غادة زين العابدين تكتب: الرقابة المفقودة على المحور

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

أين الكاميرات والرادارات المتطورة التى أعلنت عنها الإدارة العامة للمرور منذ أكثر من عام للحد من الحوادث وحماية الأرواح؟، أين جهاز الرادار الذى يسمى «ساهر» والذى يسمح بمراقبة السرعة حتى 8 حارات؟، وعلى مسافة تتجاوز 300 متر، ويقيس السرعة قبل وصول السيارة وبعد تجاوزها ويعمل ليلا بجودة عالية، ويلتقط الصور والفيديوهات للمخالفين؟.

ما يحدث على محور 26 يوليو يؤكد أن هذه الكاميرات والرادارات، إما أنها معطلة، أو أن طرق تحصيل الغرامات والمخالفات لا تحقق الردع الكافى للمجرمين المستهترين بحياة الناس.
السرعات فوق المحور جنونية، والحوادث لا تنقطع، والضحايا يتساقطون يوميا، قتلى أو مصابين، بالإضافة للتلفيات والخسائر للسيارات، وللطريق نفسه.

المخالفات على المحور لا يرتكبها السائقون فقط، فهناك أيضا مخالفات المشاة الذين يعبرون المحور بلا تردد، وهم واثقون من عدم وجود رقابة ولا عقوبة للمشاة.
منذ أيام عشت بنفسى تجربة مروعة على المحور، تؤكد عدم وجود أى رقابة على هذا الشريان الحيوى المهم، فعند منزل المحور من ناحية أكتوبر والذى تندفع فيه السيارات بسرعة هائلة، ظهر فجأة رجل يسير بعكاز مستندا على شاب صغير  يعبران بهدوء عرض المحور أمام السيارات المندفعة، ولم يكن أمام أول سيارة فوجئت بالرجلين سوى أحد حلين، إما دهسهما،أو الوقوف المفاجئ بفرملة مجنونة مع تحمل كافة عواقب السيارات المندفعة خلفها.

وتلقائيا تغلب الجانب الإنسانى، وأطلقت السيارة فراملها بعنف، ونجحت فى التوقف أمام الرجل مباشرة دون أن تمسه، لكن النتيجة الطبيعية هى اصطدام عدة سيارات خلفها، نالتها تلفيات فادحة بالإضافة لإصابة الركاب ومنهم أطفال، بكدمات وصدمات، وانهيارات، دون وفيات بستر الله وحده.

والغريب أن الرجلين لم يلتفتا لصراخ أصحاب السيارات، وواصلا سيرهما ليعبرا إلى الجانب الآخر، دون ظهور أى رجل من رجال المرور.
مخاطر المحور تتزايد خلال فترة الليل، فبالإضافة للسرعات الجنونية، فإن نصف المحور مظلم تماما، وأعمدة الإنارة مطفأة، بالإضافة لوجود عدة شاشات إعلانية ضخمة تعرض فيديوهات بألوان صارخة تشتت الرؤية والتركيز، أما ما يثير الدهشة، فهو وجود لافتة تحذر من وجود رادار على بعد 2 كيلو، ولا أعرف ما هو الهدف من هذا التحذير، وهل المقصود هو تنبيه السائق المتهور لمكان الرادار، حتى يتجاوزه، ثم يعود لرفع سرعته بأمان تام من عيون الرادار الشرير؟!

منع الحوادث ليس مستحيلا، ففى شوارع ومحاور التجمع وامتداد رمسيس تجربة مرورية ناجحة جدا، فالسيارات تلتزم بالسرعة المقررة، والرادارات متعددة، تحاصر الطرق يمينا ويسارا، وتصور السيارة من كل الاتجاهات، وأعمدة الإنارة مضاءة، والطريق آمن إلى حد كبير.

الحكومة الآن تبذل جهدا كبيرا فى سرعة إنجاز مشروع تطوير وتوسعة محور 26 يوليو، لتقليل الكثافة المرورية، واختصار الوقت، وربط مختلف المناطق، لكن نجاح هذا التطوير لن يكتمل، إلا بتوافر الأمن والأمان فوق هذه الطرق، ولن يتحقق ذلك إلا برقابة حقيقية، وعقوبات حاسمة، مع ضمان تنفيذها على الجميع بلا استثناء.