محمود الوردانى يكتب : أيامنا الحلوة

محمود الوردانى
محمود الوردانى

بلا أدنى شك فإن أخبار الأدب واحدة من أهم التجارب الثقافية والعربية وأكثرها تأثيرا. بالنسبة لى فإنها "أيامنا الحلوة" بكل بهجتها ونزقها ومغامراتها وعافيتها. الآن وبعد ثلاثين عاماً من صدور أول أعدادها، يتأكد لى إلى أى مدى كانت التجربة مهمة وتستحق ما بُذل فيها.

أمضيتُ فيها أربعة عشر عاما منذ التحضير لها عام 1992 وحتى غادرتها عام 2006، لذلك سيكون ما أكتبه يتعلّق بتلك السنوات، أود أن أشير مثلا إلى أن الحياة الأدبية استقبلتنا بكل ود ومحبة. كنا على نحو ما استجابة للواقع الثقافى وجزءا منه، وليس هناك أدنى شك فى أن وجود الكاتب الراحل جمال الغيطانى على رأس التجربة، كان أمرا بالغ الأهمية، وهو نفسه كان كاتبا معروفا وأحد كتاب الستينيات البارزين، أى أن التجربة لم تضف له فقط بل وأضاف هو إليها فى الوقت نفسه.


أريد أن أركّز على هذه المسألة: لم تخرج أخبار الأدب إلى النور فى واقع غير ُمرحِّب بنا. وإذا كان الوقع الأدبى يتشكل من تيارات ووجهات نظر ومدارس أدبية ليست متطابقة، بل متعارضة وبين بعضها والبعض الآخر مشاكل ومعارك، وهى أمور صحية تؤكد حيوية ذلك الواقع.


إذا كان ذلك كذلك، فإن أخبار الأدب لم تستبعد اى تيار أو أشخاص من هنا أو هناك، باستثناء أمر واحد اتفق عليه الجميع وهو الموقف من التطبيع مع إسرائيل ومن يدعون له أو يمارسونه.


من بين الملامح التى أود التوقف عندها الدور الذى لعبه الفنانان التشكيليان الراحلان جميل شفيق وجودة خليفة. ليس سرا أنهما كانا يتقاضيان أجورا زهيدة وكان عملهما فى اخبار الأدب شبه تطوعي، ومع ذلك فقد ساهما فى منح أخبار الأدب شكلا جماليا مميّزا، وكان لوحات جودة الملونة على الغلاف وفى البستان، وكذلك رسوم جميل شفيق الأبيض واسود داخل العدد علامات وإنجازات كبرى فى الصحافة عموما وليس فى الصحافة الثقافية فقط.


أود التوقف أيضا عند بعض من عملوا فى أخبار الأدب وغادروها لهذا السبب أو ذاك. ساعدنا مثلاً ووقف معنا فى البداية الراحل الكبير عبدالفتاح الجمل بمشورته وترحيبه الدائم بإبداء الرأى المستند على خبرته العريضة، كما كتب معنا بانتظام فى البداية. والكاتب والمترجم الراحل طلعت الشايب الذى انتظم فى العمل التحريرى وقتا لابأس به ولايمكن إنكار إسهامه، لكن ظروفا حالت بينه وبين الاستمرار. وبعد سنوات جاء الكاتب والصحفى وائل عبد الفتاح وعمل معنا أيضا وقتا لابأس به، و كانت له إضافاته التحريرية التى لايمكن التقليل من شأنها.


 ومن بين ماحرصت عليه أخبار الأدب كونها ساحة لنشر الأعمال الأدبية، وحرص  كتاب متحققون بل وراسخون على النشر فيها، مما منح صفحات الإبداع ثقلا أدبيا، والعمل المنشور على صفحاتها كان يحظى بالقراءة، وفى الوقت نفسه لم تكن أخبار الأدب تهلل للأسماء الذائعة الانتشار، واهتمت بمستوى العمل قبل كل شئ.
 بوجه عام، وفى تلك السنوات كانت القيمة أمرا يحظى بالعناية. القيمة والدفاع عنها والحرص عليها، وفى النهاية.. أؤكد مرة أخرى ان أخبار الأدب بالنسبة لى هي"أيامنا الحلوة" التى أدين لها بالكثير..كل سنة وهى طيبة.