«أنوثة حمراء» قصة قصيرة للأديبة إيمان حجازي

قصة قصيرة للأديبة إيمان حجازي
قصة قصيرة للأديبة إيمان حجازي

ذات الشعر الأحمر ِ الجارة الجميلة التي يشعل رأسها اللهب. وكأنها عاشقة للدم ِ تحرص على ارتداء اللون الأحمر.

 

المرأة ذات الأحمر ِ ترفع أنوثتها فوق رأسها تاجا ِ فهي تقدس ما حبتها به الطبيعة من جمال ِ وتحدث الأحياء ببهائها ودلالها كشفا وإظهارا.

 

هي امرأة تحب الهواء الطلق ِ وتعشق مرور النسيم بين خصلات شعرها الحمراء حين ينسدل خارج الشباك ملامسا وجهها الأبيض البض والذي يحتله شفتيها الغليظة بلونها الأحمر القاني.

 

تكتنز المرأة صدرا عاجيا يسيل عليه لعاب الرجال في البلكونات، هو أيضا يحب الهواء ولا يستشعر الخجل ِ يشاركها مشاهدة الشارع والانطلاق، وكأنه يقدم دعوى مفتوحة للمرح ِ يكاد ينفلت من قميصها ليحيى المارة والجيران في الشرفات والبلكونات.

 

تحب ارتداء الأحمر بكل أشكاله وتفصيلاته ِ حتى سورتيت الشعر ِ أما ملابس البيت المتعددة والتي كلها باللون الأحمر فتتسم كلها بالتقشف حجما ووقارا  ِ يكاد من يراها أن يجزم بأن كل منها لا يزيد عن النصف متر ِ حيث يظهر منها كتفان مستديران ظهورا تاما وذراعان إسطوانتان ينتهيان بكفين مربربين بأظافر مدببة ومانيكيير أحمر دم الغزال .

 

عندما تهل من الشباك أو في البلكونة تتابعها عيون الرجال والشباب المرابطين في البلكونات ، يذكرونني بعبد المنعم إبراهيم في أحد أفلامه عندما كان يصنع فتحات في الجريدة ليراقب بنت الجيران، ليتمتع بمحاسنها التي تظهر ويتصور ما تحجبه الحوائط، فيتخيل هذه السيقان الرائعة البياض وهذا الوسط الذى يرتكز على عجيزة عجيبة تتمايل يمينا ويسارا وهى تسير وتنتقل عيونه لتكويرة البطن كماجور العجين الخامر الذى تستعمله عمتي، وإذا ما صعد وجد عنقا وكأنه ماسة تضئ فتجذب العيون، لتستقر على صدر  يترجرج وكأنه طبق مصنوع من الجيلي يلاغي الناظر بدعوات مقصودة .

 

هي امرأة ليست فقط تحب الحياة ولكنها تتحداها ِ تعلن للدنيا أنها أنثى ِ أنثى ملتهبة ِ أنثى ثائرة ِ أنثى لا مبالية ِ تضرب عرض الحائط بجميع الأعراف والتقاليد ِ أنثى تحطم التابوهات جميعها ِ أنثى لا تؤمن إلا بأنوثتها ِ أنثى تثق في نفسها ِ أنثى اعتادت ألا ترى غيرها ِ وألا تقف عند رغبات الناس ِ أنثى ارتضت أن تكون نفسها فقط ِ أن تعيش كما يتراءى لها وفقط.

 

في كل مرة تخرج هذه المرأة وتشرع في احتلال الفضاء تتابع نظرات الجيران ِ فتجد السيدات ممتعضات ِ يلولون الشفاة ويرفعن الحواجب ِ يشجبن فعلها  ِ بينما كل منهن تحاول جذب زوجها ونهره عن المشاهدة والمتابعة ِ بينما هي تضحك عاليا ويكون ضحكها أيضا أحمر ِ حتى يخيل للرائي أن الحياة بقي لونها أحمر أحمر أحمر .