كان أحد أفراد الجيش الثالث وهذا أمر يدعوه دائما للفخر به.  

اقرأ أيضًا : سيناريو ملحمة أكتوبر فى عيون صناع الدراما


 

 

 

;