«شيخ الصحفيين».. حكاية أول نقيب رفض الزواج من أجل «صاحبة الجلالة»

محمود أبو الفتح أول نقيب للصحفين
محمود أبو الفتح أول نقيب للصحفين
ولد محمود أبو الفتح أول نقيب للصحفين، بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، في شهر أغسطس عام 1893، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، وأدّى اندماجه في العمل الوطني وتأييده للوفد وزعيمه سعد زغلول إلى فصله من الكلية عدة مرات، ولم يعُد إلى الكلية إلا بعد تعهّد من والده الشيخ أحمد أبو الفتح أستاذ الشريعة الإسلامية في الكلية ذاتها.
 
التحق بالعمل مراسلًا وكاتبًا بجريدة «وادي النيل»، التي كانت تصدر بالإسكندرية براتب شهري قدره جنيه ونصف الجنيه، وكان لأسلوبه الجديد في التحرير الصحفي الفضل في سعي صاحب جريدة الأهرام إلى تعيينه بها كان أسلوب أبي الفتح أسلوبًا صحفيًا حديثًا، خاليًا من الطابع الأدبي والبلاغة التقليدية التي كانت تطبع الكتابة الصحفية آنذاك.
 
ترك المحاماة من أجل الصحافة
 
ترك محمود أبو الفتح المحاماة من أجل الصحافة، ولقب بــ«شيخ الصحفيين»، وذلك لأنه صاحب فكرة إنشاء نقابة للصحفيين، وتحديد لائحة أجور وحقوق وواجبات الصحفيين، كما أنه تنازل عن شقته في عمارة الإيموبيليا لتكون مقرًا مؤقتًا لها، وسعى لدى الحكومة عندما كان عضوًا في مجلس النواب لتخصيص أرض لها في مقرها الحالي.
 
وتولى محمود أبو الفتح رئاسة نقابة الصحفيين عام 1941، حيث تم اختياره نقيبًا دورتين، وعند افتتاح مبنى النقابة كان أبو الفتح قد استنفد مرات انتخابه، فاختار الصحفيون أخاه حسين أبو الفتح نقيبًا بالتزكية.
 
 كما اشتهر أبو الفتح، بأشهر «عازب في الصحافة المصرية»، لانه اعتقد أن معشر الصحفيين لا نصلح للزواج، بسبب أن العمل في الليل والزواج لا يتفقان، ويجب أن يكرس الزوج أكبر وقت ممكن لزوجته وحياته الأسرية.
 
وكان من انفراداته الصحفية إبّان عمله مراسلًا للأهرام "ركوبه منطاد زيبلن الألماني في رحلته الأولى"، التي كانت رحلة تاريخية تابعها العالم، وكان أبو الفتح واحدًا من ثلاثة صحفيين شاركوا في هذه الرحلة، وقد انفردت الأهرام بنشر تغطيته الصحفية لهذا الحدث، وبعد أسابيع قليلة جاء انفراده الصحفي التالي، وهو تغطيته لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وانفراد الأهرام ـ عن طريقه ـ بنشر هذا الخبر وتفاصيله.
 
في فبراير 1919، قبيل اندلاع ثورة 1919، اقترح "أبو الفتح" على سعد زغلول أن يُترجَم كل ما ينشر عن مصر والقضية المصرية في الصحف الأجنبية مصر، مع الرد على ما فيها من أكاذيب وإرسال الردود إلى نفس الصحف بالخارج باللغتين الإنجليزية والفرنسية، مع نشر هذه الأكاذيب والرد عليها في الأهرام أيضًا، فتحمّس سعد زغلول للاقتراح وطالبه بتنفيذه فورًا.
 
وفي نفس الشهر، انفرد "أبو الفتح" بإجراء حديث مطوّل مع اللورد ألنبي، أنكر فيه ألنبي كل حقوق مصر، وقد أثار هذا الحديث ردود فعل واسعة.
 
سافر "أبو الفتح" مع سعد زغلول إلى أوروبا مستشارًا إعلاميًا للوفد المصري، إلى جانب تغطيته أخبار مفاوضات الوفد في لندن لحساب جريدة الأهرام في رسالة صحفية مطولة كان يرسلها بشكل يومي.
 
وألّف أبو الفتح بعد عودته من رحلته مع الوفد المصري كتابًا عنوانه «المسألة المصرية والوفد»، طلبه جمال عبد الناصر فيما بعد لقراءته أثناء مفاوضاته مع الإنجليز قبل توقيع المعاهدة معهم، وظل الكتاب في مكتبة عبد الناصر حتى وفاته.
 
وفاته
 
توفي محمود أبو الفتح في مدينة جنيف السويسرية في 15 أغسطس 1958، عن خمسة وستين عامًا، وشُيع إلى مثواه الأخير في موكب جنائزي مهيب.