على مدى 11 شهرا من الحرب فى أوكرانيا. كانت روسيا تؤكد أن ما تقوم به قواتها هناك هو «عملية عسكرية خاصة».. ربما اعتقادا منها- فى البداية- بأن الأمر سينتهى سريعا. وربما لطمأنة الداخل على أنه لا حاجة لإجراءات طوارئ أو تجنيد اجباري، ولطمأنة الخارج بأن «العملية» محدودة ولا نية للتوسع فيها!
ما جرى بعد ذلك خالف هذه التوقعات. دخول «الناتو» لدعم أوكرانيا حول «العملية الخاصة» إلى مواجهة «ولو بالوكالة»، مع الغرب. واضطرت روسيا إلى تجنيد 300 ألف مقاتل جديد لمواجهة الموقف. وتغيرت قواعد الاشتباك على الأرض أكثر من مرة، وكذلك تغيرت قيادة القوات الروسية فى أوكرانيا أكثر من مرة لمواجهة التطورات على أرض المعركة.
قبل ثلاثة أشهر فقط، ولمواجهة تقدم القوات الأوكرانية، عينت موسكو الجنرال سوروفيكين لقيادة الجبهة الأوكرانية وهو الرجل الذى أنجز قبل ذلك مهمته فى سوريا بنجاح. وخلال هذه الشهور أشرف سوروفيكين على سحب قواته من مدينة «خيروسون»، ثم قام بالضربات القاسية لتدمير البنية التحتية الأوكرانية، وأخيرا وبينما كانت القوات الروسية تستولى على مدينة «سوليدار»، المهمة. كان هناك قرار جديد بتغيير مهم فى قيادة القوات الروسية على الجبهة الأوكرانية لتثير الكثير من علامات الاستفهام حول مغزى وتوقيت التغيير!!
وأول الأسئلة وأخطرها هو: هل مازالت موسكو ترى أن ما يجرى فى أوكرانيا هو عملية عسكرية خاصة.. أم أننا أمام تقدير جديد يقر بأنها الحرب؟
!.. القائد الجديد للجبهة الأوكرانية هو رئيس أركان القوات الروسية والشخصية العسكرية الثانية بعد وزير الدفاع.
والتنظيم الجديد يبقى على القائد السابق «سوروفيكين»، نائبا له مع نائبين آخرين هما قائد الجيش ونائب رئيس الأركان. وبالتأكيد فإن هذه ليست قيادة لعملية محدودة، وليست انتقاصا من القائد السابق، بل هى اعتراف «ولو متأخرا»، بأن ما كان عميلة عسكرية خاصة أصبح حربا قاسية، وبأن خطر المواجهة المباشرة مع حلف «الناتو»، يستدعى أن تكون القيادة العسكرية فى يد رئيس الأركان بسلطاته على كل فروع القوات المسلحة الروسية.
هل سيمضى الغرب فى زيادة تسليح أوكرانيا واعتبار القوات الروسية فى أوكرانيا هدفا مشروعا.. أم تنفتح أبواب التفاوض بعد أن تحولت «العملية الخاصة»، إلى حرب قد تتحول لمواجهة شاملة لا يتحملها أحد؟!