اعترافات نصاب إلكترونى : «تطبيقات السوشيال ميديا الفخ الذى اصطاد به الضحايا من عملاء البنوك»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

محمود‭ ‬صالح

الأمر لا يحتاج سوى جهاز كمبيوتر وعدة تطبيقات وهاتف محمول داخل غرفة مغلقة، الهاتف للاتصال بالعملاء عشوائيًا، والجهاز لتسجيل البيانات، والتطبيقات هدفها اختراق الحسابات البنكية وسرقة ما بها من أموال.

لا أخفيك سرًا، هذه الـ «سبوبة» مربحة إلى أقصى درجة، لكن ربحها هذا يأتي طالما لم يتم القبض علي الجانى، لأنها على ما بها من ربح، عقوبتها كبيرة، وفي الغالب تنتهي بصاحبها إلى السجن. وهو ما حدث لمنتحل صفة موظف البنك في محافظة المنيا، والذي تم القبض عليه بعد ارتكب ٦ جرائم.

من صغره وهو يتقن التعامل مع جهاز الكومبيوتر، شغوف بالتطبيقات وبعملها، ولا ينفك يبحث عن برامج جديدة ويتعلم عليها، حتى وصل إلى مرحلة أنه أصبح يجيد استخدام تطبيقات كثيرة، منها ما هو متخصص في الاختراق.

الحقيقة، والحق يقال، وجد في تطبيقات الاختراق شغفه، إذ أن هذه التطبيقات كانت بالنسبة له، هي الجزء الأكبر الذي حاول فهمه وإتقانه، لأنه أدرك أن الغرض من هذه التطبيقات ليس التسلية، وإنما الغرض من هذه التطبيقات التلصص على الآخرين وسرقة بياناتهم وأموالهم.

بطاقات الدفع

في إطار بحثه الدؤوب على التطبيقات التي تهدف إلى اختراق بيانات العملاء وحساباتهم البنكية، وصل فعلا إلى عدة تطبيقات تفي بهذا الغرض، وأصبح كل لحظة وأخرى يجرب طريقة عملها، وفعلا أتقن كيفية التعامل عليها، وكيفية إدخال البيانات إليها، وبعد كل هذا كيفية تحويل ما في الحسابات من أموال إلى حسابات أخرى ترجع له.

وعليه، وبعد أن أتقن ما عليه فعله، أدرك أنه عليك أن يعرف أرقام بطاقات الدفع في المقام الأول، ثم يدخل هذه الأرقام عنده ويتعامل على الحساب وكأنه موظف بنك، وفعلًا استخدم هاتف محمول، ليس مسجلاً باسمه، وبدأ في مهاتفة الناس عشوائيًا.

كانت المكالمة عبارة عن جملة ثابتة في الغالب لا تتغير، كان يقول: «معاك محمد جمال، موظف خدمة عملاء في البنك …، بكلم حضرتك بخصوص هل فيه تعامل على الحساب في الوقت الحالي».

في الأغلب يرد عليه الشخص بالنفي، حينها يستكمل قائلا: «إزاي يا فندم، أنا ظاهر قدامي إن حضرتك بتتعامل على الفيزا دلوقتي وفي فشل في عملية إدخال الرقم السري عشان كدا بكلمك، كده يا فندم أكيد في حد بيحاول يخترق  حساب حضرتك، ممكن حضرتك توضح لي رقم الفيزا عشان أقفل الحساب قبل الفلوس اللي فيه تتسرق».

هذه الطريقة، قد لا يقبلها أي أحد على دراية بطريقة عمل البنوك، لكن لأن النصاب عليه أن يختار ضحاياه بطريقة معينة، كان أغلب البسطاء ينخدعون في هذه الطريقة، وكانوا يعطون موظف خدمة عملاء البنك، المنتحل، وهم يترجونه أن يغلق الحساب حتى لا تسرق الأموال، فيكتشفون أنهم أعطوا اللص مفتاح الخزنة.

تتبع

على هذا الحال، ارتكب المخادع عدة وقائع، استطاع من خلالها أن يسرق مبالغ كبيرة كانت موجودة في الحسابات التي قام باختراقها، لكن ما لم يكن في باله، أن يخفي تواجده على الشبكة العنكبوتية، لأنه في الغالب سوف يتم تعقبه بعد أن يحرر الضحايا محاضر بسرقة حساباتهم. 

وفعلا، بعد أن تعرض أكثر من ضحية لسرقة حساباتهم، حرروا محاضر بالوقائع، وفي غضون ساعات، كانت قد تأكدت معلومات وتحريات قطاع الأمن العام، بمشاركة الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، بقطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، من بيانات سارق هذه الحسابات، وتبين بعد تتبعه أنه مقيم ناحية قسم شرطة العدوة، التابعة لمديرية أمن المنيا، وأن له معلومات جنائية، وبعد التنسيق مع مديرية الأمن تم إلقاء القبض عليه وتحرير محضر بالواقعة.

كانت التحريات الأولية تشير إلى أن بعض المواطنين، استقبلوا مكالمات هاتفية، وقد تم إيهامهم بأن المتصل موظف في خدمة العملاء بالبنك، وكانت هذه هي الطريقة التي بموجبها تمكنوا من الاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بهم، واستخدامها فى إجراء عمليات شرائية على مواقع التسوق الإلكترونى، وقيامهم بطلب إيداع مبالغ مالية على بعض المحافظ الإلكترونية.

اعترافات

بعد تحرير محضر بالواقعة، وإحالته إلى النيابة العامة، اعترف بأنه استغل مهارته في البرامج المحاسبية وبرامج الاختراق، واستولى على أموال عملاء البنوك، من خلال سرقة بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بهم.

بعد ضبطه، كان بحوزته هاتف محمول، وبفحصه فنياً تبين احتوائه على العديد من الرسائل المستخدمة فى عمليات الاحتيال، وعند سؤاله عن ما في هاتفه المحمول قال بأنه بعض المحادثات التي كانت بينه وبين ضحاياه، بالإضافة إلى أرقام حسابات استولى على ما بها من أموال، إلى جانب بعض اللقطات التي تظهر المبالغ التي تم تحويلها.

كما أضاف في اعترافاته أن الطريقة التي بها استولى على هذه الحسابات كانت عن طريق أسلوب تهديد الضحايا، بأنه موظف خدمة عملاء في أحد البنوك، وبأن هناك عملية سرقة تحدث على حساباتهم.

نتيجة الخوف من أن يتم سرقة أموالهم، يعطون له الرقم حتى يغلق لهم هذه الحسابات، كونه موظف البنك، دون أن يعرفوا أنه ليس موظف، وأنه انتحل هذه الصفة حتى ينجح في سرقة حساباتهم.

وأضاف في اعترافاته أمام النيابة العامة، أنه ارتكب هذه الحيلة مرات عديدة، وعلى الرغم من أن معظم حيله باءت بالفشل، إلا أنه نجح في أن يسرق 6 حسابات لأشخاص خدعوا فيه، وأعطوه أرقام بطاقات الدفع الخاصة بهم، فسرق الأموال التي فيها.

بعد اعترافه، قررت النيابة العامة حبسه لقيامه بمزاولة نشاط إجرامى فى مجال النصب والاحتيال على المواطنين، والاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بهم، وذلك ٤ أيام على ذمة التحقيقات. 

اقرأ  أيضا : سقوط المتهم بالاستيلاء على أموال عملاء البنوك بالمنيا


 

;