بعد إخراج التحفة من جديد..عاشق المقريزى يواصل رحلة الرسائل

د. أيمن فؤاد السيد
د. أيمن فؤاد السيد

لم يقنع المؤرخ الكبير والمحقق الشهير د. أيمن فؤاد سيد بمنجزه فى إتاحة أحد أبرز المؤلفات التى تعرف بالأقاليم والمدن والقرى المصرية فى القرون الخالية، حيث تصدى لنشر كتاب «الانتصار لواسطة عقد الأمصار» لصارم الدين بن دقماق العلائى منذ فترة فى طبعة دقيقة صدرت عن مكتبة الإسكندرية، بل حرص على استكمال هذا الجهد المنصبّ على تعريف المصريين من مختلف المراحل السنية بملامح بلادهم وعراقة مدنهم فى العصور الماضية، حيث تصدى مؤخرا لإخراج كتاب التحفة السنية فى أسماء البلاد المصرية لشرف الدين بن يحيى بن الجيعان فى طبعة تعيد ذلك الأثر إلى دائرة الضوء لما له من أهمية، حيث يعد آخر ما وصل إلينا من مؤلفات الجغرافيا الإدارية فى العصر المملوكى.

+وقد اعتمد المحقق البارز وخبير المخطوطات القدير على مخطوطة للكتاب تنتمى إلى عصر المؤلف أيام المماليك وجدها محفوظة بمكتبة «البودليان» بأكسفورد وهى نسخة خزائنية حاول د. أيمن إتاحتها للأجيال فى طبعة بالفاكسميلى صدرت -منذ أيام- عن مكتبة الإسكندرية فى 527 صفحة قدم لها عالمنا الكبير بدراسة عن مؤلفات الجغرافيا الإدارية فى العصور الوسيطة.. والكتاب يتضمن أسماء المدن والقرى المصرية ومساحتها وتقسيماتها الإدارية فى عصر السلطان المملوكى الأشرف قايتباى. والطريف فى الكتاب ان الكثيرين من ذوى الجذور الريفية أو المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية سيكتشفون أن قراهم التى قدموا منها كانت مزدهرة بنفس الاسم منذ مئات السنين، فى وقت لم يكن لدول كبرى أى ذكر أو أى وجود على خرائط الدنيا، ويبدو أن اهتمام عالمنا الكبير د. أيمن فؤاد سيد بهذه الكتب وإتاحتها للأجيال يجىء من منطلق انها تعمق الشعور بالهوية وتمنح شبابنا ثقة فى تاريخ وطنهم، وعراقة بلادهم تماما كما يهتم عالمنا الكبير بمؤلفات شيخ مؤرخى مصر فى العصور الوسطى «تقى الدين المقريزى».

الذى لم يكتف مؤرخنا القدير ومحققنا الشهير بإعادة اكتشاف أثره الأشهر «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأخبار» عبر تقديم نشرة علمية دقيقة للكتاب كاملا بكل أجزائه بل عكف على إتاحة رسائله الصغيرة التى تنم عن موسوعية المعرفة لدى المقريزى المؤرخ الفذ تلميذ العلامة الأشهر «ابن خلدون»، وهو المشروع الاثير عند د. أيمن فؤاد سيد الذى منحه الكثير من وقته وجهده وأسفر ذلك عن نشره لعدد من الرسائل عن معهد المخطوطات العربية ومنها رسالة المقريزى «الشهيرة» إغاثة الأمة» و«شذور العقود فى ذكر النقود» و«الذهب المسبوك فى ذكر من حج من الخلفاء والملوك» و«الإشارة والإعلام ببناء الكعبة والبيت الحرام»، وفور انتهاء د. أيمن من إصدار «التحفة السنية» عن مكتبة الإسكندرية عاد متلهفا إلى أوراقه ليعكف - من جديد- على مواصلة تحقيق بقية رسائل المقريزى وهو الآن يعمل على إعداد نشرة علمية دقيقة لرسالتين من القسم التاريخى لرسائل المقريزى الصغيرة وهما: «الطرفة الغريبة فى أخبار حضرموت العجيبة»، والإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام.