وحي القلم

صالح الصالحي يكتب: توشكى من جديد

صالح الصالحي
صالح الصالحي

توشكى ذلك المشروع القومي الذى طالما حلمت البلاد بتحقيقه على مدار سنوات عديدة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود.. لم يحظ مشروع بضجة مثله، اختلط فيها التشكيك بجدواه بسقف الأحلام التى فاقت تصورات الجميع ليشهد فى بدايته حفاوة بإطلاقه أعقبها توقف وتعثر لوجستى وشابته صورة ذهنية لاحقته جعلت منه «حلماً مستحيلاً» لدرجة أنه لم يكن يتخيل أحد أن يتم على أرض الواقع، ويرى الجميع الأراضى الزراعية تزدهر بالمحاصيل فى ظل أزمة شحوط المياه التى أصبحنا نواجه عجزاً فيها بسبب زيادة السكان فى مواجهة حصة ثابتة منها.

مشروع شكل تحدياً كبيراً للقيادة السياسية التى واجهته بالعلم والعمل على يد متخصصين قاموا بحل أصعب المشكلات وأعصاها المتمثلة فى الكثبان الرملية والصخرية التى تعترض طريق استصلاح أراضيها وتوفير مياه رى فى عمق الصحراء بدون التأثير على حصتنا من مياه النيل، ناهيك عن تمويل ضخم لتوفير بنية تحتية عملاقة سواء من محطات ضخ مياه ومحطات كهرباء واستخدام أفضل طرق الرى المميكن.

رحلة من العمل الشاق استمرت على مدار الأربع سنوات الماضية لمواجهة هذه التحديات والآن بدأ حصد ثمار هذا الجهد الذى تمثل فى زراعة آلاف الأفدنة والنخيل ومحاصيل أخرى توجه للاستهلاك المحلى والتصدير، حيث تمت زراعة مليون ونصف مليون نخلة و300 ألف فدان قمح، بالإضافة لاستهداف زراعة 2.3 مليون نخلة و650 ألف فدان قمح لحصاد مليون طن قمح بنهاية شتاء عام 2023، وبحلول عام 2024 سيتحقق الاكتفاء الذاتى وسد الفجوة الغذائية.

ولا ينكر أحد أن هذا المشروع جاء ليمسح على قلب كل مصرى ويقدم له الهدية والفرحة وسط أزمة اقتصادية طاحنة ليطلق بريق الأمل فى نفوس المصريين ويفتح طريقاً جديداً لنهضة زراعية طالما حلمنا بها على مدار عشرات السنين لتلبى طموح المصريين بتوفير ملايين من فرص العمل وتعيد التوازن السكانى فى منطقة الدلتا والوادى والصعيد، وتفتح أبواب الاستثمار فى هذه المنطقة الواعدة، وتواجه كل المشككين الذين يراهنون ليل نهار على توقف الإنتاج، ليقدم هذا المشروع نموذجاً رائعاً لأحد المشروعات الزراعية الضخمة التى تتضمن منظومة عالية الجودة، والتى أكدت الإحصائيات أن جملة الأراضى المستصلحة بلغت 460 ألف فدان بنهاية العام الماضى دون التأثير على حصة مصر المائية لتتحقق المعادلة الصعبة فى الاستفادة بكل نقطة مياه باستخدام الأساليب الحديثة فى الرى.. ليستمر العمل بزيادة الرقعة الزراعية وتعظيم العائد من الفدان فى نفس الوقت وخاصة فى إنتاج المحاصيل الاستراتيجية.
المشوار الكبير والصعب تم بحمد الله هكذا أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى.