بالبلدي..

مسار إجبارى

مصطفي يونس
مصطفي يونس

..واعلم- يا عزيزي- أن هناك متربصين، ينتهزون الفرص، ويجيدون الركوب عليها، ليسوا من أعداء الوطن، فحسب، بل من دواخلنا.. هم فى انتظار اللحظة الحاسمة، التى تسقط فيها كلمة وطن، ويعلو وقتها صوت الفوضى، والانفلات.. لحظة يعم فيها الخراب والبلطجة.. وقتها سنعيد لك مشاهد مثيرة من واقع الحياة، مشاهد رأيتها بعينيك وسمعتها بأذنيك، وجعلتك تترحم على أزمنة مضت، وعهود ولّت.. تذكر معى وقتما كادت تسقط وأصبحت شبه دولة، وأنت تسير فى شوارعها وحواريها وتحاول الذهاب إلى مدارسها أو حتى الاختباء فى أقسامها.. كانت- والله- أياما مؤسفة، محزنة..

كنا وقتها نشمئز من كثرة الدماء، ونخاف النزول فى الشوارع.. كانت بيوتنا فى رعب مستمر.. أصوات الرصاص منتشرة فى كل مكان.. أما إن قدّر الله لك النزول إلى ميادينها، فرائحة الغاز المسيل للدموع لن تفارق أنفك، ومعارك عديدة بدون سبب، وقد ترى نفسك متورطا فى مصيبة بلا ذنب.. أما عن السرقات والقتل والخطف والاغتصاب، فحدث ولا حرج.. وكل ما سبق وأكثر منه لا يعطينى تبريرا واحدا لجشع التجار أو احتكار السلع أو حتى تقصير مسئول فى موقعه.. لا يعطينى الحق ألا أسمع وجهة نظرك، أو تهميشك، لكنها رؤية وبصيرة، علينا التدبر والتفكر فيها، بعيدا عن سياسة القطيع.. يا عزيزى دعنى أكن أكثر صراحة وصدقا معك، هناك بالفعل من لا يعنيه ارتفاع الدولار، لكنه يصرخ من غلاء الأسعار، هناك من لا يعرف كيف تُقَاد السفينة، لكنه يريد مَوجا هادئا، ليربى أطفاله الصغار ويطمئن عليهم.. هؤلاء كثيرون بل هم غالبية الشعب..

غالبية، لا ترى إلا مسارا إجباريا، نحو البناء والتشييد، نحو بلد عانى ويعانى كثيرا.. مسارا إجباريا نحو حرية الرأى والتعبير والمعاملة الحسنة للمواطن، نحو تحسين مستوى الصحة والتعليم وتوفير لقمة العيش، نحو استكمال مئات المشاريع التى بدأت ودخلت حيز التنفيذ، نحو حزمة قرارات حكومية وعدم تطنيش وتهميش دولة السوشيال ميديا.. لأن المسار الإجبارى الملزم لنا جميعا هو مواجهة الخونة وأعداء الوطن، هو المسار الإجبارى نحو استقرار الدولة وبنائها، وتحقيق الأمن والأمان.