د. محمد مصطفى حسنى: 6 من الأساتذة يعملون فى وحدة الجراحات لميكروسكوبية بطب طنطا

د. عبدالحكيم عزت لـ« أخبار اليوم» «الجراحات الميكروسكوبية» تضع مصر على الخريطة العالمية

 د. محمد مصطفى حسنى الجراحات الميكروسكوبية بطب طنطا
د. محمد مصطفى حسنى الجراحات الميكروسكوبية بطب طنطا

وينصح الاطباء عند حدوث أى إصابة لليد مهما تكن بسيطة بضرورة استشارة الطبيب المختص لإجراء الكشف الطبى اللازم وعمل الأشعات المطلوبة للتشخيص الصحيح للحالة واختيار العلاج المناسب تجنباً لحدوث مضاعفات أو فقد وظيفة اليد..

وأجمع الاطباء على أن مجال الجراحة الميكروسكوبية أو الجراحة المجهرية بدأ فى الانتشار وهناك تزايد فى نجاح مثل ذلك النوع من الجراحات مثل إعادة زراعة الأصابع نتيجة اتقانها فى الستينيات، وقد وضعت حجر الأساس فى عمليات نقل الأنسجة وأصبحت شائعة فى السبعينيات.. وأصبحت الجراحة المجهرية اليوم جزءاً من الخيارات المتاحة لجراحى التجميل لمساعدة الكثير من الناس بعد التعرض لصدمة أو استئصال ورم.

ويقول الدكتور محمد مصطفى حسنى استاذ ورئيس قسم جراحة العظام بكلية طب طنطا: الجراحة الميكروسكوبية او الجراحة المجهرية هى إجراء يستخدم فيه المجهر الجراحى المتخصص والأدوات الدقيقة لإجراء العمليات المعقدة وصغيرة الحجم مثل إصلاح الأوعية الدموية والأعصاب التى يقل قطرها عن بضعة ملليمترات..

ويوضح أن الجراحات الميكروسكوبية هى إحدى طرق العلاج المهمة بعيداً عن الجراحات التقليدية ولا تصلح للتدخل بها فى جميع انواع الجراحات، ولكنها تطبق أكثر على الاوردة والاعصاب والشرايين الرقيقة فقط، ويستلزم الامر توافر جراح متخصص فى الجراحات الميكروسكوبية فضلا عن توافر الميكروسكوب، ويتخذ قرار التدخل الميكروسكوبى فريق عمل متكامل، فعلى سبيل المثال عند وقوع حادث يسفر عن اصابات، فنقوم بإحضار فريق العمل ويتضمن جميع تخصصات الجراحة للحصول على افضل النتائج، ونقوم بشرح ما هى الجراحة الميكروسكوبية لأهل المريض، ويتم استخدام الميكروسكوب الجراحى فى العمليات الدقيقة..

ويشير إلى أن هناك مؤتمرات علمية مستمرة لاطباء العظام وجراحى الميكروسكوب ولدينا فى القسم 8 وحدات طبية، وهي: وحدة العمود الفقرى، وحدة الاورام، وحدة الكسور، وحدة القدم والكاحل، وحدة جراحة الحوض والمفاصل الصناعية، وحدة اصابات الملاعب والمناظير، وحدة جراحة عظام الاطفال، وحدة جراحة اليد والجراحات الميكروسكوبية وتضم 6 من اعضاء هيئه التدريس والنواب، وتلك الوحدة تتعاون مع باقى الاقسام مثل جراحة التجميل او الاوعية بنفس المستوى التقنى المتقدم، ونتعاون كثيراً فى عمليات مشتركة..

ويوضح أن هناك حرصاً من الكلية للحصول على أحدث الابحاث وكل ما توصل اليه الطب لخدمة المريض، وتقديم افضل مستوى طبي، والجراحات الميكروسكوبية تسجل ما يقرب من عشر الحالات الجراحية التى يجريها اطباء قسم العظام..

ويضيف: مصطلح مركز النمو لدى الاطفال يتردد كثيراً عند تعرض الاطفال الى الكسور وهذا النوع من الاصابات اذا لم يتم متابعته بعد الالتئام للكسر ينتج عنه عواقب وخيمة، وهناك تخصص مهم لذلك وهو طبيب عظام الاطفال، وننصح الآباء والامهات فى حالة تعرض الاطفال الى اى إصابة اثناء التمرينات الرياضية الكثيرة فى فصل الصيف أن يتوجه للطبيب المختص، ومن الممكن ان يتعرض الطفل لكدمة بسيطة ينتج عنها تجمع دموى يؤثر على مركز النمو بالزيادة فى طول العظام او قصرها او الاعوجاج.

أكد د. عبدالحكيم عزت أستاذ الجراحة الميكروسكوبية أن الجراحة المجهرية أو الميكروسكوبية تمثل قفزة كبيرة فى مجال الجراحات الطبية، وتتفوق على الطرق الجراحية التقليدية، حيث تُعد أكثر دقة، وأقل توغلاً، موضحاً أن الجراحة المجهرية تمكنت من مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الصدمات، والسرطان، والعيوب الخلقية فى استعادة الشكل والوظيفة للأنسجة المتضررة..

وأشار أستاذ الجراحات الميكروسكوبية فى حوار لـ«أخبار اليوم» إلى أن ظهور الجراحة الميكروسكوبية وتطوراتها الأولى كانت على أيدى جراحى تجميل، إلا أن الجراحين الذين يعملون فى عدة تخصصات أخرى يستخدمون اليوم تقنيات الجراحة الميكروسكوبية، حيث يستخدم جراحو الأذن والأنف والحنجرة هذه التقنيات فى جراحات الأذن الداخلية والأحبال الصوتية، ويستخدمها جراحو الوجه والفكين فى ترميم الرأس والرقبة.. وإلى نص الحوار:

تقنية طبية متطورة لإعادة الأطراف المبتورة للمرضى
نساعد مرضى السرطان والعيوب الخلقية فى استعادة شكل ووظيفة الأنسجة المتضررة

فى البداية.. سألته: من أين بدأت طفرة الجراحات الميكروسكوبية فى العالم؟

فى الستينيات من القرن العشرين حدثت قفزة كبيرة فى التقنيات المستخدمة فى الجراحة الميكروسكوبية، فقد أجريت سنة 1960 أول جراحة لتوصيل الاوعية الدموية باستخدام المجهر الجراحى على يد جراح الاوعية الدموية الامريكى جول جاكوبسون، حيث قام بتوصيل أوعية دموية يصل قطرها إلى 1.4 مم مستخدماً مجهراً جراحياً، وكان جاكوبسون الذى كان يعمل بجامعة فيرمونت هو أول من وضع مصطلح «جراحة ميكروسكوبية» ثم تلا ذلك قيام فريق من جراحى اليد بجامعة لويزفيل بولاية كنتاكى برئاسة اثنين من رواد جراحة اليد وهما هارولد كلاينرت ومورت كاسدان بإجراء جراحة لتوصيل الأوعية الدموية فى إصبع مبتور جزئياً سنة 1963، ثم جاء ناكاياما جراح القلب والصدر الياباني، واعلن نتائج ما قام به من عمليات النقل الحر للأنسجة باستخدام تقنيات الجراحة الميكروسكوبية (microsurgical free-tissue transfer)‏ التى أجراها مستخدماً أجزاء من الأمعاء نقلها محتفظةً بأوعيتها الدموية لإعادة تشكيل المريء بعد استئصال الأورام السرطانية.

أما الجراحة الميكروسكوبية الترميمية الحديثة فقد كان رائدها جراح التجميل الأمريكى هارى بنكى الذى قام بأول تجربة من نوعها سنة 1964 عندما أعاد توصيل أذن أرنب مقطوعة جراحياً وباستخدام آلات جراحية صنعها منزلياً، وكانت هذه التجربة هى أول عملية ناجحة تم فيها توصيل أوعية دموية قطرها 1 مم، وفى سنة 1966 استخدم بانك تقنيات الجراحة المجهرية لنقل إبهام قدم قرد إلى يده..

وقد توالت فى أواخر الستينيات وبدايات السبعينيات من القرن الماضى الابتكارات التى أدخلها جراحو التجميل على الجراحة الميكروسكوبية والتى كانت تعد فيما مضى ضرباً من المستحيلات، وأجريت فى أبريل 1968 أول عملية لنقل إبهام القدم لاستبدال إبهام اليد فى إنسان على يد الجراح الإنجليزى جون كوبيت، ثم شهدت أستراليا على يد الدكتور جون تايلور ظهور تقنية جديدة لترميم الفراغات الناجمة عن استئصال الأورام السرطانية فى منطقتى الرأس والرقبة باستخدام عظم حى من الحوض أو الشظية.

الأكثر دقة

وماذا عن مميزات الجراحة الميكروسكوبية؟

تمثل الجراحة الميكروسكوبية تقدماً كبيراً، وتفوق بكثير الطرق الجراحية التقليدية التى كانت تتطلب فى بعض الأحيان اللجوء إلى عمل الشقوق الكبيرة، وفتحات فى العظام، بالإضافة إلى صعوبة علاج بعض الحالات؛ لعدم تمكن الجراح من رؤية ما يفعله بشكل كاف، وبالتالى تعد الجراحة المجهرية أكثر دقة، وأقل توغلاً، ولقد تمكنت الجراحة المجهرية من مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الصدمات، والسرطان، والعيوب الخلقية فى استعادة الشكل والوظيفة للأنسجة المتضررة.

وهل الجراحة الميكروسكوبية يقوم بها جراحو التجميل فقط؟

بالرغم من أن ظهور الجراحة الميكروسكوبية وتطوراتها الأولى كانت على أيدى جراحى تجميل، إلا أن الجراحين الذين يعملون فى عدة تخصصات أخرى يستخدمون اليوم تقنيات الجراحة الميكروسكوبية، فمثلاً يستخدم جراحو الأذن والأنف والحنجرة هذه التقنيات فى جراحات الأذن الداخلية والأحبال الصوتية، ويستخدمها جراحو الوجه والفكين فى ترميم الرأس والرقبة فى مرضى السرطان بعد استئصال أورامهم.

أما جراحو العيون فيستخدمون هذه التقنيات فى جراحات (الكتاراكت) ونقل القرنية وعمليات الجلوكوما، بينما يستخدمها جراحو المسالك البولية وجراحو أمراض النساء فى إعادة فتح الأوعية الناقلة فى الرجال وقنوات فالوب فى النساء لاستعادة الخصوبة بعد ربط القنوات أو استئصال القنوات.

مجالات الاستخدام

وماذا عن المجالات الأخرى التى استخدمت فيها الجراحة الميكروسكوبية؟

هناك العديد من المجالات التى تستخدم الجراحة الميكروسكوبية، مثل إعادة توصيل الأصابع والأطراف المبتورة، وهو أول التطبيقات التى تم توظيف الجراحة الميكروسكوبية فيها بعد أن كانت إعادة توصيل الأطراف المبتورة يعد شيئاً من قبيل المعجزات.

ويمكن أيضاً استخدام الجراحة الميكروسكوبية فى توصيل أعضاء أخرى مثل الأذن والأنف والأعضاء الذكرية، وإعادة الإمداد الدموي، ولإنقاذ الطرف من البتر فى حالات الإصابات الشديدة للطرف السفلي، واصلاح التشوهات التكوينية (العيوب الخلقية) لليد، وعلاج إصابات الضفيرة العضدية، وعلاج أمراض الجهاز اللمفاوى الطرفى سواء ما كان منها مكتسباً أو خلقياً.

ايضا تستخدم الجراحة المجهرية فى عدة مجالات مثل جراحة المخ والأعصاب، والتجميل، والعيون، والعظام، والجراحة العامة، وقد أمكن استخدامها فى نقل الأنسجة من جزء إلى آخر من الجسم، وتغطية الهياكل الحيوية المكشوفة مثل المفاصل، والأوتار، والأوعية، واستعادة الشكل كما الحال فى الثدى عند استئصاله. 

واستعادة الوظيفة كما الحال فى عضلات الوجه، وإعادة زرع جزء تم بتره من الجسم وعادة ما تكون أصابع اليد أو القدم، وزراعة الاعضاء فى حالة عدم امكانية اجراء الزرع، واصلاح الاعصاب والاوعية الدموية، وإعادة بناء الثدى والرأس والرقبة باستخدام نقل الأنسجة من جزء إلى آخر من الجسم، ونقل العضلات من جزء إلى آخر فى الجسم لعلاج أنواع معينة من شلل العضلات، وإعادة بناء الجروح المعقدة، وتطعيم وإصلاح الأعصاب.

عمليات ناجحة

وماذا عن أبرز العمليات التى تم إجراؤها مؤخراً؟

فى وقت سابق، أعلن الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط عن نجاح فريق أطباء وحدة الجراحات الميكروسكوبية بالمستشفى الجامعى الرئيسى فى إعادة زرع يد فتاة من الأقصر بعد بترها فى حادث، وهو ما يأتى تأكيداً على الدور المنفرد والمتميز للوحدة فى إجراء العمليات الجراحية الدقيقة والحرجة لضحايا الحوادث وحالات الطوارئ، وهو ما يضع مصر على الخريطة العالمية فى مثل هذه النوعية من الجراحات الدقيقة..

وقد تأسست هذه الوحدة منذ أكثر من 25 عاماً، وتعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وواحدة من أكبر 4 مراكز متخصصة على مستوى العالم والتى تستقبل سنويا فرقا طبية من مختلف جنسيات الدول العربية والأوربية للتدريب على ذلك النوع من الجراحات الدقيقة والمعقدة، كما تعد الوحدة شريكة فى منح شهادة دبلومة دولية متخصصة فى مجال جراحة الضفيرة العصبية.. وهناك نماذج أخرى مثل رجل يبلغ مع العمر 66 عاماً ولديه ورم حميد بالاوعية الدموية، وقد أجرينا له استئصالا بمنتهى الدقة لخطورة مكان الورم، واستغرقت الجراحة ساعة فقط..

كما أجرينا العديد من عمليات إعادة بناء لأنسجة اليد بالنقل الحر لأنسجة من الفخذ، وتسليك للمفاصل لاستعادة قبض الاصابع، وهناك جراحة أخرى استغرقت 14 ساعة من العمل المتواصل لمريض عمره 22 سنة يعانى من كسر مضاعف بالعضد استمر لمدة طويلة وفقد حوالى 22 سم من العظام بالإضافة إلى اصابة بأعصاب اليد اليمنى وتيبس بالكوع، وخضع لإجراء جراحة معقدة بواسطة فريق من العمل شاركت فيه مع الاستاذ الدكتور محمد رميح والاستاذ الدكتورمحمد اشرف، وتم الاستعانة بجلد من الساق لتعويض نقص الجلد لدى المريض فى الذراع التى كانت تعانى من مشاكل كثيرة بخلاف تهتك فى عضلات، وأجرينا له عدة جراحات، وحققنا نجاحاً كبيراً بفضل المولى عز وجل..

كما أجرينا جراحة لطفل يبلغ من العمر عامين فقط لديه عيب خلقى نادر ويسمى شق عظمى ومشاكل فى الاربطة، وقمنا بنقل الانسجة وتم تثبيتها بسلوك معينة واعادة بناء لأربطة اليد بين الاطراف والمشطيات، واستغرقت الجراحة ما يقرب من ساعتين.