«رياضة يومية» قصة قصيرة للدكتور ناصر فؤاد

الدكتور ناصر فؤاد
الدكتور ناصر فؤاد

كعادته اليومية منذ 40 سنة خرج من منزله السادسة صباحا، متجها إلى النادي ليقوم برياضته اليومية التى لم يقطعها يوما، إلا إذا كان مسافرا، فقد اعتاد المشى لمدة نصف ساعة ثم الركض لمدة ربع ساعة، ويختتم الساعة بالمشى ثم نصف ساعة في حمام السباحة، يستمتع بأصدقاء تعرف عليهم من خلال الرياضة، نساء ورجال سياسة وسلطة وتجارة وسطوة، تجمعهم الرياضة الصباحية، كثير من الأبواب المغلقة فتحتها له رياضته التى يعتبرها متنفسه الأعظم لإزالة هموم العمل والحياة.

 

اليوم قد حمل معه غادة هيفاء في منتصف الأربعين من عمرها، رائعة وفاتنة وبسيطة معادلة صعبة، ولكنها تحققت، كانت بصحبة صديقة مشتركة تركتهما بعد سادس لفة في التراك، شدها حديثه فودعت صديقتها وأكملت معه .. لم يشعر بمرور الوقت وقرر إلغاء السباحة اليوم لأنها لم تكن مستعدة ووعدته بالسباحة معه غدا، اتفقا على إفطار خفيف بعد الدش وتغيير الملابس، غريب أمر الإنسان يرتاح لأشخاص من أول لقاء ودون سابق معرفة.

 

أنهى استعداده ولبس ملابسه وتعطر بعطر هادئ للصباح، خرج لينتظرها حيث اتفقا، لم تتأخر سوى دقائق معدودة/ خرجت رائعة تفوح عطرا وحيوية بفستان بسيط، سبحان الله، لم تستغرق الوقت الطويل الذى تستغرقه زوجتي عند استعدادها للخروج حتى لتوصيل الأحفاد للمدرسة، على الرغم من سنين زواجه الطويلة، إلا أنه لم يستطع تقليل مدة اللبس والتزين لزوجته، أفاق من فكره على صوتها وهي تقول له ... "آيه رأيك أنا عزماك على فطار على النيل وبعدها فنجان قهوة محوج محصلش، أوعدك مش ممكن تندم أبدا"، لا يدري كيف وافقها ولا حتى كيف ترك سيارته بالنادي وركب معها وانطلقا، وهو الشخصية التى لا تترك القيادة لمن معه.

 

وصلا لعمارة فاخرة على النيل، ترجلا من السيارة، قادته إلى المصعد، فتحت بمفاتيحها إحدى الشقق بالدور الـ 15، وما إن دخلا للشقة حتى وجد نفسه أمام بانوراما رائعة للنيل، ومن خلفه حدائق، أجلسته في الشرفة، واستأذنته لدقائق حتى تعد الإفطار، استغرب نفسه كيف وافقها وكيف سلبت إرادته، وماذا جاء به إلى هنا، إلا أن حضورها في ملابس منزلية أبرزت جمالها الملائكي، ألجمته وشلت تفكيره، وما إن وضعت يدها تداعب شعره الرمادي المائل للبياض حتى شعر بزلزال قوي، ارتجت مع الشرفة وتمايلت وسمع صوتها يضيع مع كلمة يا ساتر زلازال زلازال ...

هزة عنيفة لكتفه وصوت رجالي أجش "يا باشا شكلك نمت لك شوية أنا سبتك بس ربع ساعة قدام الشباك تتفرج على النيل، وعلى النادي لأني عارف قعدت المستشفيات مزعجة، وكمان الكرسي المتحرك بتاعنا مش زي كرسى الكهربا اللي معاليك واخد عليه بقالك سنتين، أنا رحت بس أجيب الأشعة من أودتك علشان نقابل الدكتور يمكن يكتب لمعاليك خروج النهارده، أكيد انت زهقت مننا .