حكايات| عاطف الطيب.. «ملك» سينما الإنسان

المخرج الراحل عاطف الطيب
المخرج الراحل عاطف الطيب

أصل الحكاية عن ولد شبهي وشبهكم تمام، في قلبه لسه بيتولد قمر الحواديت والشجن والكلام، شبهي وشبهكم تمام

 قل ما شئت عنه أو أوصفه بما شئت، فعاطف الطيب، لم يكن يعرف الطيبة إلا في اسمه وملامحه الهادئة، أما في أفلامه فهو شرسٌ في الاشتباك مع الواقع المصري، جريءٌ في عرض أفكاره ورؤيته، حمل هموم الشارع في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

واحد وعشرون فيلما هو رصيد عاطف الطيب في السينما كانت كفيلة أن تحفر اسمه في ذاكرتها، جعلته من أهم مخرجي الواقعية، أو مخرج الغلابة، أو مخرج الشارع، أو نجيب محفوظ الإخراج كما أطلق عليه الفنان الراحل نور الشريف.

 

من بداية باهتة، مع فيلم «الغيرة القاتلة» الذي اعتبره النقاد أقل أفلام عاطف الطيب، ولم ينبئ عن موهبة كبير وهو من إنتاجه، قبل أن يفاجئ الجميع بفيلم سواق الأتوبيس للفنان الراحل نور الشريف، الذي تعاون معه في تسعة أفلام.

كانت الموسيقى التصويرية جزءً هامًا من أعمال عاطف الطيب، فموسيقى فيلم «البريء» لعمار الشريعي جزء حميم في فكر عاطف الطيب، وتبقى دائما الموسيقى ليست مجرد على هامش الكادر ولكنها جزء هام في الكادر الفني برغم أن التعامل معها بالأذن لكنها تشغل الوجدان أي «السمع والبصر» لذلك كان عاطف الطيب حريصًا على الموسيقى التصويرية.

 

وقلبي حب.. أنا بطحنه بإيدي

لكنه ريم البحر في بياضه

سواق الأتوبيس، والتخشيبة، وملف في الآداب، والحب فوق هضبة الهرم، والبرئ، وأبناء وقتله، وضربة معلم، وكتيبة الإعدام، والدنيا على جناح يمامة، والهروب، وإنذار بالطاعة، وكشف المستور، وجبر الخواطر، وليلة ساخنة، وليلة ساخنة، والزمار، وناجي العلي، أفلام اختارها عاطف الطيب بعناية شديدة إذ كان يعرف عنه حرصه الشديد على اختيار السيناريو والمشاركة في تفاصيله وكون ثنائية مع السيناريست بشير الديك في غالبية أعماله.

 

 

 

«أفضل طلاق في السينما»

يقول بشير الديك لـ«بوابة أخبار اليوم»: «عاطف الطيب كان مواطن مصري موهوب انطلاقته كانت من ستوديو شارع عبد السلام وعمل مع أجانب صوروا في مصر أفلام، وأول فيلم كان له " الغيرة القاتلة" عام 1982 بعدها عمل معي في فيلم "سواق الأتوبيس" عام 1983 وقصته الفيلم كان معي أنا ومحمد خان في البداية الذي أرسل ورق العمل لعاطف الطيب دون الرجوع لي نظرا لصداقتنا القوية وأنا زعلت في البداية لما فعله محمد خان ولكنه قال لي "هو هيعمله أحسن مني".

وتابع:« فيلم سواق الأتوبيس عمل واحدة من أفضل مشاهد الطلاق في السينما المصرية "طلاق نور من ميرفت أمين" ولديه مشاهد جميلة في البريء مع وحيد حامد، وهو دائما كان يعكس صورة الغلابة والناس الشقاينة لأنه كان يعبر عن المجتمع المصري بواقعيته وإخلاصه لشغله ولديه رؤية فنية وسياسية واضحة».

 

نص الكلام ده بتاعى.. والنص مش ليا

 أنا جبته بدراعي

المغربيه عيون.. والمشربيه مغرب

قدم عاطف الطيب تجربة سينمائية لم تكتب لها النجاح جماهيريا، إلا أنها تعد من أهم تجاربه الفنية، وهو فيلمه «الزمار» مع الفنان نور الشريف، كانت بمثابة تجربة شعرية للشاعر الراحل عبد الرحيم منصور، قدموا فيها قصيدة الرحايا التي كان يدور بها البطل في القرية، وهي تلك نفسها المقتبسة من هذه النصوص.

 
 
 
 
 

 

«الثلاثية العظيمة»

أضاف بشير الديك قائلاً: «أحب عاطف الطيب وعملنا سويا أحسن أفلام السينما المصرية مثل طائر على الطريق، وضد الحكومة، كان يقوم بتعديل السيناريو بالاتفاق مع السيناريست فالعمل قائم على المناقشة بهدف تنمية الموضوع وإخراجه بشكل جيد، وثلاثية «محمد خان وعاطف الطيب وبشير الديك» توصف بالعظيمة.

هالة صدقي.. «شكلي معاه مختلف»

تقول هالة صدقي عن عاطف الطيب: «تجربتي الأولى مع المخرج عاطف الطيب كان فيلم (قلب الليل)، إنتاج محسن زايد وتأليف نجيب محفوظ، وهو موضوع فلسفي ولم يكن سهلا على الجمهور تقبله، وكانت المفاجأة اني أقدم شخصية (مروانه)، وتعلمت من عاطف الطيب الكثير

ولو كان موجودا كان وضعي في السينما غير الآن تماما، الوحيد الذي كان يقدمني بشكل مختلف عن المخرجين الآخرين، تعلمت منه الاهتمام بالمفردات الخاصة بالدور وهي التي تعطي الإحساس بالشخصية، وكذلك الأمر بالنسبة لفيلم (الهروب)».

في قلبي وزنة كلام

يا ايدين يا وزّانه

ينشد فوقها الحزام

وتلعبوا الزانة

عاطف الطيب يحل المعادلة

«رائد للواقعية»، يصف طارق الشناوي عاطف الطيب ابن مرحلة الثمانينات كمخرج، مع جيل به أسماء مميزة مثل محمد خان، وخيري، بشارة وبشير الديك.

ويحكي الناقد طارق الشناوي لـ«بوابة أخبار اليوم» قائلاً: «عاطف الطيب رائد للواقعية في جيله بعد الرائد الأول صلاح أبو سيف، ففي الثمانيات نعتبره عنوان لواقعية سحرية مثلما أطلق عليه فأفلامه تمتاز بأنها على مستوى التكنيك لا يوجد بها إسراف ولكن تحتوي على مشاعر وإحساس ومسحة جماهيرية وهذا ما يميزه عن جيله، فجيله كان يقدم أفلام عظيمة وتحقق جوائز ولكنها لا تنجح مع الجمهور».

وتابع: «عاطف الطيب حل هذه المعادلة فعدد من أفلامه نجحت مثل "الأوتوبيس" فكان نقلة مهمة وحقق نجاح على المستويين النقدي والشعبي وكذلك فيلم "البريء"، فأفلامه بها حس جماهيري وبها حياة، فسميرة عاطف الطيب تجاوزت الـ20 فيلم وتفوق على كل جيله وأقرانه».

نور الشريف وأحمد زكي.. مثلث الإبداع

يقول طارق الشناوي: «نور الشريف وأحمد زكي، كانا أقرب نجمين لعاطف الطيب، وسألته في مرة عن الفارق بينهما، قال إن نور الشريف يحقق ذروة الأداء في أعمالي، وأحمد زكي يعلو على هذه الذروة والخيال الذي كان يسعى الوصول إليه».

وأوضح "الشناوي" أن نور الشريف أبلغ شخصيا في آخر حوار قبل رحيله أنه يسعى لعمل فيلم روائي عن حياة المخرج عاطف الطيب وهو ما يوضح مدى تأثيره على من عمل معه.

لبلبة تتمنى الزواج من عاطف الطيب

وكشف الفنانة لبلبة عن مفاجأة في أحد البرامج الإذاعية، بعد أن قالت إن الشخص الوحيد الذي تمنت الزواج منه هو عاطف الطيب، لصدقه وإخلاصه الشديد.

وكشفت أن المشهد الذي كانت تبكي فيه في فيلم «ليلة ساخنة» تعمد عاطف الطيب تركها في التاكسي أكثر من ثلاث ساعات، حتى «صعبت عليها نفسها» من الإهمال التي تعرضت فبكت على الفور.

والناس عيونهم كلام

وكله كلام

«اللي بيشتغل معاه بيموت»

عن حياة عاطف الطيب وأزماته مع النقاد يقول طارق الشناوي: «أرادوا أن يوقفوا مسيرته وخرج ضده بيان في الثمانينات أطلق عليه البيان الأسود وكان المقصود إيقاف مسيرته واستغلوا بعض المفارقات مثل منتج أنتج له أو فنانين شاركوا معه ورحلوا فأشاعوا عليه أنه «فال سيء وكل من يعمل معه يموت»، ولكن في النهاية لم تتوقف مسيرته.

ورحل عاطف الطيب عن عالمنا في عام 1995، وقدم للسينما عددا من الأفلام التي تعد خالدة في الذاكرة، بأفلامه الجريئة، وقبل أن يقدم فيلم «نزوة» الذي كان تعاقد عليه قبل وفاته.

رفض المخرج الراحل عاطف الطيب فكرة السفر إلى ألمانيا للعلاج على نفقة الدولة، مشددًا على أن "الغلابة" الذين دافع عنهم في أفلامه أولى منه، وأقنعه أحد الأطباء أن العملية من الممكن إجراؤها في مصر، وهي العملية التي استمرت لساعات بسبب خطأ طبي رفض الاعتراف به الطبيب المعالج لتكون هي النهاية ويتوفى في 23 يونيو من عام 1995 تاركًا خلفه آخر أفلامه "جبر الخواطر" الذي لم يتمكن من إنجازه.