في ذكرى ميلاده الـ 88 .. كيف كان يشعر مصطفى حسين بمعاناة البسطاء؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 د. طارق عبد العزيز

تمر اليوم الذكرى الـ 88 على ميلاد فنان الكاريكاتير الساخر مصطفى حسين .. الذي ولد في 7 مارس عام 1935..، ورغم مرور أكثر من ستة أعوام على رحيل هذا العملاق وأحد أعمدة دار أخبار اليوم العريقة، إلا أنه مازال حاضرًا بأعماله التي كانت تتعلق بأمور حياتنا الاجتماعية عن طريق السخرية .. إذ نستطيع أن نقرأ من خلال الكاريكاتير الذي يتعلق بالحياة الاجتماعية ويمس حياة البسطاء منتقدًا سلبيات القائمين على تلبية احتياجاتهم، فالكاريكاتير الاجتماعى الذي كان يرسمه مصطفى حسين على مدار تاريخه ومعظمه كان بأفكار الكاتب الساخر أحمد رجب، جزء لايتجزأ من الصحافة التي تنحاز دائمًا للبسطاء وتهدف لوجود حلول، لأن الصحافة ليست منفصلة عن الواقع الاجتماعى الذي نعيش فيه ، إذن فهي جزء متداخل من الفعاليات والسمات الاجتماعية وهي مرآة لهذا المجتمع تعكس ما يحتويه من خصائص وإيجابيات وسلبيات.
 

وقد استطاعت بعض السلاسل الكاريكاتورية التي يقدمها الرسام مصطفى حسين في جريدة الأخبار عن فلاح كفر الهنادوه ، وكمبورة الانتهازي، وقاسم السماوي الحاقد، والكومندا ، وجنجح ، .. وغيرها.. تمتع المجتمع المصري بحرية النشر والتعبير فى ظل الأنظمة المتعاقبة وفى واقعية شديدة .

عكس كاريكاتير مصطفى حسين الكثير من أمور حياتنا الاجتماعية عن طريق السخرية إذ نستطيع ومن خلال تتبع العادات الاجتماعية والوقائع السياسية وقراءة التاريخ المصري المعاصر استطاع الفنان في كثير من الأحيان أن ينتزع البسمة من مشاهدي رسوماته وقت الألم والحزن والوجع للنقد اللاذع الذى يغلف به رسومه الساخرة إن كل ما يعيشه الإنسان اليوم من إحباطات وآلام ومواجع وحروب ، يدفعنا إلى البحث عن تلك اللحظات المسروقة عن الضحك في شكل لذة، وفي شكل شعور، ورغبة وتنفيس عن الغريزة بواسطة الضحك!!


فالضحك الذي يصنعه كاريكاتير مصطفى حسين خلق قاعدة عريضة من متابعيه ، فالحق أن الابتسام والضحك والبشاشة والمرح والفكاهة والإضحاك والمزاح والدعابة والهزل والنكتة واللمحة النادرة ، والكوميديا والقهقهة مسميات لأدوات وحالات ، أدوات تؤدي إليها وحالات تعترينا ، فتشيع فينا بهجة وراحة ، وتعطينا متعة تسعدنا ، ولها فوائد صحية ونفسية.

واستطاع مصطفى حسين وبأفكار الساخر أحمد رجب أن يصنع رموزًا يتفاعل معها الجمهور، وتتناول السلبيات بجانب من السخرية والنقد اللاذع كفلاح كفر الهنادوة الذي يقابل المسئول ويوجه له انتقادات لاذعة .. ، إذ أن دور الفنان في توصيل رموزه إلى الجمهور مهم فلو كان هناك تواصل بينه وبين الجمهور فيتم إدراك رؤية الفنان وقبولها والاعتراف بها ، محدثًا بذلك رد فعل عاطفى وذهني بل وجمالي بالمجتمع ، وتاركًا له القدرة على تذوق وفهم هذه الرموز.

نقده للتجار بسبب ارتفاع الأسعار

قدم مصطفى حسين العديد من الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة من التجار وارتفاع أسعار السلع، فكان دائمًا يتناول جشع واستغلال التجار من حين لآخر، لإحساسه بمعاناة المواطن المصرى البسيط.. ويقول مصطفى حسين عن الكاريكاتير الذى يتصدى للقضايا الاجتماعية : إنه كاريكاتير سياسى، الكاريكاتير الاجتماعى ليس هو الكاريكاتير لمجرد الإضحاك الذى ليس له مضمون مؤثر فى مشكلة ما، أما البحث عن مشكلة اجتماعية مثل مشكلة العيش أو القمح فهي مشاكل سياسية واجتماعية .. وليس معنى أن أرسم الرئيس بوش أو ريجان أن يكون هذا رسمًا سياسيًّا، ولكنه بحث عن مشاكل المجتمع المتغلفة داخله ، هي سياسة تختلف عن الكاريكاتير الذي يلمس الناحية الساخرة في موقف عادي وله رسالة غير الإضحاك ،ولكن أن يكون له موضوع ويحل مشكلات اجتماعية فهو كاريكاتير سياسى .. والرسوم الاجتماعية التى تناولها مصطفى حسين أهم ما يميزهها هى تعبيرات الوجوه ، سواء أكانت سعادة وفرح أم غضب ونفاق وحقد ..


ويضيف مصطفى حسين: أهم ما أركز عليه فى الكاريكاتير تعبير الوجوه ، حتى يواكب تمامًا الكلمة التي يقولها صاحب هذا الوجه .. ويخطىء من يعتقد أن هناك تعبيرًا عن الإحساس الواحد .. فالسعادة مثلًا لها عشرات الأشكال للتعبير عنها .. وكذلك الصور الأخرى من التعبير كالغضب أو النفاق وغيرها من صور، وأصعب مرحلة عندى عندما أحاول ضبط درجة السعادة أو الحقد أو الغضب حسب الموقف ، بحيث لا يبدو تعبير الوجه مبالغًا فيه عن الكلمة التى يقولها، وبالفعل استطاع الفنان العبقري مصطفى حسين أن يجسد العديد من المواقف الساخرة فى قالب كوميدى ، فقد تعرض للعديد من الإجراءات التي ترفع الأسعار وتزيد من أعباء المواطن، لذلك قدم العديد من الشخصيات الدعائية والاسقاطية والتحليلية فى صوره الكاريكاتيرية التي نقدت الكثير من الشخصيات والوظائف والأنماط المختلفة من المجتمع المصري داخل إطار ساخر فكاهي خفيف الظل رآه وأثنى عليه الفنان الكبير عبد المنعم رخا بشهادته عندما قال : (إن مصطفى حسين أكفأ ريشة فى الصحافة المصرية واعتبر مصطفى حسين هذه الشهادة بمثابة شهادة معادلة لشهادة كلية الفنون الجميلة)