إنها مصر

قمة الزعماء الثلاثة

كرم جبر
كرم جبر

القرارات الصادرة عن قمة العلمين بين الزعماء الثلاثة مصر والأردن وفلسطين، رسالة بأن القضية الفلسطينية لم تدخل دائرة النسيان، وأن الشعب الفلسطينى لا يستسلم، وأن الزعماء الثلاثة يحملون على عاتقهم مهمة التوصل إلى التسوية الشاملة والعادلة.

جاءت القمة فى وقت بالغ الأهمية:

فإسرائيل تزداد تعنتاً وتتعسف فى الإجراءات التى تتنافى مع قوانين الشرعية الدولية، وتسرف فى العمليات الاستفزازية بالاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى والمدن الفلسطينية والقبض العشوائى على المدنيين.

وإسرائيل لم تعد تعترف بحل الدولتين، وتنكر تماماً حق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا تتصرف كدولة احتلال عليها أن تحافظ على المناطق الواقعة تحت احتلالها.

والمجتمع الدولى أصبح مشغولاً بقضايا أخرى ولم تعد القضية الفلسطينية مدرجة على أجندة اهتماماته، وإذا اجتمع مجلس الأمن لمواجهة الاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطينى، فغالباً لا ترقى القرارات لمستوى العدوان ولا تمنعه.

والولايات المتحدة اللاعب الرئيسى فى مبادرات السلام فى المنطقة، تعد متحمسة هى الأخرى لدفع التسوية السلمية بقوة تسمح بنجاحها، وبعد أن كانت النتائج مبشرة فى بداية حكم الرئيس بايدن، وحرصه على التأكيد على حل الدولتين وعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لم يعد مهتماً باستكمال مبادراته الأولى.
كان من الضرورى أن تكون البداية هى لم الشمل الفلسطينى، وإذابة الخلافات بين مختلف الفصائل، ليكون الجميع صفاً واحداً فى مواجهة العدو الحقيقى، وهو ما تحقق فى قمة العلمين بين الفصائل الفلسطينية التى سبقت قمة الزعماء الثلاثة.

وحدة الصف الفلسطينى هى نقطة الانطلاق نحو الدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، حتى لا تتذرع إسرائيل بحجج واهية مثل أنها لا تجد من تتفاوض معه، لتبرر لنفسها اغتصابها لحقوق الشعب الفلسطينى.

لم تسأل إسرائيل نفسها: وماذا بعد الاعتداءات المتكررة والإنكار الدائم لحقوق الشعب الفلسطينى، وهل تتصور أن القوة الباطشة هى التى تضمن لها الأمن والاستقرار؟

القضية الفلسطينية لا تموت، والشعب الفلسطينى لا يستسلم، ومنذ 75 عاماً وهو يقدم التضحيات جيلاً بعد جيل، ويتوارث الأبناء الثورة من الآباء والأجداد، ليظل حلم الوصول إلى دولتهم المستقلة أملاً لا يغيب.

وأهم ما قدمته القمة الثلاثية بجانب التأكيد على التسوية السلمية العادلة، تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطينى، وتذكيره دائماً بأن وراء القضية زعماء ودولاً عربية تدافع عن قضيته، باعتبارها الركن الجوهرى للأمن القومى العربى.

مصر والأردن بجانب سوريا هى الدول التى تحملت فاتورة القضية على مدى تداعياتها التاريخية، ومصر فى القلب ولم تبخل يوماً على دعم الشعب الفلسطينى ومساندته.

السلام لن يتحقق إلا بأن تظل القضية حاضرة بقوة محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وأن تتضافر الجهود المخلصة من كل الأطراف، وأن تشعر إسرائيل بقوة أنها لن تحصل على مكاسب السلام دون أن تدفع استحقاقات السلام.