إنها مصر

وكم تحملنا سخافات !

كرم جبر
كرم جبر

تحمل هذا الوطن الصابر سخافات وحماقات لا يتحملها أحد، واستهداف من الداخل والخارج ، ممن أضمروا الكيد لبلدهم من جماعة الشر، التى راهنت على استمرارها حتى لو كان فوق الأنقاض، ومن أجندات دولية لإعادة تقسيم المنطقة وترسيم نظام إقليمى جديد.

كنا مثلا نسمع عبارة "فين دور مصر"؟.. ولم يأخذ السؤال شكل التحليل والدراسة، وإنما الاستخفاف والشماتة، وكأن كثيرا من المترصدين والدول والقوى والتيارات،ينتظرون على أحر من الجمر الانهيار والتراجع ، وكأن قاماتهم لن تعلو إلا بالنيل من مصر.

وكانت مصر بالفعل منسحبة فى محيطها العربى والإقليمى والدولى بفعل ما مرت به من أحداث ، وتعانى جراحاً ساخنة فى الداخل، أثرت على دورها فى الخارج، وتصور المتربصون أن الوقوع لن يعقبه وقوف وصمود، وانها لن تنهض من كبوتها قبل ثلاثين عاما على الاقل.

كان أشد المتفائلين لا يتوقع كسر الحصار، والتغلب على التحديات، وكان "أولياء أمور العالم " يخططون لاحلال قوى اقليمية جديدة تحكم المنطقة، وفى تخطيطهم انها أصبحت شاغرة بإزاحة مصر.

هل تذكرون كيف كان الواقع العربي؟ كل يبكى على ليلاه، وليل العرب مظلم ودموي، بفعل انفجار شظايا الإرهاب هنا وهناك، بإطلاق جماعات دموية مساحة فى حروب " الاشتعال الذاتى"،وفى القلب مصر التى امتدت إليها معظم السهام.

وكانت يد الله فوق أيديهم، وتولى زمام الأمور فى البلاد دولة وطنية تعرف قيمة مصر، عزَّ عليها أن يسلبوا وطناً عظيماً مكانته وأمجاده، وانطلقت فى سباق مع الزمن، لاستعادة المكانة والدور.

الأدوار لا تكتسب بالكلام، والمكانة لا تعود بالشعارات، وإنما برفع هامة البلاد وقامتها ، والعمل الشاق ليل نهار، وبث روح العزيمة والإصرار فى مواطنيها، والتشييد والبناء والتعمير، وكلما بُنيت طوبة، استردت البلاد متراً ،ولأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، كان الجزاء والثواب.

الحفاظ على مصر معناه أن نصونها قولاً وفعلاً، وندرك أن الخطر الذى عشناه منذ سنوات يحلم بالعودة، وقوى الشر ما زالت تريد النيل منها والانتقام من شعبها.

البعض يخبىء معاول الهدم فى طيات ملابسه وتحت جلده وفى كلمات فمه، ويعز عليهم وقوف الدولة بعد أن كادت تسقط، وكان سقوطها - لا قدر الله -يحقق مصالحهم.

هوية الوطن تكمن فى الدولة القوية التى تحتوى الجميع، وهى السياج القوى الذى يحمينا، فى الانتصارات والانكسارات، وقوة البلاد تكمن فى الحفاظ على ثوابتها وعدم التفريط فيها، وأهمها عدم السماح ببث الفتن بين المصريين.