حكاية شارع| فريد سميكة.. بطل من أبطال السباحة والغطس

شارع فريد سميكة
شارع فريد سميكة

تعج شوارع مصر بالكثير من الأسرار التي احتفظت بالكثير من الوقائع والأحداث وكانت شاهدة على تاريخ الوطن.

وتُعد الشوارع كتابا مفتوحا يروي تاريخ المدينة والأحداث التي وقعت بها، وتعد اللافتات التي تحمل أسماء الشوارع هي صفحات الكتاب.

ولأسماء شوارع القاهرة تاريخ معروف، حيث إنه قبل عهد محمد علي باشا كانت الأحياء والمناطق تحمل اسم القبيلة التي عاشت فيها في البداية أو منطقة يتجمع فيها أرباب حرفة معينة بينما البعض الآخر يحمل اسم صاحب قصر بني بهذه المنطقة.

وقرر حينها محمد علي أول حاكم لمصر إصدار مرسوم بتحديد أسماء الشوارع وتركيب لافتات تدل عليها وأرقام لكل مبني.

فريد سميكة

ولد فريد باسيلي سميكة في 12 يونيو 1907 بالإسكندرية، وتربى في وسط راق، فعاش فريد طفولة مخملية فألحقه فيها والده مدير الجمارك "باسيلي بك سميكة" بمدارس النخبة فأتقن الفرنسية والإنجليزية، وفقا لما كشف عنه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

وكان سميكة عاشقًا لفكرة الطيران ويحلم بأن يصبح طيارًا، ولم يستسلم حتى أصبح حاملاً لرخصة الطيران المحلية في مصر، لكن القدر قاده ليصبح أحد أبرز نجوم الرياضة المصرية على مر تاريخها، ولكن في مجال رياضة الغطس.

اقرأ أيضا| حكاية شارع| ميشيل باخوم.. من رواد مجال الهندسة الإنشائية

بطل أوليمبي وعالمي

مَثل فريد سميكة مصر في أولمبياد أمستردام عام 1928، وكان عمره آنذاك 21 عامًا، وهناك كان المجد ينتظره بأن أصبح مع الثنائي السيد نصير وإبراهيم مصطفى أول من رفعا العلم المصري والعربي والإفريقي في المحفل الرياضي الأكبر، فكان لفريد سميكة السبق بإحراز ميداليتين في دورة أولمبية واحدة معلنًا عن نفسه كأحد أفضل الغطاسين في العالم. فقد حصل على الميدالية الفضية في مسابقة السلم الثابت، والبرونزية في مسابقة السلم المتحرك.

وفي هذا الأولمبياد وقع خطأ تاريخي حرم فريد سميكة من الميدالية الذهبية بعدما عزف السلام الوطني للمملكة المصرية آنذاك ابتهاجا بفوزه بالميدالية الذهبية في مسابقة السلم الثابت، لكن أقرت لجنة التحكيم بوجود خطأ في احتساب الدرجات، وذهبت الميدالية الذهبية للغطاس الأمريكي “بيتي ديسجاردنس”، المنافس له.

وفي عام 1932 فاز سميكة ببطولة العالم في الغطس. وفي أمريكا حيث استقر حاز بطولة أمريكا في الغطس أكثر من مرة، كما حاز على بطولة العالم في اليابان.

اعتزال سميكة

وقد اعتزل فريد في عام 1932 في أوج تألقه.. وفي عام 1933 قام برحلة حول العالم مع زميله هارولد سميث أبهرا فيها كل من شاهد عروضهما في الغطس المزدوج، ثم لاحقًا قاما برحلة مماثلة عبر الولايات المتحدة أقاما خلالها عروضًا كرنفالية لتحفيز الشباب على ممارسة تلك الرياضة.

اقرأ أيضا| حكاية شارع| محمد مظهر.. شارك بتشييد القناطر الخيرية وفنار الإسكندرية الكبير

وفي عام 1935 عمل مدربًا لمنتخب مصر الأوليمبي في الغطس، والذي شارك في دورة برلين 1936.

هجرة سميكة إلى أمريكا

كان شقيق فريد سميكة الأكبر يشغل منصبًا دبلوماسيًا مصريًا في نيويورك خلال نهاية العشرينات وبداية الثلاثينيات، ولكن هذا لم يكن السر في هجرته لأمريكا، وإنما السبب يرجع إلى العلاقة الوطيدة التي جمعت بين عائلتي سميكة وروزفلت، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في الثلاثينيات، والذي كان قد زار مصر صغيرًا وعشقها بشدة.

في عام 1929، طلب فريد سميكة الزواج من مابل فان دين آكر، ابنة أحد الأثرياء والذي كان تاجرًا للمجوهرات لنجوم هوليوود، ولكن القانون العنصري آنذاك كان يمنع تزوج الأمريكية البيضاء من شخص قوقازي، قبل أن تصدر المحكمة المحلية في كاليفورنيا حكمها بالسماح بهذه الزيجة، التي أثارت ضجة كبيرة في الصحافة الأمريكية.

وبعد أقل من عامين وقع الطلاق وتزوج فريد سميكة من أمريكية أخرى تدعى بيتي جين ويلسون وأنجب منها ابنه الوحيد صادق.

في أكثر من حوار صحفي ذكر أسطورة السباحة الأمريكية من أصل كوري "سامي لي" أن ملهمه ومثله الأعلى هو فريد سميكة الذي تنبأ له بأن يكون أول سباح غير أبيض يحقق ميدالية ذهبية في الأولمبياد قائلاً عبر صفحات جريدة «لوس أنجلوس تايمز»: "دربني جيمس ريان، وهو نفسه مدرب الأسطورة فريد سميكة، حين سحبوا منه الميدالية الذهبية في أولمبياد أمستردام 1928".

وتابع: "في أولمبياد لندن 1948 حققت الميدالية الذهبية وتحققت نبوءة فريد سميكة، وقال لي المصريون وقتها لقد جعلت من سميكة ملهمًا، وتحققت نبوءته".

عمل سميكة بهوليوود

بعد أن اعتزل فريد سميكة الغطس والسباحة اتجه للعمل في هوليوود؛ فقد شارك في المشاهد الخطيرة في أفلام «طرزان» مع “جوني فايسمولر” وفي فيلم «ما وراء البحار»، وشارك بقفزاته في زوج من الأفلام الوثائقية الشهيرة من إنتاج «مترو جولدوين ماير» عن رياضة الغطس وهما «الغطس المزدوج 1939» و «الرياضات المائية» عام 1941.