الموت تحت شجرة الـ«جزورين»| بسبب العاصفة.. مصرع مُسن وإصابة نجله إثر سقوطها على سقف بيته

المتوفي، صورة الشجرة التي سقطت على سطح منزله
المتوفي، صورة الشجرة التي سقطت على سطح منزله

■ كتبت: إيمان البلطي

..قبل أسبوع، وقعت في أنحاء متفرقة، عدة عواصف ترابية ورياح شديدة، وصلت إلى أن اقتلعت الأشجار من مكانها، وأسقطت العديد من لوحات الإعلانات على الطرق.

هذه الموجة من الطقس السيئ، كانت سببًا في أن تُسقط شجرة على بيت مسن يسكن بمفرده مع نجله الصغير، في قرية دراجيل، التابعة لمركز الشهداء، بمحافظة المنوفية، مما أدى سقوطها إلى هدم سقف المنزل على ساكنيه، فلقى المسن مصرعه وأصيب نجله الصغير بإصابات متفرقة، تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة المأساوية في السطور التالية.

عاش الحاج محروس الفقي، في كنف أهله حياة كان يملؤها التسامح، حتى أنه كان معروفًًا بين أهالي قريته بالرجل الطيب، صاحب القلب الكبير، نظرًا لطيبته الشديدة من ناحية، وورعه وتقواه من ناحية أخرى.

كان الرجل، الذي بلغ من العمر ٧٨ عامًا، قد عاش طيلة حياته متفرغًا لرعاية أولاده وأسرته، فهم دائما كانوا شغله الشاغل حتى أنه بعد أن توفيت زوجته قبل فترة طويلة، كان لهم الأم والأب معًا، ويُحكى أنه قال للمقربين منه: «مش فاضل كده غير آخر العنقود، أجوزه وابقى أديت رسالتي قدام ربنا».

بالفعل، كان محروس الفقي صادقًا فيما يقول؛ فبعد أن تزوج ورزقه الله بأربعة أبناء، عاش طيلة حياته على رعاية أسرته، حتى أنه مهد لهم طريق الحياة، واستطاع أن يزوج ثلاثة من أبنائه، في بيت آخر قريب من منزله، استطاع الحاج محروس أن يشتري الأرض ويبني لهم فيها بيتًا مكونا من ثلاثة طوابق، كل ولد من أبنائه في طابق. في غمرة ما كان يعانيه الحاج محروس، في رعايته لأولاده وتأمين مستقبلهم، كان شبه مهمل في بيته الذي يسكن فيه، حتى أن أثاث البيت كان بدائيًا، والسقف قد تخلله الشقوق، ولأنه من الخشب أهلكته الشمس وأصبغت عليه صبغة أظهرت أن عمره الافتراضى قد حان، ولكن أكثر الناس تشاؤمًا لم يتوقعوا ما حدث له وهو نفسه ممكن تطارده الهواجس إلا ما حدث له.

◄ اقرأ أيضًا | بسبب الرياح الشديدة.. سقوط شجرة كبيرة على «توكتوك» وإصابة قائده

◄ عاصفة شديد
في أواخر الأسبوع الماضي، هبت عاصفة ترابية شديدة، كانت قد حذرت هيئة الأرصاد منها، حتى أنها من فرط شدتها اقتلعت عدة أشجار من مكانها، بل ووصل صداها حتى إلى إسقاط اللافتات الإعلانية الكبيرة على الطرق والمحاور الرئيسية.

لم تكن قرية دراجيل، التابعة لمركز الشهداء، في محافظة المنوفية، بمنأى عن هذه العاصفة، حتى أن الأهالي عندما هبت العاصفة، التزم كل واحد منهم منزله، وأغلق عليه بابه، بما فيهم الحاج محروس الفقي، لكن العاصفة لم تتركه في حاله، وكأنها اسكثرت عليه حياته. ما أن سمع الحاج محروس الفقي عن العاصفة، ولمح بدايتها التي لا تبشر بالخير، هاتف نجله الصغير، والذي كان في مشوار ما خارج المنزل، طلب منه سرعة العودة إلى البيت بأقصى سرعة تاركًا ما وراءه، خوفًا عليه من هذه العاصفة، بالفعل، دقائق وكان آخر أبناء الحاج محروس الفقي يطرق الباب، ففتح له أباه وأدخله سعيدًا بعودته سالمًا.

كان صوت ارتطام العاصفة بالأشجار وأعمدة الإنارة واضحًا، حتى أنه يثير في النفس مشاعر الخوف والفزع وكأن الأشباح خططت لمهاجمة الناس في بيوتهم، الأمر الذي شعر معه الحاج محروس وقتها بأن شيئًا سوف يقع إلا أن تقع هذه الشجرة على بيته ولا حتى في الكوابيس. فلم ينته الأمر إلا وسقف البيت يهوى بغتة فوق رأس الحاج محروس وابنه.

◄ تحت الأنقاض
فور أن هوى سقف البيت على ساكنيه، في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فزع صوت سقوط سقف البيت، والصرخة التي لاحقته، الجيران، خرجوا على الفور ليعرفوا مصدر هذا الصوت المفجع؛ فوجدوا بيت الحاج محروس الفقي وقد سقط سقفه عليه، حاولوا دخول المنزل بشتى الطرق، وسط العاصفة التي ما زالت تهب بسرعة شديدة، وبالفعل حاولوا إخراج جسده وجسد ابنه من تحت الأنقاض.

في هذه الأثناء، كان أحد الجيران قد اتصل بابنه الكبير، إبراهيم الفقي، وأبلغه بحقيقة الواقعة، والمصير الذي آل إليه أبيه وشقيقه الأصغر، الذي حضر على الفور، وتم نقل الحاج محروس وابنه إلى مستشفى الشهداء العام، وبعد إجراء الكشف الظاهري عليهما، تبين وفاة الحاج محروس الفقي بعدما اختارته الشجرة لتسقط بثقلها على أم رأسه ليلقى مصرعه، فيما أصيب ابنه الأصغر بعدة إصابات متفرقة.

يحكي إبراهيم الفقي، لـ«أخبار الحوادث»، تفاصيل تلك الواقعة قائلا: «على الساعة الواحدة ليلا تقريبا جالي اتصال من واحد من الجيران وبلغني إن شجرة الجزورين، اللي موجودة في حديقة أحد الجيران، وقعت على بيتنا وهدت السقف والحيطة».

وأضاف: «وقالي إن والدى يعتبر وقع عليه السقف كله، طبعا أنا جريت على بيت والدي، الذي يعيش فيه ابي وإخواتي أما انا فأعيش في بيت تاني جنب بيت أبويا، ولما بلغت إخواتي وروحنا على بيت أبويا كان الجيران نجحوا في استخراج جسده من تحت الأنقاض، وكمان خرجوا أخويا الصغير».

واستكمل قائلا: «أخويا الصغير كان واقف على رجله، ومصاب في جسمه وفي إيده وفي وشه، لكن أبويا كان غايب عن الوعي تمامًا، ومفيش نفس نهائي طالع منه، كان ساعتها عندي أمل تكون دي غيبوبة مثلا عشان كبر سنه، لكن لما روحنا المستشفى بلغونا إنه مات».

واختتم إبراهيم الفقي كلامه قائلا: أبويا الله يرحمه كان راجل طيب وفي حاله، والناس كلها بتحبه، عاش حياته كلها يرعانا حتى بعد ما أمنا ماتت من زمان مرضيش يتجوز عشان متجيش واحدة تاخده مننا، وجوّزنا كلنا، ولما طلع على المعاش كان تقريبًا بيصرف كل معاشه على عيالنا، ولحد قبل ما يموت كن نفسه يختم حياته ويجوّز أخي الصغير ويضمنله مستقبله، لكن القدر لم يمهله، فهذا قضاء الله وقدرة ونحن راضون به».


 

;