الخبراء يكشفون مخاطر الذكاء الاصطناعى على الصناعة الفنية

أيمن سلامة - خالد البرماوى- مجدى صابر - طارق الشناوى
أيمن سلامة - خالد البرماوى- مجدى صابر - طارق الشناوى

أيمن سلامة: هذه مساوئ استخدامه فى الكتابة والتأليف

أصبحت الاستخدامات المتعددة لنظم الذكاء الاصطناعى، وخاصة فى كتابة السيناريو والبرامج النصية، تكتسب أهمية كبيرة فى هوليوود ومنها الى الشرق الأوسط، جاء دور كتاب السيناريو ليعبروا عن قلقهم من منافسة الذكاء الصناعى لهم، وكان كتاب السيناريو فى هوليوود أضربوا عن العمل وأدى نزاعهم مع الاستوديوهات ومنصات البث إلى توقف فورى لبرامج تلفزيونية.

إضافة لتأخر إنجاز أعمال سينمائية ومسلسلات، وبالإضافة الى فرضية يرى فيها كتاب السيناريو إهانة لقدراتهم، وهى فكرة إمكان حلول الذكاء الاصطناعى محلهم قريبا.

فقدرة برامج من نوع «شات جى بى تى» على محاكاة المحادثة البشرية، أثارت مخاوف فى عدد من القطاعات فى الفترة الأخيرة، و القيام بالوظائف البشرية فى جميع المجالات، ومنها الفن.

حيث تم استخدامه كعامل مساعد فى كتابة بعض السيناريوهات، ليحدث ثورة فى عالم صناعة الأعمال الدرامية، و بعد أن كان من المفترض توظيف تلك المستحدثات لمساعدة صانعى الأعمال الفنية فى إنتاج أعمالهم وفقا لأعلى المعايير، فانتشرت المخاوف من فكرة الاستغناء عن العنصر البشرى واستبداله بالذكاء الاصطناعى الذى أصبح قادرا على محاكاة العقل البشرى. ترصد جريدة «الأخبار».

فى هذا التحقيق رأى النقاد والمؤلفين وخبراء فى تكنولوجيا المعلومات فى فكرة هل من الممكن أن تحل البرامج الذكية مثل «شات جى بى تى «محل كتاب السيناريو والمؤلفين وصناع الدراما فى المستقبل؟ والأهم هل من الممكن أن يصنع الفن بواسطة آلة؟.

أكد خالد البرماوى أستاذ الإعلام وخبير تكنولوجيا المعلومات، فى بداية حديثه على أهمية التكنولوجيا بحياة الإنسان وضرورة تطويعها لخدمته، ويقول: «مما لا شك فيه أصبح للذكاء الاصطناعى دور فعال فى جميع المجالات، ودخول الذكاء الاصطناعى Artificial intelligence  واختصار AI فى مجال الدراما التلفزيونية يمكنه التأثير على عناصر كثيرة ومنها عنصر الكتابة وعنصر التصوير، ومن الممكن أيضا الدخول فى تفاصيل الكتابة عن طريق الكتابة الاعتيادية فى «بعض المشاهد» لكن سيظل العنصر البشرى له الأهمية، وخاصة عند زيادة محتوى الإبداع.

وأضاف «البرماوى» عندما يتم استخدام الـ AI سنجد أن به ميزة هى أنه يمكن إمكانية الاستعانة بآلاف الأعمال الدرامية بلغات كثيرة ومختلفة، وبالتالى يمكنه وضع حلول للمؤلف أو يمكنه الاستعانة بها فى بعض الأفكار والانطباعات والمعلومات، لكن يصنع المحتوى من أوله إلى آخره فهذا شىء صعب، لذلك لابد من استعانة المؤلف فى كتابة العمل الدرامى بخاصية الذكاء الاصطناعى AI فى بعض الأعمال وخاصة فى الوطن العربى.

تأثير سلبى

وقال د.حسام لطفى الخبير الدولى فى مجال الملكية الفكرية: «هذا الموضوع شغل حيز كبير من تفكيرى منذ بدايته، خاصة عندما قيل إنه سيحل محل البشر فى الوظائف الإبداعية وغيرها من المجالات، ولكن يذهلنا الذكاء الاصطناعى كل يوم بطرحه الحلول لمجموعة من القضايا التى أصبحت عالمية فى عصر التحول إلى الرقمية، وحيث يعرف الذكاء الاصطناعى أنه «تقليد السلوك البشرى».

وكما أن الهدف الأساسى للذكاء الاصطناعى هو تسهيل وتمكين أفراد من حقوقهم، فإنه بالمقابل يؤثر سلبا على هذه الحقوق، ورغم أن التكنولوجيا سهلت إلى حد كبير ثورة حقوق الإنسان وفتحت جزءا جديدا لممارسة الحقوق والحريات الرقمية. فإنها بالموازاة مع ذلك تطرح مجموعة من التحديات بالنظر إلى مخاطر الاستعمال الواسع واستثماره من طرف البعض فى أشياء سلبية أدت لظهور مجموعة من القضايا الدولية التى يجب أن يجد لها المجتمع الدولى حلولا، لذلك أنا أرى أن ظاهرة الذكاء الاصطناعى مجرد ظاهرة ستستمر ثم تختفى».

غزو إليكترونى

وأكد السيناريست أيمن سلامة على استخدام الذكاء الاصطناعى فى كتابة السيناريو، قائلا: «الغزو الإلكترونى للعقل البشرى بدأ بالفعل، سيتم استخدام الذكاء الاصطناعى فى الشق التجارى لأنه يأخذ حيزا كبيرا عند بعض المنتجين، وسيتم أيضا استخدامه في كتابة السيناريو ولكن سيأتى بنتيجة عكسية لأنه تم تجربته أكثر من مرة على صعيد مجموعة من المؤلفين وكتاب السيناريو فنتج عن ذلك نتيجة سيئة للغاية، لأن ينقصه فى هذه التجربة العنصر البشرى».

وأضاف «سلامة « أن المسألة تشكل تحديا لكتاب السيناريو والمؤلفين أكثر من كونها تهديدا، بمعنى أن الإنسان مطالب بأن يجد لنفسه دور بديل، ومكان يحتاج لوجوده بالفعل، فمن الصعب الوقوف أمام العلم ومحاربته، فهذا التطور حتمى، وكان لابد وأن يحدث يوما ما، ومهما كان هناك محاولات لمواجهته، ففى النهاية سيكون هو السائد، وإن كنت أرى أن الفن المصنوع من قبل الآلة لن يستطيع منافسة الصناعة البشرية من حيث عناصر لن تستطيع منافسة الصناعة البشرية من حيث عناصر متعمدة، منها الصدق وتجسيد المشاعر الإنسانية المختلفة أو تأليف قصة، بالفن إحساس ومشاعر ولن نجد تنوعا بهذا الشكل وفى رأيى من الممكن أن يؤدى فقط الغرض منه بتقديم الحد الأدنى، وهذا فى توقعى الشخصى.

عمل بلا إبداع

ويقول المؤلف مجدى صابر: استخدام الذكاء الاصطناعى فى كتابة السيناريو شىء محير للحقيقة لأن من الممكن أن يقدم عمل سيناريو جديدا اعتمادا على نفس الكاتب ، ولكن من وجهة نظرى فى ذلك الأمر دخول الذكاء الاصطناعى فى كتابة السيناريو سيكون بلا إبداع، و لكن من الممكن أن يكون عاملا مؤثرا فى الأشياء التقنية من حيث تصميمات الديكور والموسيقى و التصوير، ويمكن في هذه الأشياء استخدامها بشكل مدهش عن طريق AI ومن الممكن أن يفيد مجال الإخراج. وأضاف «صابر» أن الإنسان أصبح فى مواجهة تحد من نوع خاص، فتلك المميزات التى يوفرها الذكاء الاصطناعى والقدرة على القيام بالوظائف البشرية المتعددة، قد يشكل تهديدا للعنصر البشرى نفسه الذى قام هو بخلقه وابتكاره.

فقدرة التعلم الذاتى الذى تمتاز به الآلة بعد تغذيتها بالمعلومات تمكنها من تعلم نفسها ذاتيا وزيادة معلوماتها بعيدا عن الإنسان، و هذا خطر كبير جدا، ولا أستبعد انفلات الأمور بشكل غير مرغوب فيه مستقبلا، مع التطور والانتشار أو من خلال التطوير الذاتى للآلة، لذلك نطالب العلماء بالبحث عن كيفية الاستفادة من التكنولوجيا، وفى نفس الوقت وضع قيود على تلك البرامج والأجهزة التى تطور من نفسها بعيدا عن تدخل الإنسان، ومع ذلك فكرة الاستغناء عن التكنولوجيا غير واردة، ومن المستحيل استبعادها، لكن من المهم العمل على توظيفها بما يخدم البشرية، وليس بما يحقق الضرر».

حالة استنساخ

ويقول الناقد طارق الشناوى «لا تصدقوا كل ما تتابعونه الآن على الساحة الفنية، الذى يمكن تلخيصه فى عناوين مثل: «الورثة يصرخون.. هذا اغتيال للقمم الفنية» وشركة الإنتاج تؤكد أنه سوف نطارد كل من تسول له نفسه بتزوير التاريخ، وهناك من يتحدث باسم الرأى العام، ويقول «الست والعندليب وموسيقار الأجيال خط أحمر» وغيرها من الكلمات والتى تعودناها وتحقق فى كل مرة «تريند»، مع الزمن وفى النهاية، ستصمت كل هذه الأصوات وننصت فقط إلى صوت المال «المصالح تتصالح» لا أحد يقول الحقيقة ولذلك تتم تغذية الذكاء الاصطناعى بكل مفردات هذا الكاتب أو الشاعر أو السيناريست ويقدم لنا العقل الاصطناعى ما يشبه المفردات القديمة، مع إعادة توظيفها فى فكرة جديدة، إنها نظرة عقلانية جدا للإبداع تنفى عنه أنه أساسا ومضة يحركها أولًا الوجدان، إنها تبدو أقرب لحالة الاستنساخ، وكم رأينا مثلا من كتب أشعارا نسبها لأحمد فؤاد نجم أو بيرم التونسى، فهو يتقمص إحساسهما، وبالطبع من السهل للمتذوق أن يستشعر الفارق بين الصادق والكاذب.

وأشار «الشناوى» الى تعرض فؤاد نجم وعبد الرحمن الأبنودى وفؤاد حداد وسيد حجاب وغيرهم فى حياتهم لمثل هذه المواقف، وهى محاولة انتحال مفرداتهم الشعرية لضمان الانتشار. يجب التعامل مع هذا الوافد الجديد الذى يحقق قفزات فى التقنية تفوق قدرتنا على ملاحقته، وهو ما نراه أيضا فى السينما، محاولات لإعادة الحضور لأسطورة الإغراء مارلين مونرو التى رحلت فى مطلع الستينيات، تقدم من خلال المزج بين بعض لقطات رصيدها القديم وايضا الفنان الأمريكى «توم هانكس» رحب بالفكرة التى من الممكن أن تزيد حصيلته من الأفلام بعد رحيله، بل قادر الآن وهو فى عمر الـ66 عاما على أن تمنحه بطولة أفلام جديدة تحتاج إلى شاب فى الثلاثينيات.

عقل بلا قلب

فى عالمنا العربى ومصر تحديدًا، ارتفعت حالات الغضب، رغم أن تقنية (الهولوجرام) التى قدمناها فى سهرات غنائية وتم فيها تجسيد صور مجسمة لعدد من الراحلين (أم كلثوم وعبدالحليم وطلال مداح)..

وغيرهم، الحفلات كاملة العدد، وهى قائمة على حالة افتراضية، فأنت كمتلقٍ تعلم أن هؤلاء رحلوا عن عالمنا، ورغم ذلك تقطع تذكرة غالية الثمن لتشاهدهم أمامك مجددًا. يجب إدراك أن هذا هو الزمن القادم، سواء أعجبتنا التجربة أم لا، علينا ألا نصادر الحق فى التجربة، يجب التفرقة بين حقوق الملكية وهى محفوظة بالقانون، وحق التجربة وهى حتمية بحكم الزمن.

وفى ذات الإطار، أعرب الناقد أحمد سعد الدين عن رأيه فى الذكاء الاصطناعى من وجهة نظره: هو عقل بلا قلب ومن الممكن أن يفيد الدراما فى جزء ما، ولكن من الممكن أن يضرها بشكل آخر، الذكاء الاصطناعى ممكن يفيد جزءا صغيرا من الدراما التلفزيونية عند كتابة السيناريو، وعندما يتم عمل كتابة سيناريو مكون من خمس عشر حلقة ليس من الممكن اتاحة العنصر البشرى فى هذا الأمر،.

وأشار «سعد الدين» إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى فى العمل الفنى خلال الفترة المقبلة، مشيرا الى أن الذكاء الاصطناعى سيساعدنا فى الدراما على العودة أو الوصول لأسلوب الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة وأعماله من جديد.

أقرأ أيضاً|«سوسن بدر» تنشر صورة جديدة: «الذكاء الاصطناعي وعمايله»