«ناسكة» قصة قصيرة للكاتبة إيمان حجازي

«ناسكة» قصة قصيرة للكاتبة إيمان حجازي
«ناسكة» قصة قصيرة للكاتبة إيمان حجازي

كانت ترقص كأنها تصلي ِ تتسامى فوق الرؤوس ِ تفقد الوعى بمن حولها . لم يفرق معها يوما الجمهور ِ غاضبا كان أم عاشقا . كانت بوهيمية العشق ِ فى محراب رقصها ِ إذا اعتلت البيست ِ 

أغمضت عينيها وأسلمت نفسها للموسيقى ِ تدور معها لفتين ِ بعدهما تلقى بشالها الشفاف المرصع بالجواهر أرضا ِ وتحرص على أن تدوسه بقدميها كحرصها على أن تكون دُراتَه حرة ِ فهى وقت أن ترقص تكون فوق كل ما دونها. وتظل تحلق وتطير وتتهادى حتى آخر ضمة فى كل وتر وآخر دوم تاك للطبلة ِ حيث تتوقف الموسيقى وتختم صلاتها ;فيعلو صوت الجمهور بالتهليل.

 لم ترقص لأحد قط ِ مثل غيرها من الراقصات ِ ولم تبحث يوما عن الإعجاب. إحدى الأمسيات ِ لم تدر لماذا لمحت عيونا غير العيون ِ كان يجلس وحيدا ِ جدا . حزينا ِ جدا ِ أو هكذا رأته . فهل ما كان لها أن تراه !؟ ولكنها رأته ... شغلها حزنه سرقها من معبدها جاهدت ِ قاومت كم أرادت العودة لمحرابها ِ لم تستطع وفتحت عينيها ورقصت له وحده رقصت ِ وكما لم ترقص من قبل. كقطعة إسفنج ِ رقصت ِ لتمتص حزنه. كسحابة عابرة ِ رقصت ِ لتغسل همومه. كفجرِِ ِ رقصت ِ لتجلب له شمسا ِ تمنحه نورا وأملا. وظلت ترقص له ِ فقد أصبح هو المحراب وهو الصلاة.