استمرار التواصل واتباع الأبواب المفتوحة والشفافية لتطوير الحياة السياسية

نائب رئيس حزب الوفد: الحوار الوطنى بداية للوصول إلى عقد اجتماعى جديد

د. خالد قنديل خلال حواره مع «الأخبار»
د. خالد قنديل خلال حواره مع «الأخبار»

شهدت الحياة الحزبية فى مصر تطورات كبيرة في التاريخ المصري المعاصر، منذ البدايات الأولى نهاية القرن التاسع عشر، ومع تطور مفهوم الدولة، وصولاً إلى مرحلة التعددية الحزبية من عام 1919، حزب الوفد كان في طليعة الأحزاب الليبرالية التي انطلقت آنداك بعد أن نالت ثقة الشعب وأخذت الوكالة الشعبية للمطالبة باستقلال مصر إبان الاحتلال البريطاني، الدكتور خالد قنديل نائب رئيس الوفد وعضو مجلس الشيوخ، أحد الوجوه السياسية الفاعلة وأحد قيادات الحزب البارزين، الذي يرى في حواره مع «الأخبار» أن الوفد ظل حزباً وطنياً ذا مبادئ وطنية راسخة يخطو على خطى مؤسسيه الأوائل سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين، وظل مستمراً في العمل الوطنى والسياسى. 

«الوفد» رقم مهم فى العمل السياسى .. والشباب هم وقود الحزب للمستقبل

وفى ظل أهمية الوفد كواحد من الكيانات السياسية الفاعلة، تعد انتخابات الهيئة العليا للحزب المقرر انطلاقها يوم الجمعة المقبل ذات أهمية بالغة في تحديد مستقبل الحزب، وفي هذا الحوار يكشف لنا قنديل عن رؤيته للنهوض بالأداء الحزبي بشكل عام، ودور الشباب في تحقيق الأهداف العليا للوفد، وكيف يمكن تجاوز تأثير الأزمات المختلفة على أداء الوفد، من واقع تمتعه بخبرة كبيرة في العمل السياسي والمجتمعي ومن خلال فترة عضويته في الهيئة العليا للحزب ،حيث قدم عدداً من المبادرات أسهمت في حل العديد من الأزمات داخل الحزب من بينها: خفض قيمة مديونيات الحزب وتحسين الأداء المالي له، تحدث قنديل عن مشاركة الحزب وتمثيله في الحوار الوطني وأهمية هذا الحوار وكيفية البناء على مخرجاته.

ويتحدث قنديل في حواره مع الأخبار عن المبادرات التى قدمها للحزب من بينها: برنامج الطلبة المتعثرين في دفع المصاريف المدرسية والمستمر إلي اليوم، والتبرعات لصالح مستشفى 57 ومستشفى النيل ومستشفى الناس ومستشفي بهية، واكتشاف المواهب في مسابقة أصوات من السماء من كل محافظات مصر، ولقنديل كتابان عن تاريخ الوفد هما: «تاريخنا التشريعي.. نظرة في تشريعات حكومات الوفد (1924- 1952)» و»الوفد الجديد- حكاية نصف قرن (1952 إلى 2000)».. وإلى نص الحوار:

- ما مدى حضور الحزب فى الحوار الوطنى، وهل يعكس هذا الحضور حجم وتاريخ الوفد؟
الحوار الوطنى خطوة مهمة وضرورية، على أن تكون مجرد بداية للكثير من التفاهمات والإصلاحات، والوصول إلى عقد اجتماعي جديد يؤثر إيجاباً على الممارسة السياسية، ويفتح الأبواب والنوافذ أمام التغيير الإيجابي والمزيد من الإصلاح، ولهذا فنحن رحبنا بالمشاركة، حتى لو كان بها أوجه قصور أو سلبيات، فإنها البداية التي لا نتوقع لها الكمال، والأهم هو أن يستمر التواصل واتباع سياسة الأبواب المفتوحة والشفافية وتبادل الآراء واحترام كل أطراف العمل السياسي، ووجودنا كان فاعلاً ومهماً، ونأمل  في أن يكون مؤثراً، ولم يكن يهمنا حجم المشاركة، فالأمر ليس بالعدد، ولكن بالقدرة على طرح المشكلات وتحديد الأولويات وتعزيز الإيجابيات وتخطي السلبيات، لهذا سيكون لحزب الوفد تأثيره دائماً، لأنه الرقم الأهم فى العمل السياسى.

علينا التكاتف لتخطى الظروف الاقتصادية الصعبة وتخفيف معاناة الفئات غير القادرة

- هل تعتقد أن حزب الوفد بحاجة إلى تغيير دماء من أجل مواكبة تطلعاته وأهدافه؟
بالتأكيد نحن بحاجة دائما للتغيير وبخاصة جيل الشباب، فهم القطاع الأوسع من الشعب، والأكثر حماسا ورغبة في التغيير إلى الأفضل، وقوة كل حزب تقاس بمدى قدرته على جذب وتوظيف تلك الطاقات، فهم قوة الدفع الكبيرة لأي حزب سياسي، وكان حزب الوفد دائما يعتمد على عضويته الواسعة بين الشباب، وهذه علامة صحية، لكن رغبتنا في أن تتسع عضويتنا بين الشباب، وأن يتولوا مراكز قيادية لا تعني أن نستغني عن الخبرات والشخصيات التي منحت الحزب وقتاً طويلاً من عمرها، وكانت وستظل نموذجاً للعطاء والوفاء والصمود في وجه الظروف الصعبة التي مررنا بها لفترات طويلة، وصمد الكثيرون أمام تلك الصعاب، وبوجود الشباب مع تلك الشخصيات الصلبة صاحبة الخبرة الطويلة يمنح الحزب مزايا كثيرة، حيث النشاط والحماس مع الخبرة والصلابة، وهذا المزيج يمنح الحزب فرصة أوسع في الوصول إلى مختلف القطاعات، والحفاظ على المبادئ مع التغيير المطلوب والتطور الضروري، فلكل زمن أدواته ومتغيراته التي علينا أن نتفاعل معها، خاصة عندما تحرص الأجيال الأكبر سنًا على منح الفرص للشباب في المراكز القيادية، وأن تجد فيهم الأمل والمستقبل، وتحرص على احتضانهم وتقديرهم ومنحهم ما اكتسبوه من خبرة دون مصادرة على مبادرات الشباب أو رفض المستجدات والأفكار الجديدة، وهذا يمنح الحزب فرصة كبيرة في نشر أفكاره واكتساب ثقة قطاع عريض من الجماهير.

اقرأ أيضًا

«أصوات من السماء»..مسابقة فى الأذان وتلاوة القرآن

- حدثت بعض الأزمات المختلفة فى طبيعتها داخل الحزب الفترة الماضية، فهل هذا الأمر يرجع إلى عدم التنظيم؟
الأزمات شىء طبيعى داخل أى حزب، فهناك تنوع فى الآراء، وتنافس مشروع بين الأعضاء، ورغبة في تغليب رأي أو تنفيذ فكرة، وهناك قصور في التجارب والخبرات لدى البعض، ولدينا مشكلات موجودة في مجتمعنا وثقافتنا التي لم تتعود على العمل السياسي المنظم، وكذلك توجد أخطاء ومظاهر سلبية تطفو أحياناً إلى درجة الأزمة.

- وكيف يمكن تفادى مثل هذه المشكلات المعرقلة؟
علينا أن نتعلم كيف نعالج تلك المشكلات أولاً بأول، وألا نتركها تتضخم وتتسع، وذلك من خلال الديمقراطية الداخلية، والحوار الهادئ والتوجيه، على أساس من احترام اللائحة الأساسية والبرنامج، والاحتكام إلى هذا الأساس الذي يحكم العلاقة بين مختلف المستويات، وصلاحية وحدود كل مستوى، مع احترام الطرف الآخر، وعدم وصول التنافس إلى حد الرغبة في الإلغاء أو الإساءة المتبادلة، فعند مستوى معين من الخلاف يجب الاحتكام إلى الأعراف السائدة والعقل والمنطق، وقبل كل شيء الاحتكام إلى اللائحة، وعند الرغبة في التغيير حتى في اللائحة أو البرنامج فلدينا المؤتمر العام، والاحتكام إلى الانتخابات، وهذا هو الطريق السليم، لكننا نحتاج إلى ترسيخ أخلاقيات الحوار والعمل بروح الجماعة أولا، فهذا ينهض بالحزب وبالأعضاء ويرتقي بالمجتمع، فالحزب جزء من هذا المجتمع، يتفاعل معه ويتأثر به ويؤثر فيه، وتجنب المشكلات والأزمات يكون بالحوار العقلاني والأخلاق الراقية مع احترام اللائحة التنظيمية وبرنامج ومبادئ الحزب، والعمل على ترسيخ روح التعاون من أجل الأهداف الأسمى للحزب ، والمشكلات لن تنتهي، لكن يمكن أن تظل في إطار الاختلاف الطبيعي بل والمثمر، والعمل على حلها مبكرا بروح المحبة والإخلاص قبل أن تتحول إلى أزمات.

- ما أبرز المحاور التى تنوى العمل عليها للنهوض بأداء الحزب؟
الحزب مجموعة من الأفكار والمبادئ التي تستهدف حل مشكلات المجتمع، لهذا فإن النهوض بالحزب يبدأ من تكوين رؤية لحل مشكلات المجتمع على أساس مبادئ الحزب، والعمل على نشر تلك الأفكار وتطويرها باستمرار، وكسب المزيد من المؤيدين لها، لهذا نحتاج إلى شباب متميز قادر على التفاعل مع المجتمع، وطرح تلك الرؤى و الأفكار، وجذب المتحمسين لها، وتنظيم العمل الحزبي، واكتساب المعارف والأدوات الجديدة، ولهذا سأركز على تنشيط دور الشباب وتفعيل دور اللجان، وتوفير ما يلزمها لكي تؤدي دورها، وأن تفتح نوافذ جديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية، إلى جانب اللقاءات وتنظيم المؤتمرات وغيرها من الأنشطة التي تجتذب عضوية جديدة تسهم في توسيع شرايين الحزب وتجديد دمائه.

- هل هناك خطوات مقبلة لتفعيل دور اللجان الفرعية ومكاتب الحزب فى المحافظات؟
مكاتب الحزب في المحافظات واللجان الفرعية هي الركائز الأساسية للحزب، بل هي الواجهة المتفاعلة مع الجماهير والمشكلات اليومية، ولهذا فإن تفعيلها هو الطريق الأهم والأوسع لتطور وتوسع العمل الحزبي، ولهذا فإن الاهتمام بتلك المكاتب واللجان هو البناء الحقيقي والتطور المستمر، والدعائم الأساسية التي تجعل من الحزب قوة سياسية حقيقية ومؤثرة، ومنها تظهر القيادات الشعبية الجديدة، والعناصر الفاعلة والقادرة على القيادة، لأنها النبت والثمار في آن واحد، وتستحق كل الجهد من أجل تطوير أدائها.

- ماذا عن مشاكل الجريدة الورقية والبوابة الإلكترونية ومشكلات الصحفيين؟
الجريدة والبوابة هما رئتا الحزب، ولا يمكنه أن يصل إلى الناس بدونهما، وتأثير الحزب وحجمه يتناسبان مع قوة وتأثير الجريدة والبوابة الإلكترونية، ولهذا فإن لهما المكانة والاهتمام بحل مشاكلهما، ومساعدتهما على تحسين المحتوى والوصول إلى أوسع القطاعات، ولا يمكن تطوير المحتوى إلا من خلال فريق صحفيين يتمتع بالكفاءة وهم موجودون بالفعل لدينا، ويحصل على رواتب مناسبة، ولا يحتاج الصحفي إلى العمل في أكثر من مكان، وأن يكرس كل وقته لجريدته أو بوابته الإلكترونية، فبدون ذلك لن يحقق الحزب غايته من التفاعل والوصول إلى أوسع قاعدة جماهيرية والتأثير السياسي، ولهذا سنسعى إلى تحقيق هذا الهدف الأساسي، لأن مشاكل الجريدة والحزب وأوضاع الصحفيين فيهما هي مشكلة بناء حزب كبير ومؤثر.

ـ ما أحلامك لشباب الوفد وما توقعاتك لهم فى العمل الحزبى والوطنى بشكل عام؟
الشباب هم حلم الحزب وقادته نحو المستقبل، وحزب الوفد يفخر بشبابه، ويسعى دائما إلى أن يتولوا مكانة متميزة داخل لجان الحزب ومستوياته القيادية، ولهذا أتوقع أن يشكلوا الأغلبية في مختلف المستويات القيادية، بما يكسبهم المزيد من الخبرة، ويكسب الحزب مزيداً من الطاقة الخلاقة، وأن يحتل حزب الوفد المكانة التي تليق بتاريخه وكفاءاته ومبادئه من خلال شبابه النابه والمتميز، والذين سيكون لهم مستقبل باهر من خلال توسع الحزب وتواجده في مختلف المحافل، وتأثيره الواسع الذي يؤهله لتشكيل الأغلبية، والنهوض بالأمة.

- ما دور المبادرات الاجتماعية لمساعدة غير القادرين التى يتبناها الحزب؟
الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم، تسببت في ارتفاعات كبيرة بالأسعار زادت من معاناة الجميع، خاصة الفئات غير القادرة من محدودي الدخل، لهذا فإن علينا جميعاً أن نتكاتف من أجل تخطي تلك الظروف الصعبة، وأن نخفف المعاناة عن الفئات غير القادرة، وألا نترك المسئولية على مؤسسات الحكومة وحدها، فالمسئولية وطنية وتتجاوز قدرات ومسئوليات أي حزب أو جهة، وتحتاج تضافر الجهود المجتمع المدني كله، والعمل معا من أجل شعبنا ووطننا، خاصة فئاته غير القادرة، ونأمل أن يشاركنا الشباب في تلك المبادرات، لكي نعزز التكافل الاجتماعي، ونرفع بعض العبء عن كاهل غير القادرين.

- ما الدور المنوط بأعضاء الهيئة العليا فى دورتهم القادمة من أجل الحراك الوطنى؟
يملى علينا الواجب الوطنى أن نتقدم بمبادرات وأفكار لإخراج الوطن من أزماته ومواجهة أى خلل، وأن نقدم ما يؤدى إلى إصلاح واسع وشامل، سيؤدي حتمًا إلى حراك وطني ضروري يطلق الطاقات الكامنة لدى المصريين في مشروع تنموي حضاري، يسهم في إعلاء مكانة مصر وتحسين مستوى المعيشة، والارتقاء بالخدمات التنموية، وفي مقدمتها : التعليم المتطور والخدمات الصحية المتميزة في ظل اقتصاد قوي، ومُناخ ديمقراطي يدفع أمتنا إلى الأمام.