فيض الخاطر

حمدي رزق يكتب: سرادق عزاء إلكتروني !!

حمدي رزق
حمدي رزق

جد بت أخشى ولوج «الفيس بوك»، كلما فتحته تصدمني بوستات التعازي الحارة، كل ينوح، وكل يشاطر العزاء، باتت الصفحة حزينة متشحة بالسواد .

وكأنني أطرق غرفة مسكونة بالحزن، أخشى يكون بينهم حبيب رحل إذ فجأة، وحدث كثيرا، وصدق حدسي، وآخرها رحيل صديقى الروائى الجميل «حمدى أبو جليل» فى مفتتح الأسبوع، ناهيك عن وفيات مفجعة طيلة شهور مضت ..

الفيس بوك صار صفحة وفيات إلكترونية، كل يعزى، وكل يشير، اذكروا محاسن موتاكم، وفيات الفيس المتلاحقة تلون الأجواء بالسواد، رائحة الموت .

صور الأحباب على الفيس تظهر مجللة بالسواد، صفحة الفيسبوك احتلت مكان صفحات الوفيات فى الصحف اليومية فى الإخبار عن الوفيات، وصارت حائط مبكى الخلان، كل يبكى على حبيب غادر لتوه الحياة .

تبوأت صفحة الفيس مكانها باعتبارها صحيفة الوفيات المعتمدة مصريا، صفحات الفيس لم تعد تمرر وفاة فى بر مصر دون كف عزاء، تحس إنك فى سرادق إلكترونى مفتوح على مدار الساعة يستقبل المعزين .

شئت أم أبيت فيسبوكيا، وفيات الفيس باتت تطرق بابك، تقتحمك، وبين طرفة عين وانتباهتها يتغير مود صفحتك تماما، من حال إلى حال،وسيل عرم من التعازى، لا يكلف صاحبها سوى حروف تكتب بمداد أسود، والجمل ناعية، واللوحات مطرزة بالسواد تحيط صور الراحلين،وأنتم السابقون .

بات صعبا على الكثيرين (وأنا منهم) دخول الفيس خشية خبر وفاة يهزنى من الأعماق، كلما هممت بالتصفح ومتابعة الحال والأحوال صدمتنى أخبار الوفيات، وكأنك داخل على صفحة الوفيات الأهرامية العريقة، تتحسب، وتتعوذ، وتترحم قبل الدخول، وحدوووووه.. تسمع صدى صوت من بعيد، يؤمن على التوحيد، لا إله إلا الله ..

سعيكم مشكور، أعرف أناسا كانوا زمان يفتحون الصحف من خلاف، على صفحة الوفيات التى كانت تتمدد أحيانا الى صفحات مجللة بالسواد، مع قهوة سادة، ويهزون رءوسهم، ويتمتمون إيييه، حال الدنيا، كلنا لها، البقاء لله .

صفحات الفيس اللانهائية باتت مرهقة للأعصاب، على مدار الساعة وفيات وفيات، ليس فيها خبر ميلاد، ونادرا ما تصادف خبر زواج،الأخبار البيضاء شحيحة فى السوق، أخبار الوفيات تسود الصفحات، البقاء لله .