في ذكرى وفاته .. سر كلمة «نقشبندي»

الشيخ النقشبندي
الشيخ النقشبندي

سيد محمد النقشبندي من مواليد 7 ينايرعام 1920 ولد بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، في مصر عام 1920م  ولم يمكث فيها طويلاً، حيث انتقل إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره.
حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية وجده هو الشيخ سيد محمد بهاء الدين النقشبندي الذي قد نزح من بخارة بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف، ووالده أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية.


مدرسة الابتهالات:


هو صاحب مدرسة متميزة في الابتهالات وأحد أشهر المنشدين والمبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، يتمتع بصوت يراه الموسيقيون أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات.
صوته القوي والمتميز، الذى هز المشاعر والوجدان وكان أحد أهم ملامح شهر رمضان المعظم حيث يصافح آذان الملايين وقلوبهم خلال فترة الإفطار، وبأحلى الابتهالات التي كانت تنبع من قلبه قبل حنجرته فتسمو معه مشاعر المسلمين، وتجعلهم يرددون بخشوع الشيخ سيد النقشبندي وهو من أبرز من ابتهلوا ورتلوا وأنشدوا التواشيح الدينية في القرن قالوا عنه وكان ذا قدرة فائقة في الابتهالات والمدائح حتى صار صاحب مدرسة، ولقب بالصوت الخاشع، والكروان.


نقشبندى القلب:


سر كلمة نقشبندي وهى كلمة مكونة من مقطعين هما نقش وبندي ومعناها في اللغة العربية القلب .
النقش بند بالفارسية هو الرسام أو النقاش والنقشبندي نسبة إلى فرقة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية ونسبتهم إلى شيخهم بهاء الدين نقشبند المتوفى سنة 791 هجرية.


دعوة حافظ الأسد للنقشبندى: 


ذاعت شهرته في محافظات مصر والدول العربية، وسافر الي حلب وحماه ودمشق لإحياء الليالي الدينية بدعوة من الرئيس السوري حافظ الأسد، كما زار أبوظبي والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية، وأدى فريضة الحج خمس مرات خلال زيارته للسعودية.


برامجه الدينية بالتلفزيون:


في عام 1966 كان الشيخ سيد النقشبندي بمسجد الإمام الحسين بـالقاهرة والتقى مصادفة بالإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء " الذي كان يذاع يومياً عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التلفزيوني في نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذي يحكي قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التي لحنها محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وأحمد صدقي وحلمي أمين.


وصف الدكتور مصطفى محمود للنقشبندي:  


وصفه الدكتور مصطفى محمود في برنامج العالم والإيمان الشيخ سيد النقشبندي بقوله أنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد وأجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني فصوته مكون من ثماني طبقات، وكان يقول الجواب وجواب الجواب.


دخوله الأذاعة:

دخل الشيخ الإذاعة عام 1967م، وترك للإذاعة ثروة من الأناشيد والابتهالات، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية.
النقشبندي ووجدى الحكيم:على آخر الزمن يا وجدى اغنى:
قال جدى الحكيم فى حوار له إن السادات قال لبليغ حمدى: عاوز أسمعك مع النقشبندى وكلف الحكيم بفتح استوديو الإذاعة لهما، وعندما سمع النقشبندى ذلك وافق محرجا وتحدث مع الحكيم بعدها قائلا: ماينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة"، حيث كان النقشبندى قد تعود على الابتهال بما يعرفه من المقامات الموسيقية، دون أن يكون هناك ملحن، وكان فى اعتقاد الشيخ أن اللحن سيفسد حالة الخشوع التى تصاحب الابتهال، ولذلك كان رد الشيخ قائلاً على آخر الزمن يا وجدى هاغنى ؟ فى إشارة إلى أن الابتهال الملحن يجعل من الأنشودة الدينية أغنية.
طلب الشيخ الجليل من الحكيم الاعتذار لبليغ، ولكن استطاع الحكيم أن يقنعه بأن يستمع إلى ألحان بليغ، واصطحبه إلى استوديو الإذاعة واتفق معه على أن يتركه مع بليغ لمدة نصف ساعة وأن تكون بينهما إشارة يعرف منها الحكيم إن كانت ألحان بليغ أعجبت النقشبندى أم لا.
وبعدها دخل وجدى ليجد النقشبندى خلع عمامته وبذلك يعنى أنه أعجب بألحان بليغ وقال: يا وجدى بليغ ده جن.
وانتهى اللقاء بيقام بليغ من تلحين "مولاى انى ببابك" وتتبعها ابتهالات أخرى، دون أن يتقاضى الاثنان أجرا على الإطلاق، وتصبح هذه الابتهالات علامة من علامات شهر رمضان الكريم.

 
زواجه:


 كان متزوجا من ابنة عمته وأنجب منها 5 أبناء: «ليلى ومحمد وأحمد وسعاد وفاطمة»، وتوفت زوجته بعد رحلة مرض بالسكر، وكان الشيخ يحبها حبا كبيرا وتأثر بوفاتها، وعرض عليه أبناؤه الزواج بعد وفاة والدتهم، وبالفعل زوجوه من سيدة من المنصورة، وأنجب منها ثلاثة أبناء: «إبراهيم ورابعة والسيد»، وتوفى قبل ميلاد ابنه الأصغر السيد وترك والدته حاملا فيه، بينما كان عمر إبراهيم لا يتجاوز (3 سنوات) ورابعة عام ونصف.
وأضاف حفيد النقشبندي، أن جده عندما مات لم يكن في جيبه سوى (3 جنيهات) ولم يترك أرضا أو بيتا أو أموالا، حيث كان ينفق كل ما يأتيه على الفقراء، وكان يقول دائما: «الله أكرمنا كي نكرم خلقه»، مؤكدا أن الإذاعة لم تصرف بعد وفاته أي معاش لأبنائه وعاشوا ظروفا صعبة من بعده.


وصية النقشبندي:


كان الشيخ سيد النقشبندي صوتا متفردا لم يأت الزمان بمثله، يشدو فينقلك إلى عالم أخر وتشعر أنك تسمع كروان من الجنة، يهتز قلبك حين تستمع إلى رائعته «مولاي إني ببابك» وتشعر بأنك تلمس قطعة من السماء حين تسمع أنشودته الله يالله.

 ابتهالاته الدينية :

 جل الإله / أنت في عين قلبي/ يارب دموعنا/ حشودنا تدعوك / بدر الكبرى / ربنا / ليلة القدر / أيها الساهر / سبحانك يا رب / رسولك المختار / مولاي / أغيب / يارب إن عظمت ذنوبي / النفس تشكو / ربّ هب لى هدى / النور منه الحقيقة / المدينة المنورة / يا اللــه / يا رب يا رحمن / رمضان اهلا/ يا باسط الأرزاق / يا ربنا العظيم يا الله
أيقظ الشوق مقلتي من رقاد / يا ربنا العظيم / إلهي وأنت مجيب الرجاء / الله أكبر دعوة الحق المبين.


وفاته:

 ولوفاة قيثارة السماء الشيخ سيد النقشبندي قصة غريبة يحكى عنها حفيده سيد شحاتة النقشبندي، قائلا: «جدي توفى بشكل مفاجئ في (14 فبراير 1976) وكان عمره (55 عاما) ولم يكن مريضا، وقبلها بيوم واحد في (13 فبراير) كان يقرأ القرآن في مسجد التليفزيون وأذن لصلاة الجمعة على الهواء، ثم ذهب مسرعا إلى منزل شقيقه من والدته سعد المواردي في العباسية.
مضيفاً انه طلب من شقيقه أن يحضر ورقة وقلم بسرعة، وكتب كام سطر وأعطاه الورقة، وقال له لا تقرأها إلا ساعة اللزوم .
وبعدها شعر ببعض التعب، فذهب للدكتور وقال انى أشعر بألم في صدري، وفاضت روحه في غرفة الكشف خلال دقائق.
وأشار حفيد قيثارة السماء إلى أن شقيق الشيخ النقشبندي فتح الورقة التي كتبها بعد وفاته ، وكان مكتوب عليها فوجدها وصية كتبها الشيخ سيد يوصي فيها بأن يدفن مع والدته في مقابر الطريقة الخلوتية بالبساتين، وعدم إقامة مأتم له والاكتفاء بالعزاء والنعي بالجرائد، وأوصى برعاية زوجته وأطفاله.


توفي إثر نوبة قلبية في 14 فبراير 1976م. كرمه رئيس مصر الراحل محمد أنور السادات عام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته. كما كرمه الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1989م بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته أيضًا.
كرمته محافظة الغربية التي عاش فيها ودفن بها حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتى ميدان الساعة.