فيض الخاطر

حمدي رزق يكتب: الترند أكل عقل البلد !!

حمدي رزق
حمدي رزق

ترند فى «السوشيال ميديا» تعنى أمرا رائجا ومنتشرا، مثل «حديث الساعة» فى الواقع المعاش، الترند «حديث اللحظة» فى العالم الإفتراضي.

الترند جنِّن البلد، صورة «جزار المونوريل» صارت «ترند» فى ثوان، لفت الفضاء الإلكتروني، لفتت الانتباه، الصورة لم تخل على عقلى، هناك من يلفتنا عن الهم الوطنى العام بسفاسف الأمور.
لا أزعم عقلًا، ولا أدّعى حكمة، ولكن عقلى شَتّ، ترتيب الأولويات مستوجب، والصغائر لا تُلهينا عن المعارك الكبرى، والهوامش عن المتون الوطنية .

منه لله اللى اخترع الفيس، وأدعى من قلبى على اللى اخترع تويتر وإنستجرام، ناس خبيثة، قدروا يسرقوا دماغ الشعب فى غفلة، الناس تنام وتصحى على أخبار الفيس المفسفسة، وفيديوهات يوتيوب المفستكة ، للأسف باتت رائجة بين العامة، وعبي واديله وارفع وشير وأنا أشير، ونقضيها تشيير وسلامتك يا دماغي!!

السوس ينخر فى عظام البلد، يستأهل وقفة من الحادبين على سلامة أساسات بنيان هذا الوطن، حذار إذا نخر السوس يخلخل البنيان ،تخيل الوطن فى مفرق وجودى، والاشتغالات تدير الرؤوس .

الفضاء الوطني فى شغل عما هو مصيري، الناس فى فضاء مغاير، فضاء كونى فارغ تماما من الهم الوطنى العام ، ومصر تخوض غمار أزمتها الاقتصادية ومياه النيل فى خطر، تخيل أم المعارك الإلكترونية تتجسد في صورة «جزار المونوريل»؟!

هل هذه قضية تستنفد «الوقود الحيوى» لهذا الوطن، السوس الإلكتروني يُعجزنا عن إدراك ما يجرى، ويُلفتنا عن قضية وطن يستحق الحياة، الشغف الفيسبوكي بات مرضيا.

مَن ذا الذي يستحضر العفاريت التى تسكن الفضاء الإلكتروني، مَن يشغلنا عن مستقبلنا، مَن ذا الذي يصطنع الترند ويسوقه ساخنا بطعم البهار الحار، من يفتش فى الفناء الخلفى بحثا عن صورة شاذة يتلذذ بتفاصيلها شذاذ الآفاق، ويتلهى بها العامة فى الطرقات، من يحرفنا عن جادة الطريق، من يمسك بناصية الفضاء الإلكتروني فيذهب بنا إلى عوالم خفية.

الترند أكل عقل البلد، تحس البلد راكبها عفريت معفرت ، كل يوم ينفث افتكاسة من منخاره الفظيع، تتجسد معارك عبثية، وترندات وهمية، وحكايات للتسلية وتزجية وقت الفراغ، ولت وعجن وفطائر محلاة بقشدة مخفوقة، وكلام ماسخ، ومنين نجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه.