عاجل جداً

الرعايات المركزة.. الحل على الطريق

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

أتمنى أن يتحول تصريح الدكتور أحمد سعفان إلى حقيقة ، وأن تنجح وزارة الصحة بالفعل فى حل مشكلتى الرعاية المركزة وحضانات الأطفال، وهما أكبر مشاكل منظومة الرعاية الصحية فى مصر .

وكان د.سعفان رئيس قطاع الرعاية العلاجية بالوزارة قد بشرنا خلال مشاركته بمؤتمر السكان،الذى عقد أوائل هذا الشهر بأنه سيتم حل مشكلة الرعاية المركزة والحضانات بعد أن تمت دراسة عدد من الحلول ، وأنه سيتم التعاون مع المجتمع المدنى والقطاع الخاص لمساعدة الوزارة فى تشغيل هذه الوحدات،
ورحلة البحث عن سرير رعاية مركزة ، هى رحلة عذاب حقيقية ، لا يعرف مرارتها إلا كل من عاش هذه التجربة الأليمة.

والبداية دائما أزمة مفاجئة لم يستعد لها المريض ولا أهله،فكل دقيقة محسوبة من حياته، وخلال رحلة سباق الزمن للبحث عن سرير رعاية مجانى أو بتكلفة مناسبة، يكتشف الأهل أن وحدات الرعاية داخل المستشفيات الحكومية دائما مشغولة ، أما فى المستشفيات الخاصة فالدفع قبل استقبال المريض، والمبلغ المطلوب تحت الحساب لا يقل عن عشرة آلاف جنيه، وهو مبلغ لن يغطى أكثر من يوم واحد أو يومين على الأكثر ، لتبدأ بعدها رحلة عذاب جديدة أطرافها مريض بين الحياة والموت ، وفاتورة يومية تحسب عليه أنفاسه، وأهل عاجزون عن إنقاذ مريضهم وملاحقة الفواتير الرهيبة التى تستنزف مدخراتهم، وقد تدفعهم للديون والقروض وربما بيع ممتلكاتهم.

وداخل الرعاية المركزة كل خدمة مهما كانت بسيطة تتحول لأرقام كبيرة داخل تفاصيل الفاتورة، أدوية، وتحاليل، وأجهزة، وإشعات ، وأطباء، وتمريض، بخلاف فيزيتا يومية كبيرة للطبيب الاستشارى حتى لو لم يحضر ، وفيزيتا أخرى لجلسة العلاج الطبيعى حتى لو اقتصرت على ٥ دقائق ، وغيرها الكثير، تكاليف رهيبة تفوق امكانات 99% من المصريين ، وليس أمام أهل المريض فرصة الاعتراض ، أو التفاوض أو الفصال ، فلا يوجد بديل آخر فى المستشفيات الحكومية ،ومشروع الخط الساخن 137 للرعايات والحضانات والطوارئ لم ينجح فى حل المشكلة

والبديل الوحيد هو طرد مريض بين الحياة والموت، وحرمانه من فرصة العلاج والحياة .

أعلم جيداً أن العلاج مكلف، وأن وحدات الرعاية تتطلب نفقات باهظة للتجهيز والتشغيل اليومى حتى تكون قادرة على القيام بدورها وإنقاذ مرضى مهدد بالموت، وأعلم أن أسرة الرعاية فى مصر تغطى ثلثى احتياجاتنا فقط ، وأننا فى حاجة لأكثر من 4000 سرير لتغطية العجز، وأن المشكلة ليست فى افتتاح وحدات جديدة ، لكن هناك أيضا مشكلة نقص الخبرة المدربة من الأطباء والتمريض ، وهروبهم للخارج لزيادة الدخل ، بسبب ضعف أجورهم فى المستشفيات الحكومية.

مشكلة الرعاية المركزة لن تحتمل الانتظار لحين الانتهاء من تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل ،بل لابد أن تكون أول اهتمامات وزارة الصحة خلال الفترة المقبلة، حتى لو تحولت إلى قضية قومية تسخّر لها كل الإمكانيات ويوضع لها نظام دقيق يتم خلاله توجيه المريض وأهله من خلال منظومة محددة وشرائح مالية مختلفة يتحمل المريض جزءاً منها وتسهم جهات أخرى فى التكلفة ،

لابد أن نعترف أن تعرض أى إنسان لأزمة صحية أو حادث، يتطلب دخوله الرعاية أصبح كارثة تهز الأسرة، لعجز معظم الأسر عن مواجهتها ، مهما كانت امكانياتها، خاصة أن موعد تعافى المريض وخروجه من الرعاية ، ووقف نزيف التكاليف، هو أمر لا يعرف موعده إلا الله، عافانا الله وعافاكم.