أوراق شخصية

يا قلبى لا تحزن!

د. آمال عثمان
د. آمال عثمان

خلال سنوات الصبا كان يسكننا «الحلم الأمريكى»، الذى يمثل الحرية وتعدد الفرص والنجاح والمساواة، ويُجسد قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، تلك القيم التى نتوق أن تسود مجتمعاتنا العربية، ونرقب بإعجاب وانبهار رؤساء الولايات المتحدة، نتابع براعة أحاديثهم المفعمة بالقوة والثقة، ننبهر بحضورهم الطاغى، وشخصياتهم الآسرة الجذابة، رغم اختلافنا مع بعض توجهاتهم وأفكارهم.

ومازلتُ أتذكر كيف كان الشارع يتابع السباق الرئاسى، وما تسفر عنه النتائج فى الولايات الامريكية أولاً بأول، وكأنها تجرى فى مصر، صحيح أن الصورة بدأت تتبدل منذ سنوات، لكنى لم أتخيل أن يصل الحال بالدولة العظمى، وإحدى أقوى الديمقراطيات فى العالم، إلى أن يتنافس على رئاستها «عجوز» تعدى الثمانين، ضعيف تائه فاقد للتركيز والوعي، رغم تعاطيه عقاقير تساعده على التفكير وتبقيه مستيقظا، ما جعل المستشار الطبى السابق للبيت الأبيض يطالبه بإجراء اختبار للمنشطات الذهنية قبل المناظرة الرئاسية!! 

المنافس الآخر يصغره بأربع سنوات فقط، يتحدث بحماقة أقرب إلى الجنون، سبق وأن شكك مستشاروه فى قدراته العقلية، ووصفوه بالغباء والغرور، أنه لا يقرأ ولا يسمع ويتصرف مثل الطفل!! ومنذ أيام اضطرت قناة فوكس نيوز لقطع البث فى منتصف هذيانه ورعونته، ولغوه الأحمق حول «صنبور المياه»، وغسْل شعره الجميل الكثيف لمدة 45 دقيقة!!

ولا يتوقف الأمر عند الخرف والهذيان، وإنما لكل من الرجلين وأسرته سجل حافل من الاتهامات القضائية، يحاكم ابن «بايدن» بتهم الاحتيال الضريبي، وحيازة سلاح، وهو مدمن للمخدرات والكحول، وتمويل مختبرات بيولوجية فى أوكرانيا، من خلال الصندوق الاستثمارى الذى يديره، إلى جانب فضائح استغلال نفوذ والده، وعمله بمجلس إدارة شركة الطاقة الأوكرانية! كما يواجه «ترامب» 91 تهمة جنائية تصل عقوبة بعضها إلى السجن 20 عاماً، منها عمليات احتيال، وقضايا اعتداء جنسى وتشهير، ودفع أموال للتغطية على قضايا قبل انتخابات عام 2016، والتآمر والتحريض على التمرد، واقتحام مبنى الكابيتول التابع للكونجرس، والحصول على آلاف الوثائق السرية من البيت الأبيض، أثناء مغادرة منصبه، لذا فإن نتائج السباق الرئاسى فى الحالتين، تمثل إساءةً لسجل هذا المنصب الرفيع، واغتيالاً للحلم الأمريكى الذى عرفناه، وينطبق عليها القول: من «بايدن» إلى «ترامب» يا قلبى لا تحزن!!