عصام السباعي يكتب: عبور اقتصادى وشيك

عصام السباعي
عصام السباعي

الخطوات الاقتصادية الأخيرة التى اتخذتها الحكومة تستحق الإشادة والمساندة فى نفس الوقت، القرارات جاءت فى وقتها، وفى محلها، وفى سياقها، ولا يستطيع أى مراقب للشأن الاقتصادى إلا أن يرحب بها، اللافت هنا علامات الرضا الظاهرة من ترحيب مؤشرات البورصة، وكذلك عموم المحللين الماليين، بصدور القرارات النقدية والمالية بعد أن سبقتها حزمة قرارات ضخمة للحماية الاجتماعية بقيمة ٦٧ مليار جنيه، وكذلك تثبيت أسعار الكهرباء والوقود، ولم يخل المشهد من ظهور مكثف لأعداء الوطن من الخونة المأجورين، الذين يتاجرون بكل شيء من أجل تحقيق أهدافهم الخبيثة، وخطط من يدعمونهم ويحركونهم من خلف الستار لوضع العقبات أمام انطلاق وقوة الدولة المصرية.
ويهمنى هنا توضيح عدة ملاحظات توقفت عندها، أطرحها على الجميع، حتى يفهم ويستوعب تلك القرارات: 

أولا: التحركات الأخيرة تمت بعد دراسات نقدية ومالية واقتصادية شاملة، تحت مظلة قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى رقم 584 لسنة 2021 بتشكيل المجلس التنسيقى المنصوص عليه فى قانون المركزى والجهاز المصرفى الصادر فى 2020، وتمت بتناغم، وتنسيق تام بين السياسة النقدية للبنك المركزى والسياسة المالية للحكومة.

ثانيا: التوصل لاتفاق مع صندوق النقد، ومن قبله تلك القرارات الاقتصادية التى مهدت له، لم تتم فجأة، أو كانت صادمة وغير متوقعة، وأزعم أن كل المتابعين كانوا على علم بأنها آتية فى أقرب وقت، فقد تم إدارة تلك العملية بأقصى درجة ممكنة من الشفافية والوضوح، وللتذكرة، بعكس ما يردده بعض الخوارج، فالحقائق المعلنة للرأى العام توضح أن الرئيس السيسى اجتمع يوم 2 أكتوبر، مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، وحسن عبدالله محافظ البنك المركزي، لمتابعة مؤشرات السياسة النقدية، وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والمنظومة المصرفية لتوفير المستلزمات ذات الأولوية، وفى 4 أكتوبر توقعت كريستالينا جورجيفا مدير صندوق النقد الدولى أن يتم قريبا جداً التوصل لاتفاق مع مصر، أيضا أكد بنك بى إن بى باريبا ذلك، وتوقع حصول مصر على ما بين 3-5 مليارات دولار، وكذلك بنك جولدمان ساكس الذى توقع أن تصل قيمة القرض إلى 15 مليار دولار، وهو التقدير الذى نفاه وقتها عدة مسئولين بينهم وزير المالية د. محمد معيط، وأعقب ذلك فى يوم 5 أكتوبر اجتماع عقده د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء للمجلس التنسيقى للسياسات النقدية والمالية، بحضور حسن عبدالله محافظ البنك المركزى، وفى 17 أكتوبر أعلن مجلس الوزراء مع نهاية زيارة الوفد المصرى إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولى، نجاح المفاوضات الفنية مع مسئولى صندوق النقد، والتوصل إلى اتفاق كامل حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الجديد، وحدد مجالات التحرك اللازمة أو بتعبير أدق الواجب عملها. فأين المفاجأة؟

ثالثا: انشغل الناس بمتابعة تطورات سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكي، ونسى كثيرون أن سعر الصرف وقيمة احتياطى النقد الأجنبى وسعر الفائدة ليسوا الهدف، لأنها كلها مجرد وسائل أو أسلحة اقتصادية، لمواجهة الأزمات النقدية والمالية، التى تواجه كل العالم ومن بينه مصر، وإن تعددت صور تلك الأزمات، وفى مقدمتها موجات التضخم التى ضربت كل العالم بدون استثناء، ووضع نظام مرن يضمن سلامة سوق الصرف المصرى وتداعياته الأخرى، ويهمنى فى ذلك السياق الإشارة إلى إجماع الخبراء، على ضرورة عدم الانزعاج من بدايات العلاج، لأن الأمور ستعود إلى طبيعتها، ليستقر سوق الصرف عند مستوياته المعقولة والمقبولة، وذلك وفق التقديرات التى أعلنتها مؤسسات مالية عالمية مثل بنك جولدمان ساكس وبنك بى إن بى باريبا.

رابعا: الإجراءات التى تمت وتتم فى كافة القطاعات هدفها الأساسى هو تحقيق المصلحة العليا للوطن اليوم وغداً، فما تقوم به مصر بقيادة الرئيس السيسى هو إرساء القواعد للدولة القوية، فى المستقبل القريب والمتوسط، كما أنها من علامات الترابط والثقة بين الشعب وقيادته، بل هى قفزة الثقة، التى تراهن على وعى المواطنين، والإرادة السياسية الصلبة والقوية التى تبذل أقصى جهدها من أجل مستقبل أفضل لمصر والمصريين، وأتذكر هنا أننى طالعت أكثر من برنامج للإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصرى منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وكان كل تقرير للحكومة ينتهى بجزء خاص لبنك الاستثمار القومى والأمان الاجتماعي، وأزعم أنها المرة الأولى التى يتم فيها تطبيق حزمة قوية للحماية الاجتماعية خلال السنوات الثمانى الأخيرة، ووصلت لذروتها غير المسبوقة مع الحزمة الأخيرة. 

خامسا: نهاية الكلام أننا فى حرب عالمية اقتصادية، لم تسلم منها دولة فى العالم، أشعل شرارتها الوباء العالمى لفيروس كورونا، وأججتها الحرب الروسية الأوكرانية، ووسعتها تلك الرياح الناتجة عن الاختلالات الهيكلية فى العديد من الدول، ووصلت الأمور إلى درجة صعبة ولا أريد أن أقول مهينة للعديد من الاقتصاديات الكبري، وانظروا إلى حال الاقتصاد الأمريكى أو الوضع فى ألمانيا التى يتوقع كثيرون أن تخرج من الأزمة الحالية وقد فقدت لقب الدولة الصناعية، والتداعيات الدرامية فى بريطانيا العظمي، والتى هوت بها لتصبح أفقر دول أوروبا الغربية، ناهيك بالتحديات المصرية الخالصة، وفى مقدمتها الأطماع الإقليمية، وتأمين الحدود ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، والمفتاح السحرى لكل ذلك هو أن يكون الجميع يداً واحدة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لصناعة المستقبل الأفضل لمصر والمصريين، وتخطى كل الصعاب، وأداء الفروض الواجبة، وفى مقدمتها العمل والعلم والابتكار، وتعميق التصنيع وإحلال الواردات، وإعلاء معايير الجودة، إلى جانب المواجهة القوية لتجار الأزمات وسماسرة العملات ومحتكرى السلع، وهو ما يتطلب أعيناً لا تنام عنهم أبداً.

تفاءلوا بالغد فهو مشرق.. ولا تفتحوا الأبواب لدعاة الإحباط لأنه مهلك.. اعملوا واصنعوا احتياجاتكم.. فلن يفتح التاريخ صفحاته إلا للصانع والمنتج، وبإذن الله ستنفرج وسيكتب المصريون ملاحمهم فى كتب التاريخ.. الانفراجة قادمة وسننطلق إلى آفاق أوسع وأفضل، وسيحقق المصريون عبورهم الاقتصادى عن قريب.
ودومًا ودائمًا وأبدًا.. تحيا مصر.

بوكس

لا مجال في ذلك التوقيت للمشككين والمتشائمين، ولا مكان للكسالى غير المنتجين، وكذلك للضالين عن بوصلة الوطن ومواقع العمل.. هذه أيام صناعة الأمل والسلع والمنتجات، واستيراد الخامات والسلع الوسيطة، وتصدير السلع والخدمات بأقصى ما نستطيع.